عروبة الإخباري – اجمع شعراء ونقاد على أهمية وصعوبة الكتابة للطفل، وان هذا النوع من الكتابة يحتاج إلى نضج التجربة والقدرة على إيصال الرسالة بوعي تربوي يلامس المشاكل والقضايا والأحلام للفئات المخاطبة.
جاء ذلك خلال الأمسية التي أقيمت في المكتبة الوطنية وناقش خلالها الناقد والشاعر علي البتيري، والناقد محمد المشايخ، تجربة الشاعر سعدالدين شاهين الشعرية الموجهة للأطفال، وإشهار ديوانه «دوار الشمس» فيما قدم شاهين شهادة إبداعية حول تجربته.
البتيري الذي أشار إلى صعوبة الكاتبة للطفل قال: رغم أنني أن شاهين شاعرا كبيرا إلا أن الاهتمام بأدب الطفل قد منحه ميزة أخرى، ولعل تجربته في مجال التربية والتعليم ، وتأسيسه لمؤسسة تعليمية خاصة وعمله مديرا لها منذ عام 1984 وحتى الآن قد جعله على تماس وقرب من هموم الأطفال ومشاكلهم وأحلامهم وقضاياهم اليومية، وهذا الأمر كاف لشاعر تربوي موهوب أن يدفعه ويوجه دفة سفينته المبحرة في بحور الشعر نحو الكتابة الأصعب وهي كتابة الشعر للأطفال.
وأضاف البتيري أن متطلبات الكتابة للطفل متوفرة لدى الشاعر شاهين بركائزها الثلاث وهي جمالية التعبير الشعري دون غموض أو تعقيد والخبرة التربوية بما في ذلك معرفة مراحل نمو الطفل وطبيعته النفسية والاجتماعية الخاصة بكل مرحلة ، ثم معرفة قاموس الطفل اللغوي واتساع دائرة هذا القاموس المرتبط بانتقال الطفل من مرحلة عمرية معينة إلى مرحلة أخرى متقدمة يتحقق فيها ارتقاء لغة الطفل بزيادة مفرداته اللغوية التي يتلقاها ويختزنها في الذاكرة.
وناقش البتيري تجربة شاهين الشعرية منوها إلى مسالتين هامتين هما: الأفكار والمضامين، والأسلوب والتشكيل الفني، بما في ذلك التعامل مع لغة الطفل ، فكان اقتراب الشاعر من عالم الطفولة واندماجه فيه من خلال عمله اليومي جعله على بينة من قضايا الصغار وحياتهم اضافة لتنوع أفكار شاهين الشعرية وتعدد مضامين كتابته، ملبيا احتياجات الأطفال السلوكية والاجتماعية والتربوية بشكل عام.
وحول الأسلوب الفني لم يقف شاهين عند كتابة النشيد وإنما طور أسلوبه في الخطاب الشعري الموجه للطفل فكتب القصة الشعرية الغنية بعنصري القص والإيقاع الموسيقي اللذين يميل لهما الأطفال كما كتب المسرحية والاوبريت الغنائي اقتناعا منه بأهمية توظيف الدراما الشعرية في عملية التعليم والتربية.
من جانبه أكد المشايخ على أن الشاعر شاهين صاحب مشروع تربوي تعليمي موجه للأطفال، وكان هاجسه الأطفال الفقراء الكادحين ، وفي الوقت نفسه المحرومين من التواصل مع العالم من خلال معطيات التقنية الحديثة رغم امتلاكهم الوعي والنضج الذي يجعلهم مهيئين لتغيير العالم فيما لو امتلكوا تلك المعطيات.
ونوه المشايخ إلى أن شاهين اشتغل أيضا على مسالة الحرية وموضوع النظافة مبرزا دور الأطفال في تنظيف الحجارة والنفايات وكتب الشاعر قصائد تخص الأب والأم وخصص لهما قصيدة بعنوان « نور الدار» كما أن لشاهين قصائد كثيرة تبرز الأهمية المعنوية لبعض الأدوات المادية في حياتنا وخص الوطن العربي بقصيدة تغنى به وبثرواته وبجمالياته ولكنه أكثر من القصائد الموجهة للأطفال.
وأشار المشايخ إلى أن شاهين اتكأ في قصائده للأطفال على عمود الشعر العربي وفي بعض قصائده على الموروث الديني ، ورغم معرفة الشاعر بالحداثة وما بعدها اتكأ في بعض قصائده على الرومانسية التي تعيد الشعر العربي لأمجاده وخاصة في القصائد التي تتغنى بالطبيعة وعناصرها، وقد أبدع شاهين في صياغة القصة النثرية وقد تجلت المفارقة في معظم قصائد شاهين.
وفي شهادته الإبداعية أكد شاهين على الطفولة في مجملها منبع الذات وولادة الإبداع ، ورغم أني كنت اعلم أن الكتابة للطفل لا تقود إلى الشهرة واعرف أنها لو قادت إلى الشهرة فإنها ستكون شهرة محدودة وتكون في ذهنية المتلقي ضربا من التعامل مع الماضي في نظر من كبروا وان الكتابة للطفولة لا تجمع حولك جمهورا، لان الأمسيات الشعرية والأدبية مقتصرة على شعر الكبار وان كثيرا ممن ينظرون إلى كتابة شعر الأطفال ما زالت قاصرة وإلا ما معنى أن تفتقر الحركة النقدية العربية لتناول هذا الأدب على تنوعه والاهتمام بمبدعه من حيث تقديمه على كل الأجناس لاهتمامه بنسغ الحياة من أولها ولا من حيث الجوائز والمهرجانات.
وأضاف شاهين إلى أن كتابته الاوبريتات الغنائية القصيرة التي تعالج قيما وطنية ودينية واجتماعية تجربة مهمة، وان هنالك نقصا فيما يقدم للأطفال من خلال قلة الشعراء والكتاب المكرسين للكتابة، وان الكتابة للطفل تحتاج إلى أبعاد ثلاثية ومجسمة أولها من شاعر أو كاتب أو صديق قدوة لا معلم متعال يزج النص والإرشاد المباشر وثانيا تحتاج إلى كاتب يعرف كيف يوجه اللغة باتجاهها ليخلق ثروة لغوية لدى الطفل يحبها ويعتز بها وثالثا الكتابة أسهام تربوي علمي مباشر نشبع به رغبات الطفل عن طريق الحركة واللعب فعلى الشاعر أن يتقن أساليب وطرق الربط بين الإدراك والمفهوم
شاهين يشهر في المكتبة الوطنية (دوّار الشمس)
24
المقالة السابقة