تقع على النظام السوري، في هذه المرحلة، اعباء الإعداد لفوز حليفيه في محور الممانعة في لبنان والعراق في الانتخابات الرئاسية في الأول والبرلمانية في الثاني. وليس فقط الصمود في وجه المعارضة المسلحة والضغوط السياسية، والوصول الى اعادة التمديد لرأس النظام في عملية «هزلية – ديموقراطية»، وتكرار اعلان الانتصار على «المؤامرة».
قدم حليفا النظام السوري في محور الممانعة في لبنان وسورية، وبدعم مطلق من ايران، كل المساعدة الممكنة خصوصاً على الصعيد العسكري، الى حد انهما ادخلا احياناً كثيرة تغيراً على ميزان القوى على الأرض، ما اتاح للنظام ان يستعيد مناطق ذات اهمية استراتيجية سقطت في يدي المعارضة. وبررا هذا التدخل العسكري السافر بأخطار قادمة من سورية قد تنتقل الى لبنان والعراق، ما يهدد هيمنتهما على شؤون البلدين وما قد يهدد ايضاً مصير الانتماء الى محور الممانعة في البلدين.
ولذلك كانت التبريرات لدعم النظام السوري، من النظام العراقي والميليشيات الشيعية العراقية و»حزب الله» اللبناني، تتخذ طابع المعركة المصيرية بالنسبة الى القوى المهيمنة في البلدين. وهي معركة تتخذ وجهتها في لبنان، عبر الانتخابات الرئاسية المقررة الشهر المقبل، وفي العراق عبر الانتخابات البرلمانية المقررة بعد اسبوعين.
ففي لبنان، تتحدد نتيجة الانتخابات الرئاسية في ضوء دفتر الشروط الذي وضعه «حزب الله». وتلعب التطورات الميدانية السورية وتوقعات الاتجاه الذي يمكن ان تتخذه المعارك العسكرية في سورية دوراً كبيراً في مدى اضطرار المرشحين للرئاسة الى التزام هذه الشروط، وحتى رفضها في حال بدا ان النظام السوري يواجه مأزقاً سياسياً او عسكرياً.
وفي العراق، تتحدد المعركة الانتخابية في ضوء قدرة نوري المالكي على التمديد لولاية ثالثة، وهي القدرة التي يعتقد انه سيملكها من خلال التصعيد الأمني الداخلي ضد المكون السني، كما يحصل في الأنبار وغيرها، من خلال اجتذاب الصوت الشيعي. وذلك عبر تقديم نفسه كمنقذ من الأخطار الداخلية وتلك القادمة من سورية وبفعل الحرب فيها. وفي مقدار ما يتقدم النظام السوري على الأرض، يعتبر زعيم حزب «الدعوة» ان حجته في الدفاع عن الشيعة تزداد قوة، ليضمن الولاية الثالثة.
وفي هذا المعنى، يصبح التصعيد الميداني في سورية اداة في المعركة الداخلية لحليفي النظام في العراق، للمالكي وأنصاره من ميليشيات تابعة لـ «فيلق القدس»، وفي لبنان، «حزب الله» وأنصاره. وفي مقدار ما يحقق النظام السوري، خصوصاً بفعل الدعم والمساعدة من الحليفين العراقي واللبناني، يمكن توظيف هذا التقدم في السعي للتمسك بالهيمنة السياسية في البلدين.
اي انه قد يكون مطلوباً من النظام السوري، في المرحلة الحالية من المواجهة التي يخوضها محور الممانعة، ان يستجيب لمتطلبات التعبئة والتحريض في المعركة الانتخابية لحليفيه في العراق ولبنان. وذلك عبر توسيع جبهات القتال وتأجيجها من جهة، والدفع بكل قوة ممكنة من اجل انتزاع تقدم ميداني، بما ينعكس تضعضعاً سياسياً ومعنوياً لخصوم حليفيه في بلديهما. اي ان المعارك الحالية في سورية، هي في الوقت نفسه رافعة للمعركة الداخلية لضلعَي الممانعة في العراق ولبنان. ونتائجها تنعكس على مواقعهما وتحالفاتهما الداخلية. وهذا ما يعول عليه المالكي لإبقاء ائتلافه في الحكم، وأركان «حزب الله» في فرض رئيس يستجيب دفتر شروطه لحكم لبنان.