جمعتني الزمالة المهنية بالصديق العزيز الدكتور خالد عبدالقادر شمس أستاذ علم الاقتصاد في الجامعة في مكتبه. قلت له: لا حديث يجري في خليجنا العربي هذه الأيام إلا حديث الخلافات الخليجية الخليجية وانقسام مجلس التعاون إلى فريقين كل له ثقله في السياسة العربية والدولية، وأن الهجمة على دولة قطر وقياداتها السياسية عنيفة وأن المستهدف في نظري هو النيل من القيادة الشابة في قطر بقيادة سمو الأمير الشاب الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد وصرفها عن أهدافها في النهوض بقطر علما وصحة ورفاهة اجتماعية والتحليق بها في معراج الدول المتقدمة.
سؤالي كيف ترى الحال وإلى أين تسوقنا الأقدار في الخليج العربي؟
استوى في أريكته كما يفعل العلماء عند تناول المواضيع الشائكة بين تلاميذهم ومريدي مجالسهم العلمية وراح يطلق عنان بصره حول ما يحيط به من كتب ومراجع علم الاقتصاد وكأنه يتشاور مع أساتذة العلم المرصوصة أفكارهم على امتداد حيطان مكتبه. بصوته الرخيم وبهمس العلماء الواثقين قال: لا تقلق،” الأقدار ماضية.. ماضية لترسخ صورة استقرّت في ناصية قادة دولتنا الحبيبة قطر منذ تأسيسها، لتمضي قطر في طريق عزتها وثباتها وشموخها وعلوها. وهذه الصورة مبنية على ركيزة وهي: أن قيادتنا الحكيمة والتي تمثلت منذ تأسيسها على يد الشيخ جاسم بن محمد آل ثاني (1826ــ1913) ومرورا بالشيخ حمد الأمير الوالد أمير التحديث والبناء ثم الشيخ تميم حفظه الله ورزقه البطانة الصالحة التي تعينه على حمل الأمانة، أمانة الحكم الرشيد، إنهم آل ثاني حملة راية نصرة الحق من بني تميم الذين تحدث عنهم الرسول صلى الله عليه وسلم خاصة مع اقتراب “دنو الساعة”.
قلت: الساعة علمها عند ربي ولا يعلم سواه. الساعة عندي ليست في الأساطير إنها تعني عندي نهاية الإنسان الفرد، وانتقاله إلى الرفيق الأعلى، بمعنى لكل إنسان ساعته، ولكل نظام حكم ساعته، ولكل إمبراطورية ساعتها أي نهايتها ولا أريد أن نلج في حديث فلسفي غيبي يخرجنا عما نحن بصدده.
سألت الدكتور خالد كيف ترى الصورة اليوم في الخليج العربي؟ وكان قوله: “انقسامات جديدة.. تحالفات جديدة.. ثم فوضى في كل مكان”. والحق أنه توصيف دقيق لحالنا في الخليج العربي. إن الصورة العامة في الخليج شاهد على دقة التوصيف.
فلا توجد دولة خليجية من دول مجلس التعاون خالية من القواعد العسكرية الأجنبية المدججة بأحدث أنواع السلاح، لا توجد دولة من دول المجلس ليس بينها وبين أكثر من دولة أوروبية اتفاقيات أمنية ودفاعية، تركيبة سكانية مخيفة في معظم دول مجلس التعاون يحيط بها ثلاث دول نووية وأخرى تتكاثر محطاتها النووية على الشواطئ الشرقية للخليج العربي دون رقيب وهي تسير بخطوات جادة نحو الدخول في معراج التسلح النووي.
يقول الدكتور خالد عبد القادر في إطار تأمله حال الخليج العربي: قطر دولة خليجية حباها الله بثروة عظيمة وحكومة واعية بما يحيط بها رشيدة في تدبر أمرها فأصبح لها شأن مؤثر على الساحة العربية والدولية، وإن كان نهجها السياسي والإعلامي مزعجا لبعض أطراف محيطها الرسمي إلا أن ذلك النهج يكتسب شعبية ومكانة عالية بين الناس في كل الأرض العربية. وراح الدكتور خالد يضيف إلى ما قال حول الدور الذي تقوم به القيادة السياسية القطرية، في السودان الشقيق عملت دولة قطر وتعمل على إيجاد حلول للنزاعات المتعددة في دار فور وغيرها من المناطق التي يوجد فيها توترات بين حكومة السودان وأطراف سودانية معارضة ووصلت إلى حلول مرضية لكل الأطراف السودانية، أقامت مشاريع تنموية في مجال الآثار والزراعة والإعمار السياحي. وقدمت معونات مالية للبنك المركزي لتدعيم احتياطه من النقد الأجنبي كي لا تنهار العملة السودانية وقد شهد بتلك الجهود كل السودانيين على اختلاف توجهاتهم السياسية، أستطيع القول إن قطر تمكنت بجهودها السياسية والمالية من إيقاف الحرب في ولاية دارفور. هذا الدور كان من المفروض أن تقوم به جمهورية مصر العربية من عهد حسني مبارك. المخلوع ومن أتى بعده. أيضاً كان المفروض أن يقوم بالدور معمر القذافي إبان حكمه ولكن مع الأسف كانوا أكثر تآمرا على الاستقرار في السودان.
لم تتردد دولة قطر في تقديم الدعم التنموي في مجال التعليم والصحة والسياحة لليمن الشقيق وحتى التوسط لحل النزاعات التي كانت بين صنعاء وصعدة في عهد علي عبدالله صالح ومشروع “صلاتك” الذي تشرف عليه سمو الشيخة موزا بنت ناصر حرم سمو الأمير الوالد شاهد على ما يفعل بيت آل ثاني، فوق هذا تحملت تكاليف مد طرق على أحدث الأنظمة بين عدد من المدن والقرى اليمنية، وما برحت الجهود تبذل لمساعدة أهل اليمن.
يقول الدكتور خالد شمس أستاذ علم الاقتصاد في جامعة قطر: أستطيع أن أقدم لك الكثير جدا لما تفعله قطر دون منة على أحد، كان لها الدور الريادي في إصلاح الخلافات بين القيادات السياسية في لبنان وقامت بإعمار الجنوب اللبناني الذي دمرته الحرب الإسرائيلية ودورها البناء في القرن الإفريقي واقع مشهود لكل ذي بصر.
لهذه الأسباب وأكثر دبت الغيرة أو الكراهية لدولة قطر من بعض جيرانها لأنها قامت بما لا يستطيعون أو لا يريدون القيام به تجاه تلك الدول الشقيقة.
يؤكد الدكتور خالد عبد القادر شمس أن الحملة الإعلامية الظالمة التي تشن على قطر قيادة وشعبا هذه الأيام إنما هي دليل على عجز الآخرين عن القيام بما تقوم به قطر تجاه الأمة العربية والإسلامية ويذهب إلى القول: نحن الشعب القطري علينا دور يجب أن نؤديه تجاه قيادتنا بتعزيز الجبهة الداخلية عن طريق الإخلاص في العمل وإعلان الحرب على الشائعات وسد كل الثغرات التي يريد الحاقدون علينا فتحها للنيل من عزتنا وكرامتنا نحن القطريين بقيادة أميرنا سمو الشيخ تميم وأهله آل ثاني.
آخر القول: الحرب الإعلامية الظالمة على أهل قطر تجعلهم أكثر تماسكا وأشد التزاما بالمواقف التي يرفضها الآخرون.
د.محمد المسفر/حديث مع الدكتور خالد عبد القادر شمس عن مجلس التعاون
28
المقالة السابقة