الأرقام ومعدلات البطالة والفقر والتضخم والنمو …معظمها بعيدة عن الواقع المعاش في البلاد، والسبب أن مدخلات معينة من حيث العينة المختارة والمكان والزمان يحددان بدرجة كبيرة مخرجات المسوحات والاستطلاعات والدراسات، لذلك نجد نتائج دراسات البطالة انخفضت قبل اشهر بينما لم نجد تفسيرا لهذه النتائج، والأهم من ذلك ان الاقتصاد الاردني يشهد عرضا كبيرا في سوق العمل مع دخول عمالة وافدة جديدة بخاصة مع لجوء مئات الآلاف من السوريين الى المملكة، ووجود نحو 800 الف عامل وافد من مصر، وعمالة وافدة متنوعة من دول عربية واجنبية.
من حق الباحث أن يطرح اكثر من سؤال حول مدى صدقية البيانات ونتائج الدراسات والمسوحات…ونتائج ارقام البطالة التي انخفضت الى مستويات مريحة تحتاج الى توضيح، فالاقتصاد الاردني يعاني من الركود والتباطؤ، فما أسباب انخفاض البطالة؟، هل ولّد القطاعان العام والخاص الآلاف من فرص عمل جديدة التقطها الاردنيون الباحثون عن العمل؟، وما انعكاسات دخول قوة عمل جديدة ماهرة تقبل بأجور اقل ( السورية) على سوق العمل المحلي؟، وهناك اسئلة كثيرة تطرح في هذا المجال تبحث عن اجابات من المسؤولين حول واقع سوق العمل المحلي حاليا، وتجدر الاشارة الى ان الحقائق المعاشة لا يمكن إدارة الظهر لها.
وفي نفس الاتجاه فإن ارقام التضخم ربما تراعي دقة ارتفاع او انخفاض النسب المئوية دون الافصاح عن مكونات الرقم القياسي لتكاليف المعيشة، فالعدل أن يتم تقديم أكثر من دراسة للرقم القياسي لتكاليف المعيشة العام، وارقام تفصيلية تضم السلة الاكثر اعتمادا بالنسبة للفقراء ومتوسطي الحال حتى نعرف الى أين نسير؟ والى أين وصلت احوالنا المعيشية؟، حتى لا يقال ان الارقام الصادرة عن دائرة الاحصاءات العامة لا صلة لها بالواقع المعاش في البلاد.
ومن الأمثلة الجديدة …ان الرقم القياسي لتكاليف المعيشة ارتفع الى 3.1% في نهاية شهر شباط الماضي بالمقارنة مع نفس الشهر من العام الماضي، واذا صدقت تلك الارقام لابد من الإفصاح عن مكونات سلة السلع والخدمات المعتمدة اولا، ومراعاة ان الارتفاع جاء بعد سلسلة ارتفاعات شاهقة ثانيا، وبصورة ادق يأمل المراقب والباحث إجراء دراسات توضح اثر الغلاء المتراكم خلال السنوات الثلاث الماضية، يترافق ذلك مع معدل ارتفاعات الأجور حتى نعرف الى اي مدى تآكلت القدرة الشرائية للمواطنين، وهذا يسهل على صاحب القرار وضع الأولويات في اية قرارات مالية وضريبية جديدة.
هناك اسباب داخلية لارتفاعات الاسعار، وهناك اسباب خارجية ( تضخم مستورد) يضاف الى ذلك تقلبات اسواق الصرف، وان نتائج الدراسات يجب ان تخدم القرار العام وصولا الى قرار الفرد لتحديد اتجاهاته…نحن بحاجة ماسة لدراسات منصفة شفافة وارقام عادلة بعيدا عن تخدير الناس بأرقام ونسب لا تقدم ولا تؤخر