عروبة الإخباري – سلطان الحطاب – تعيش ليبيا الان فوضى اعادتها الى مرحلة ما قبل الدولة ولم تعد سوى مساحات مترامية من الارض يعيش فوقها مواطنون ليبيون يفتقرون الى سلطة تنظم حياتهم وتحافظ على مواردهم ومكاسبهم ومستقبل اجيالهم . والسؤال ماذا بعد .. وماذا لو قامت قوى خارجية بالاعتداء على ليبيا او احتلالها ؟ اليس هو القانون الدولي واعرافه والتزام دولة هو ما يمنع ذلك وليس منعة الليبيين التي تمزقت وتراجعت بفعل الفوضى التي لم تكن خلاقة . والتي وصلت حداً لم تصله اي دولة اخرى ..
ليبيا الان تقتل السفراء وتخطفهم وتخطف اي ممثل يجري اختياره بالتوافق او حتى الاجماع ، فقد جرى خطف رئيس وزراء قبل ان يهرب وجرى قصف وزارة الخارجية واحتلالها واحتلال البرلمان . ولم يعد في ليبيا شيء مقدس او مصان او محمي . فالتطرف هو الذي يقرر والاحتكام للسلاح هو المعمول به ..
كنت اعلق للتلفزيون المصري على خطف السفير فواز العيطان وهو سفير نشيط ومن افضل السفراء الاردنيين وقد مضى عليه في موقعه اكثر من سنتين ومازلت اذكر انني التقيته بعد تعيينه مباشرة في طرابلس ليبيا حين استقبل رئيس الوزراء عون الخصاونة الذي زار طرابلس على رأس وفد اردني عالي المستوى . وقد شرح العيطان الحالة الليبية انذاك وتداخلاتها رغم انها كانت حينئذ افضل حالا مما هي عليه اليوم فالمليشيات المسلحة هي التي تسيطر ويومها كانت احداها تسيطر على المطار وسيطرتها كانت سببا في تاخر وصول رئيس الوزراء الليبي الكيب عن وصوله لاستقبال رئيس الوزراء الاردني وحين كنا نخرج من المطار استلمتنا مليشيا اخرى وثالثة في الفندق وهكذا وقد كان العيطان يعرف ذلك ويدرك ذلك فالرجل خبير في الشؤون الليبية وقد فوجئت بخطفه ومرافقيه وجرح سائقه الذي لا اعرف ان كان ليبيا ام اردنيا ..
باختصار خطف السفير الاردني في ليبيا مؤشر سلبي مزعج فالاردن كان من اوائل الدول التي فتحت ابوابها لاحتضان الاخوة الليبيين الذين توافدوا بالالاف الى المملكة بحثا عن فرص العلاج والتعليم وحتى السياحة وقد احدث قدومهم العشوائي وغير المنظم مشاكل عديدة سيما وان اكثرهم لم يسدد التزاماته للمستشفيات ولم يدرك مخاطر احداث الفوضى في المؤسسات العامة والمتستشفيات فقد قامت اعتداءات على ممرضين واطباء وقد راعى الاردن ظروفهم وحالات التحول التي يعيشونها بعد انقطاع عن العالم الخارجي لاكثر من عقد من الزمن ..
كان سؤال الفضائية المصرية ان اعتقال العيطان ربما جاء على خلفية اعتقال الاردن لليبيين وان من اهداف الخاطفين التفاوض للافراج عن هؤلاء المعتقلين ..
ما اعلمه انه ليس هناك سجناء ليبيين سياسيين او سجناء راي لا من المعارضة او الموالاة . لا من النظام السابق او حتى ممن هم في التكوينات السياسية فصورة ليبيا بعد الثورة لم تتبلور ولم تتحدد وقد كنا التقينا الكثير من التيارات الليبية هنا في عمان واستمعنا لها وكانت ترى في الموقف الاردني موقفا محايدا ونزيها وساعيا الى وحدة الليبيين مواطنين وتراب وطني واذا كان هناك سجناء في الاردن فهم معتقلون على خلفيات جنائية وجرائم ديون وسرقة واعتداء ومخالفة قوانين واعتداء على اطباء ومرافق عامة وهؤلاء لا يستبدل سجنهم بخطف السفير لو كان هناك دولة في ليبيا ..
مازال الاف الليبيين في الاردن لم يمسوا ولم يقع عليهم اي اعتقال او مطاردة حتى بعد اعتقال السفير الاردني فالاردن يتصرف بحضارية وبالتزام ويرى ان هناك اساليب عديدة للافراج عن سفيره الذي نامل ان لا يتاخر اطلاق سراحه وان يكون هناك موقف مساعد من كثير من الاطراف الليبية والدولية والاقليمية للاسراع باطلاق سراحه وسد هذه الثغرة الخطيرة التي تشير الى صعوبة وجود بعثات دبلوماسية آمنة في ليبيا ..
وكان السفير الليبي السابق في عمان الدكتور محمد البرغثي قد حذر من استمرار تفاقم الاوضاع في ليبيا واشار الى ان النتائج ستكون سلبية اذا ما استمرت هذه الفوضى .