عشرون عاما مضت منذ توقيع اتفاق أسلو عام 1993 والقضية الفلسطينية في تراجع منقطع النظير، السيد محمود عباس لم يمل ولم يكل من محاولة إقناع الناس بمشروعه لفلسطين المحتلة. لقد سببت إدارته للشأن الفلسطيني فشلا ذريعا ففي عهد انقسم الفلسطينيين بين حركة فتح وحركة حماس، وانقسمت فتح أو في طريقها للانقسام بين محمود عباس ومحمد دحلان، والمستوطنات في توسع بسرعة تكاد تسبق الأيام، والقدس قد انتهت إلى أحضان الصهاينة وأصبحت الضفة الغربية مسرحا لجنود إسرائيل تقتل من تشاء وتعتقل من تشاء وحراس محمود عباس وقواته الأمنية يراقبون ما يفعل بهم وبأهلهم دون رد فعل، وكل يوم يسرح المستوطنون ويمرحون في ساحات المسجد الأقصى دون رادع ولم يجد عباس أمامه إلا دعوته لاجتماع مجلس جامعة الدول العربية في 9 / 4 في القاهرة على المستوى الوزاري لمناقشة ما توصلت إليه المفاوضات المتعثرة بين السلطة الفلسطينية “محمود عباس” ووزير خارجية أمريكا السيد كيري في شأن العودة إلى المفاوضات مع الطرف الإسرائيلي. السيد محمود عباس يعلم جيدا منذ توقيع اتفاق أوسلو في 13 سبتمبر 1993 أن المفاوضات مع إسرائيل غير مجدية وقد سمع بأذنيه قول إسحاق شامير رئيس وزراء إسرائيل الأسبق في مؤتمر “مدريد” “أننا سنفاوضهم عشرين عاما دون الوصول إلى نتائج” واليوم اكتملت المدة عشرين عاما وفوقها عام آخر والمفاوضات تجري بين الأطراف دون أي نتيجة تذكر
المجلس الوزاري العربي استمع إلى تقرير السلطة الفلسطينية عما يجري وأراد محمود عباس أن يلقي بالمسألة بين أيديهم كي لا يتحمل المسؤولية وحده في سلاسل الفشل المتواصلة منذ عام 1993. لم يقدم المجلس الوزاري العربي أي مشروع عملي لمواجهة التعنت الإسرائيلي على كل الصعد. كل الذي فعله الوزراء العرب الميامين في اجتماعهم ذلك أنهم ” حملوا إسرائيل مسؤولية ما يجري بسبب رفضها الالتزام بمرجعية عملية السلام وإقرار مبدأ الدولتين (..) وكلفوا رئاسة القمة العربية (الكويت) ورئاسة المجلس الوزاري (المغرب) وأمين عام جامعة الدول العربية بتقديم الشكر للدول التي أيدت الخطوة الفلسطينية بالانضمام إلى الأمم المتحدة بصفة مراقب، وكأن هذا الحدث أمر جلل. المجلس الوزاري ناشد الدول الأعضاء في تقديم الدعم المالي لدولة فلسطين وتفعيل شبكة الأمان.
الأمر الذي يشكل أعلى مراتب الاستغراب أن المجلس الوزاري العربي آنف الذكر توجه بالشكر للحكومة المصرية على ما قدمته من جهود تجاه الفلسطينيين. كنت أتوقع أن يتضمن البيان الوزاري العربي انتقادا للحكومة المصرية على معاملتها للفلسطينيين المسافرين عبر أراضيها إلى قطاع غزة أو الخروج منه إلى حيث يقصدون. كنت أتوقع أن يصر المجلس الوزاري العربي على رفع الحصار عن قطاع غزة من قبل مصر عضو الجامعة العربية ومقرها الدائم. كنت أتوقع من مجلس الجامعة أن يعيد قرار مقاطعة إسرائيل إلى حيز التنفيذ. والحق أن المجلس الوزاري خيب آمالنا تجاه القضية التي اجتمعوا لمناقشة أمرها.
(2)
في الدول العربية مساع للتطبيع مع إسرائيل سرا وعلانية وعلى كل الصعد وفي أوروبا مساع لمقاطعة إسرائيل اقتصاديا وعلميا، أن تلك المساعي أقوى وأعظم تأثيرا من جامعة الدول العربية وقراراتها وتوصياتها، في بريطانيا مثلا قاطعوا الشركات التي تبيع منتجات مصدرها المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية كما قرر اتحاد الجامعات والمعاهد (يو. سي. يو) كبرى نقابات التعليم العالي في بريطانيا الذي يضم في عضويته أكثر من 120 ألف منتسب مقاطعة الجامعات الإسرائيلية تضامنا مع الشعب الفلسطيني.
حكومة النرويج قررت سحب استثماراتها من 44 شركة إسرائيلية منها شركة تنتج طائرات من دون طيار وحجتهم في ذلك أنها تستعمل في عمليات قتل واغتيال الفلسطينيين وتصنع أجهزة إنذار تستخدم في جدار الفصل العنصري في الضفة الغربية. تشير المصادر السياسية في تل أبيب أن هذه القرارات جاءت نتيجة لضغط مؤسسات المجتمع المدني في النرويج والنقابات المتعددة واتهام الحكومة النرويجية بتمويل عمليات القتل ضد الفلسطينيين. لم يقتصر الأمر على النرويج وبريطانيا ولكن أيضاً بعض الجامعات في أمريكا ودول أخرى.
(3)
السلطة الفلسطينية بقيادة محمود عباس تطلب من الدول العربية تمويلها شهريا بمبلغ 100 مليون دولار، السؤال الذي يطرح نفسه هنا إذا كانت قوات الأمن التابعة للسلطة في الضفة الغربية لا تستطيع أن تمنع جنود جيش الاحتلال من دخول المدن واختطاف من تشاء وقتل من تشاء من أبناء الضفة الغربية فلماذا الإنفاق على هذه القوات، وإذا كانت لا تستطيع جمع الضرائب من المواطنين على الخدمات وتقوم إسرائيل بجمعها نيابة عن السلطة، وإذا كانت تتلقى السلطة معونة أوروبية وغيرها لقطاع الكهرباء والماء عن طريق إسرائيل وأن السلطة تحتفظ بأرصدتها في البنوك الإسرائيلية فلماذا وزارة المالية بموظفيها؟ أريد أقول الضفة الغربية قانونيا هي محتلة من قبل إسرائيل وأن قوة الاحتلال مسؤولة عن أمن المواطنين تحت الاحتلال وعليها أن تيسر لهم التعليم والصحة وغير ذلك من الخدمات والإمدادات والتموين ولا تحتاج السلطة إلى التسول في عواصم العالم العربي.
آخر القول: يجب حل السلطة وتحميل إسرائيل مسؤوليات دولة الاحتلال والعودة إلى برنامج مقاومة الاحتلال بكل الوسائل.
د.محمد صالح المسفر/العرب يطبعون مع إسرائيل والغرب يقاطعون
15
المقالة السابقة