قام سمو أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني بعد توليه مقاليد السلطة في دولة قطر بزيارة إلى المملكة العربية السعودية للالتقاء بالقيادة السعودية. كان من بين أهداف الزيارة إلى جانب تقوية العلاقة بين الدولتين الشقيقتين التعرف عن قرب على السياسة الخارجية للمملكة في المجالين العربي والدولي وخاصة في القضايا المشتركة تجاه القضايا الإقليمية من أجل التنسيق بين الطرفين في تلك الشؤون. جرت تلك الزيارة في أجواء من المودة والترحيب وراح سموه يشرح لهم مواقف إدارته تجاه القضايا العربية الساخنة منها الموقف من أحداث سوريا وأكد سموه تطابق الموقفين القطري والسعودي في هذه المسألة وأنه لا تبديل ولا تغيير وعلى الدولتين قطر والسعودية دور لا بد أن يؤديانه تجاة القضايا العربية على كل الصعد.
لقد كانت الخطوة الأولى لسموه نحو الرياض تقديرا منه لمكانة المملكة ولدورها في القضايا العربية والدولية. كانت الخطوة الثانية للشيخ تميم أمير دولة قطر نحو بقية دول الخليج العربية واحدة تلو الأخرى. كل هذه الزيارات لم تحرك ساكنا لم تنل حظها من الإعلام الخليجي والعربي على وجه العموم.
عندما قام سموه بزيارة إلى المملكة الأردنية الهاشمية في الأيام الماضية تبارت الأقلام في شرح أهداف تلك الزيارة، منهم من قال إنها زيارة مفاجئة قام بها الأمير تميم طالبا من جلالة الملك عبد الله الثاني التوسط لحل سوء الفهم بين الرياض والدوحة، والبعض الآخر قال إن تلك الزيارة هي محاولة لإقناع الملك الأردني كي لا يسحب سفيره من الدوحة تمشيا مع رغبة السعودية وهناك من قال بغير هذا وذاك، والحق، أن سمو أمير دولة قطر الشيخ تميم لم يتطرق في زيارته لأخيه الملك عبد الله الثاني لأين مما قيل في وسائل الإعلام عن تلك الزيارة والتي كان هدفها الأساسي في اعتقادي هو رد للزيارة التي قام بها ملك الأردن لقطر مهنئا الشيخ تميم بتسلمه مقاليد الأمور في الدوحة إلى جانب مناقشة القضايا المشتركة بين الدولتين الشقيقتين.
( 2 )
لقد انشغل أصحاب الأقلام المأجورة في بعض الدول العربية وخاصة إعلام مصر بإعطاء تفسيرات خيالية سلبية عن طبيعة زيارة أمير دولة قطر الشيخ تميم للسودان الشقيق فمنهم من قال إنه ذهب إلى السودان لكي يقنع الحكومة السوداني باستقبال قيادات الإخوان المسلمين بعد إخراجهم من الدوحة وأن قطر ستتحمل نفقات إقامتهم هناك. وراح بعض أصحاب الأقلام المأجورة في مصر وبعض الدول المشرقية يفسرون المليار دولار التي أودعت البنك المركزي السوداني ـــ لمساعدته في التغلب على ندرة القطع الأجنبي والمحافظة على سعر الصرف للعملة السودانية – إنما أودعت لصالح الإخوان المسلمين علما بأن المليار دولار المعنية هي القسط الثاني المتفق عليه بين الدولتين منذ زمن أجزم أنه قبل حلول الربيع العربي في بعض العواصم العربية.
( 3 )
لا جدال بأن هناك حملة إعلامية شرسه ضد دولة قطر لا لعلة اقترفتها وإنما لأنها صاحبة دور مستقل في القضايا العربية والدولية، فموقفها في الشأن المصري واضحا وضوح الشمس في قلب السماء سياستها الخارجية تجاه مصر ثابتة لم تتغير أنها مع إرادة الشعب المصري وما يقرره في شأن مصر، وقفت قطر مع الشعب المصري في ثورة 25 يناير ولو لم يكن الإعلام القطري “الجزيرة” فاعلا لأجهضت الثورة واغتيل الشعب المصري على يدي بلطجية نظام حسني مبارك، أيضا وقفت مع المجلس العسكري بقيادة الفريق طنطاوي بعد تنحي حسني مبارك تحت ضغط الشعب المصري وقدمت كل ما تستطيع من أجل استقرار مصر في ذلك العهد، وعندما انتخب الشعب المصري قيادة مدنية يرأسها الدكتور محمد مرسي وقفت إلى جانب رغبة شعب مصر، وعندما حدث الانقلاب العسكري في مصر في (3 / 7) كان عندها قناعة بأن ما حدث ليس رغبة الغالبية من شعب مصر ـــ على الرغم من القول بأن 30 مليون مصري خرجوا يطالبون السيسي بإسقاط الرئيس المنتخب ـــ فوقفت إلى جانب إرادة الأغلبية ووقفت مع الاتحاد الإفريقي والمجتمع الأوروبي وأمريكا تجاه التغيير والطريقة التي تم بها .
الملاحظ أن كثيرا من الصحفيين أو المتسلقين على أسوار الصحافة لم يتناولوا مواقف أمريكا وأوربا والاتحاد الإفريقي من الوضع القائم في مصر لسبب واحد أن هذه الدول لن تدفع فلسا واحدا لأي صحفي كتب ضد أو لصالح الانقلاب العسكري . أما دولة قطر وقيادتها فمن يتناولها بالذم والشتائم اللا أخلاقية من المشتغلين بالأعلام سيكون من الرابحين ماليا ولوقت قصير لأن هناك دولا ستدفع لهم أجر ما فعلوا . أريد تنبيه تلك الفئة الإعلامية المرتزقة بأن حكام الخليج سيتصالحون في الأجل القريب وعندئذ تكونون من المنبوذين.
( 4 )
يمكن القول بأن الهجمة الإعلامية غير الأخلاقية على دولة قطر وقياداتها لم يثنها عن القيام بما يجب عليها أن تقوم به تجاه أهلنا في سوريا الحبيبة ولبنان. فعملت بكل جهد لإطلاق سراح العديد من اللبنانيين والسوريين الذين كان يحتجزهم نظام بشار الأسد أي ما يعرف “اتفاق إعزاز” وكذلك عملت قطر بكل جهودها لإطلاق سراح الراهبات من أيدي خاطفيهم والتي تعرف تلك العملية “بعملية معلولة” وما برحت حكومة قطر تعمل بكل الوسائل لإطلاق سراح المطرانين المختطفين في سوريا. وفي هذا الإطار لا بد أن نسأل الثعابين الإعلامية من من الحكام العرب قام بمثل ما تقوم به قطر تجاه الأسرى والمخطوفين دون تمييز طائفي أو عرقي أفتونا يا إعلامي الدرهم والدولار في هذه المسألة.
آخر القول: لا بد للحق أن ينتصر، ولا بد من أن تتكشف الحقائق لاحقا عما يفعل بعض الحكام العرب تجاه بعضهم وبعض وتجاه شعوبهم.
محمد صالح المسفر/الأمير تميم يزور عواصم عربية
17
المقالة السابقة