عروبة الإخباري – تحيلنا الرواية الجديدة للكاتبة نردين ابو نبعة «رب اني وضعتها انثى» الى امرين مهمين اولهما الخروج من مرحلة الى اخرى تتغير فيها اللغة وتتجدد مثلما يتسع فضاء دلالاتها الرمزية.
تبدو في الرواية قدرة الروائية في بناء النص برصد اجتماعي عال تمنح الرواية توهجه حيث بدت ابو نبعة صانعة ماهرة تحاور العناصر الاجتماعية وتفجرها قتلا للتشابه وفهم ما يحدث فقط من اجل الطبيعة التجريدية لما يحدث وما سوف يأتي وعلى هذا النحو تبدو الروائية رائياً لا معبراً (في روايتها) عن اشياء لا حاجة لها بها فقط هي تقفز النص وتفقده سرده وامكانات الحلم في ارجائه المختلفة عبر تأليفات فريدة تجنح في الخيال وتبيح مجانية الفعل لتشكل هيئة عناصرها بل تؤلف بينها املاً في الدهشة والذهول والارباك وهي من سمات النص الحديث.
ارادت الروائية نردين ابو نبعة في هذه التجربة أن تشرك القارئ المتلقي حتى يكون طرفاً: ذائقة وتقبلاً ونقداً واكثر من ذلك ليقحمه عنوة في سياق منعطف مخصوص مثلما ارتكبت المغامرة بما تعينه من تفكيك وبناء وتجاوز وهذا يحسب للروائية ان تفاجئ الاخر كأن تفوت عليه ما حدث من اعتمالات حتى لا تقحم انتظاراته في امور لا حاجة له بها وتكتفي بالمرحلة التي تقصدها من هذه الكتابة أي الجزء الغنائي الشعبي تاركة جوادها يورق الريح في محاولة لفهم ما يحدث وبأنها في هذا المقطع السردي فقط أي السرد الغنائي.
ولم تستطيع الروائية رغم بعض «الرتوشات» الخروج من دائرة الكتابة التقليدية للرواية التي انطلقت منها اي بين الرواية التقليدية والرواية المشاكسة وهي متحررة من فخاخ التقليد.
يكاد النص يتحول من حالة التقليدية الى حالة حداثية متوسلة باستعمالات تعودنا ورودها في غير النص الروائي او هي تنتمي الى قاموس عصري يجد في النص مخبأ الى حين فلا هو يتجانس معه ولا النص يستوعبه فيثني عليه او يضعه الى عالمه.
من الواقع المشهدي الصوري هذه المحاولة ستصطدم بامر غاية في الخطورة لا يمكن النفاذ اليه الا باقتراض معطى نفسي يقود الروائية الى الكتابة، يستقر راي الروائية سواء في خصوص النص الذي تكتبه او في خصوص الواقع الذي تعيشه فهي على قناعة بان «ما سوف يأتي قد جاء فعلا في شكل ما» انه الاستقرار على الشيء بذاته التفكير ذاته الايمان نفسه بدائرية الزمن وبلولبية الافكار ما يمضي منها سيعود مرة اخرى بنفس الشكل الذي يعوق تقدم هذه المحاولة النصية الروائية.
وطبيعي ما دامت الروائية تتغذى بفكر طبيعي ووجودي ساكن قار غير متحول ان يأتي نصها على هيئة كهذه يمكن ان نرسمها على شكل هرم مقلوب اسفله نقطة صغيرة لا يمكن بحال ان تكون قاعدة صلبة للتفكير والكتابة وبذلك يكون البناء مهددا بالسقوط في اي حين تهب عليه رياح الخروج الحقيقية.
يبقى القول ان رواية «رب اني وضعتها انثى» تصدر عن معرفة حية تتجلى بشكل اساسي باستعادة المناخ والالمام بالتفاصيل وببعض الخفايا ولذلك تعتبر اقرب الى البورترية بالكلمة خاصة وان اجزاء غير قليلة من الملابسات والمعلومات التي احاطت بالرواية ليست مدونة، وبالتالي غير معروفة الا في نطاق ضيق، ومؤقتا، الامر الذي يجعلها عرضة للزوال بمجرد غياب الشهود.
«رب إني وضعتها أنثى».. رواية لنردين أبو نبعة
20
المقالة السابقة