عروبة الإخباري – كتب الامير حسن بن طلال – في الشهور الأولى لعام 2014 وفي خضم الأزمة الأوكرانية تأتي الذكرى المائة لإندلاع الحرب الأهلية في أوروبا التي تنافس فيها الأوروبيون بشكل مستميت فيما يعرف بالحرب العالمية الأولى. في حين أن هذه الحرب الكبرى تلوح بعيدا في الذاكرة الغربية إلا أنها تبقى بارزة في الذاكرة الثقاقية لشعوب غرب آسيا و شمال أفريقيا
ومازلنا نعيش عواقب التدخل الأجنبي عقب الحرب العالمية التي رسمت حدودا جديدة فشلت في استيعاب الترابط الإقتصادي والإجتماعي والبيئي للشعوب العربية في بلاد الشام. الأمر الذي يأخذنا إلى الجدل الحالي بين روسيا من جهة و الغرب من جهة أخرى , و كما جرت العادة فإن الشعبين الأوكراني والسوري يقاتلان ويعانيان, ما يذكرنا بالعقلية الإستعمارية المظلمة في القرن الماضي حيث أن القوى العظمى لطالما تجاهلت التطلعات القومية التي تهدد هيمنتها .
وتزامنا مع احتفاء الصحافة الغربية بمئوية الحرب العالمية الأولى فإنه تجدر الإشارة إلى ذكرى الثورة العربية التي أنتجت الوعي القومي العربي والتي تحتفل بقرون من الحضارة العربية واللغة و الثقافة.
خرجت النهضة العربية للضوء في أواخر القرن التاسع عشر و نتج عنها المجلس العربي الأول عام 1913 حيث كانت صحوة فكرية تطالب بالوحدة العربية والإستقلال في الأيام الأخيرة للإمبراطورية العثمانية في المنطقة.
لقد تحلى أسلافنا بالأمل والشجاعة ووثقوا بوعود الضابط البريطاني لورنس بإقامة دولة عربية لا حدود بينها مبنية على مبادئ ويلسون في الحق لتقرير المصير و معترف بها في المجتمع الدولي , و لكن ما حصل كان مغايرا فقام حلفاؤنا الإنجليز والفرنسيون بحكمنا لعدة عقود داعين للطائفية و التناحر بيننا داخل حدود فشلت في تحقيق التوافق الإقتصادي و العرقي و البيئي .
وقسمت اتفاقية سايكس بيكو سيئة الصيت غرب آسيا بين الإنتداب البريطاني والفرنسي مما أدى إلى إلغاء حركة النهضة العربية الوليدة .
وحتى يومنا هذا ما زال العالم العربي يعاني من نقص في التماسك , نقول بكل فخر أن اللغة العربية هي واحدة من اللغات الست في الأمم المتحدة، ولكن كمنطقة – كبلدان فردية للأسف لا يوجد تماسك حيث أن الإنقسام الحالي في سوريا يعمل فقط على تغذية الطائفية المتنامية و التي كما لاحظت مارغريت ماكميلان في كتابها الرائع ‘الحرب التي أنهت السلام’الذي يتناول الحرب العالمية الأولى.
على الرغم من أن بلدي الأم الأردن يتألف من 6.5 ملايين من السكان و ليس كلهم أردنيين فحسب إنما مئات الآلاف من الفلسطينيين والعراقيين والمصريين وحاليا العديد من السوريين , فإن الأردن الذي لطالما رحب بالنازحين العرب يواجه تحديات تقف أمام وحدته الثقافية، بدلا من رفض الحدود المرسومة بفضل سايكس-بيكو التي تقف عائقا أمام هويتنا العربية المشتركة فإن كل الأحاديث السياسية هنا عن من هو حقا من أصول أردنية