لولا القرار العربي بإعادة مقعد سورية لائتلاف المعارضة، لما اختلفت قمة الكويت عن سابقاتها، ولما كانت أحدثت فرقا بحسب التوقعات الشعبية بأن تكون قمة تقليدية بعناوين ثابتة، لا تغيير عليها.
السعودية هي من طلبت نقطة النظام، وتقدمت بالطلب، داعية الدول العربية إلى اتخاذ القرار؛ ما خلق أجواء متوترة استمرت لساعات طويلة، حتى جاء الحسم بالموافقة على المقترح السعودي، رغم تحفظ الجزائر والعراق عليه.
الكويت، ورغم الخلافات الكبيرة التي تعصف بالبيت الخليجي خصوصاً، والعربي عموماً، استطاعت أن تعبر بقمتها بسلام، وأن تعطي لها وزنا بالقرار المتعلق بسورية. هذا فيما تمضي بجهود المصالحة الخليجية، التي فضلت ترحيلها إلى ما بعد القمة، لتجاوز أي مطبات قد يؤدي بروزها إلى إفشالها.
القرار الخاص بسورية يُقرأ بأكثر من اتجاه. فهو تجديد للرسالة إلى نظام الأسد بأنه لم يعد له مكان في المجتمع العربي؛ وأن الصوت المنادي بدعم المعارضة وتقوية موقفها، أعلى بكثير من ذلك الداعي للإبقاء على النظام.
القرار واضح، ويتمثل في دعوة ممثلي ائتلاف المعارضة السورية إلى المشاركة في اجتماعات مجلس جامعة الدول العربية، كحالة استثنائية للقواعد المعمول بها في الجامعة، وذلك اعتبارا من الدورة العادية القادمة للمجلس في أيلول (سبتمبر) المقبل.
منح مقعد سورية لائتلاف المعارضة يرمي على هذا الأخير ثوبا من الشرعية العربية، ليكون كما جاء في القرار “الممثل الشرعي والوحيد للشعب السوري”. وذلك أضعف الإيمان، بعد قتل مئات آلاف السوريين، وتشريد ملايين آخرين، على يد نظام الأسد.
القرار مهم سياسيا، وربما معنويا، للمعارضة. لكنه في الوقت ذاته، غير كاف لإحداث فرق على الأرض. فالمهم اليوم هو ما يجري على الأرض، حيث استعاد النظام قوته شيئا فشيئا؛ نتيجة ضعف التحرك الأممي من ناحية، وانقسام المعارضة وتشتتها، بحيث لا تملك جوابا حول اليوم الثاني لسقوط النظام أو إسقاطه.
كذلك، ظل الحل السياسي للأزمة السورية حاضرا، مع المطالبة بتقديم المساعدة الإنسانية للشعب السوري، وهو ما وجد آذانا صاغية؛ إذ تم الاتفاق على اتخاذ التدابير للقيام بعمليات الإغاثة، وإتاحة وصول المساعدات الإنسانية من دون أي عوائق، لجميع المناطق المحاصرة.
الكلام العربي عن الأزمة السورية كثير، والتصريحات تنهمر باستمرار. لكن العون المقدم لا يرتقي إلى المستوى المطلوب. لذلك، جاءت التوصية للدول المانحة بالوفاء بالتعهدات التي قدمتها، ومساعدة الدول المجاورة لسورية في تحمل أعباء اللاجئين.
أردنيا، لم تأتِ النتائج بغير المتوقع؛ إذ أعيد التأكيد على سيادة الهاشميين على المقدسات الإسلامية في القدس، إضافة إلى قرار، ليس بالقدر المطلوب كفاية، بمساعدة الأردن على مواجهة أعباء اللجوء السوري، بعد أن بلغ عدد اللاجئين مستويات غير عادية، في بلد يعاني أزمات مالية ثقيلة حتى قبل بدء تدفق السوريين.
بالمحصلة، أنهت قمة الكويت أعمالها كما أرادت الدولة المضيفة؛ من دون مفاجآت كبيرة. إذ تمكنت الكويت من امتصاص جميع ردود الأفعال التي ظهرت خلال فترة الانعقاد، كما استطاعت تجميد ملفات أخرى كان يمكن أن تفسد الأجواء التي تسعى إليها.
العبور الآمن تحقق، رغم أن أزمات كبيرة رُحِّلت إلى ما بعد الكويت. وهي أزمات يُتوقَع أن تتفاقم في الفترة المقبلة، تحديدا ما يتصل منها بالعلاقة الخليجية، التي يخمن سياسيون أنها لم تبدأ بعد؛ في إشارة إلى خطوات التصعيد المتوقعة من قبل أكثر من طرف.
في أروقة قصر بيان الذي احتضن القمة، يتبادل الإعلاميون والصحفيون العرب ذات السؤال: “كيف ترى القمة؟”. فيكون الجواب رسم ابتسامة خفيفة، مع رفع الحاجبين قليلا. لكن تبقى هذه حال القمم العربية عموما، وحتى تتغير، فإنه يبدو أن على الشعوب الانتظار طويلا.