عروبة الإخباري – بمناسبة يوم المرأة العالمي الذي يصادف الثامن من آذاء 2014 ، رصدت جمعية معهد تضامن النساء الأردني ‘تضامن’ أوضاع النساء في الأردن من خلال التغطيات الإعلامية لعام 2013 ، وذلك في تقرير مفصل سيتم نشره على أجزاء ويصدر لاحقاً هذا الشهر ويغطي مختلف المجالات السياسية ، الإقتصادية ، الإجتماعية والثقافية ، بالإضافة الى مواضيع محددة وعلى رأسها العنف ضد النساء والفتيات.
النساء والإنتخابات البرلمانية
بمشاركة 121 إمرأة من مختلف محافظات وألوية المملكة شهد شهر كانون الثاني من عام 2013 إنتخابات البرلمان الـ17، وهي مشاركة سياسية تُعد الأقوى للنساء في تاريخ الأردن سواء كمرشحات أو ناخبات ، فقد تكاثفت جهود الحركة النسائية كي تظفر بالمزيد من المقاعد في البرلمان الحالي ، بعد أن تحقق لها إنجاز رفع مقاعد الكوتا النسائية إلى 15 مقعداً وإضافة المرأة على القوائم الإنتخابية الوطنية من قبل الأحزاب والقوى السياسية والمجتمعية، حيث بلغت نسبة مشاركة النساء كمرشحات 16.7% وكناخبات نحو 51.8%.
هذه المشاركة الواسعة للنساء في الانتخابات كشفت عن تطورات هامة في توزيع القوى السياسية بين النساء بمختلف المحافظات ، ففي قراءة للارقام تبين أن أكبر محافظتين وهما العاصمة وإربد سجلتا أدنى نسبة ترشح للنساء بالنسبة للرجال رغم أنهما مركز إهتمام العمل النسائي ، وإحتلت البادية الشمالية والوسطى والجنوبية النسبة الأعلى من حيث نسبة المسجلات مقارنة مع الرجال ومقارنة مع جميع الدوائر الإنتخابية في المملكة والتي بلغت 37% ، لتأتي محافظتا عجلون والمفرق في المرتبة الثانية بنسبة 27.7% تلتهما محافظة العقبة بنسبة 25%، وجاءت محافظة الزرقاء في المرتبة الثالثة بنسبة 20.8% وتلتها الطفيلة بنسبة 20%، وعلى التوالي البلقاء 18.3% الكرك 16.8% معان 15.8% مادبا 13.7% جرش 11.5% .
وعلى صعيد القوائم الإنتخابية الوطنية تمثل توزيع النساء في القوائم بوجود إمرأة واحدة في 20 قائمة في حين خلت 14 قائمة من النساء و20 أخرى كان التمثيل النسائي فيها إمرأتين ، و3 تضمنت كل منها 3 نساء ، و3 أخرى كان التمثيل النسائي فيها 4 نساء وقائمة واحدة تضمنت 6 نساء. كما ظهرت قائمتين تترأسهما نساء وهما ‘النهوض الديمقراطي’ برئاسة الحزبية والنائب السابق عبلة أبو علبة، و’أردن اقوى’ برئاسة الإعلامية رولا الفرا ، بينما كانت المرشحة الوحيدة في القوائم العامة من أصل شيشاني هي فاطمه شاكر أرسلان الشيشاني من قائمة ‘العدالة’.
ومن حيث ترتيبهن ضمن القوائم إحتلت إمرأتين المركز الأول والثاني ، 6 نساء المركز الثالث، 6 نساء المركز الرابع ، 6 نساء المركز الخامس ، 7 نساء المركز السادس ، 7 نساء المركز السابع ، 8 نساء المركز الثامن ، 8 نساء المركز التاسع و6 نساء المركز العاشر، فيما توزعت باقي المرشحات على المراكز المتأخرة من 11 الى 26، حيث رضي بعضهن بمراكز متأخرة لإدراكهن إنعدام فرص وصولهن للمجلس لأسباب ترتبط برغبتهن إكتساب الخبرة في مجال العمل السياسي والترشح في المبادرات السياسية المختلفة ، وللحصول على وعود من رأس القائمة بتبني قضايا نسوية بعد وصولهم للمجلس.
وكانت جهات نسوية قد حذرت من ضعف التمثيل الحزبي للنساء في القوائم الوطنية كون ترتيب النساء الضعيف ضمن المراكز الأولى للقوائم سيساهم في إضعاف فرص فوزهن ووصولهن الى قبة البرلمان ، مما يحرمهن من فرصة إضافية أتاحها قانون الإنتخاب ، مطالبة النساء بزيادة مشاركتهن في العمل الحزبي والسياسي لتعزيز وجودهن ضمن القيادات الحزبية من أجل كسب المزيد من القدرات والمهارات القيادية والسياسية.
ولكن نتائج الانتخابات حملت الكثير من المفاجآت فقد فازت 3 نساء خارج نطاق الكوتا وهن مريم محمد اللوزي عن دائرة عمان الخامسة والمخصص لها ثلاثة مقاعد وإحتلت المركز الأول بحصولها على (3611) صوتاً ، ووفاء بني مصطفى عن محافظة جرش والمخصص لها أربعة مقاعد وإحتلت المركز الرابع بحصولها على (3939) صوتاً ، فيما فازت رولا الفرا بإحتلالها المركز الأول ضمن قائمة (أردن أقوى) حيث حصلت قائمتها على مقعدين من المقاعد المخصصة للقوائم الوطنية. كما خابت آمال النساء بتراجع الهيئة المستقلة للإنتخاب عن إعلانها فوز قائمة النهوض الديمقراطي بالمقعد النيابي لصالح عبلة أبو علبة ، وهو القرار الذي إعتبرته المرشحة أبو علبة قراراً سياسياً يهدف الى إبعاد الأحزاب عن البرلمان.
كما إعتبرت مرشحة لواء الرصيفة في محافظة الزرقاء ناهدة العجوري النتائج الإنتخابية ظالمة ، فقد أضربت عن الطعام لثلاثة أيام بعد ظهور النتائج وقام مؤازروها بتنظيم مسيرة أمام متصرفية الرصيفة وتقديم عدة شكاوي للجهات المعنية بما يخص التجاوزات وإنتشار المال السياسي.
الصعوبات خلال العملية الإنتخابية
ولعل أبرز الصعوبات التي واجهت المرشحات تمثلت في إجراء الإنتخابات في وقت قصير لم يُمكنهن من الإعداد الفعلي لخوض المعركة ، الى جانب معاناة بعضهن من الأزمة المالية يضاف إليها تحديات إيصال الصوت وإقناع الأهل والعشيرة ، خاصة وأن غالبية المرشحات لم يأتين من خلفيات سياسية أو إقتصادية أو إجتماعية تساعدهن بتشكيل قاعدة إنتخابية لهن ، بينما إعتمدت بعضهن على الإجماع العشائري الذي حسم أنه لا فرصة للرجل في البرلمان فكان الخيار لإبنة العشيرة لتمثيل صوت أبنائها داخل البرلمان.
وتعد الهيمنة الذكورية أحد التحديات التي واجهت المرشحات ، والتي تجسدت في معاناة 6 نساء عن دوائر الطفيلة الأولى والثانية من تلاشي حالة الإجماع العشائري على مرشحة واحدة وتسلط المجتمع الذكوري ، كما أدت الى طلاق مرشحة من بدو الجنوب نتيجة رفضها الإنصياع لرغبة زوجها بالإنسحاب لصالح مرشح من عائلته في منطقتها الإنتخابية. كما كشفت إنتخابات 2013 عن فئة من النساء ما تزال غير واثقة بقدرات المرأة في العمل السياسي.
تمثيل متفاوت بين المحافظات
وبينما شهدت دائرة عمان الخامسة حضوراً نسائياً كان الأقوى والأبرز بين دوائر العاصمة كافة اذ برزت أسماء لمرشحات يتمتعن بشعبية ودعم واسع وقواعد عشائرية كبيرة ، شكل غياب المرأة في قصبة إربد عن الترشح صدمة للهيئات النسائية ، حيث كان من المتوقع ترشح 3 نساء فأكثر لإعتبارات غير مفهومة ، ومع ذلك كانت المرأة حاضرة وبقوة في حملات بعض المرشحين الذكور.
ويؤخذ على بعض المرشحات إعتمادهن على الكوتا مما حال دون بذل مجهود يُذكر في الترويج لحملاتهن ، فقد ترشحت 14 إمرأة في محافظة الزرقاء على مقاعد الكوتا لا التنافس وهو ما فسر غياب النشاط الإنتخابي لبعضهن سواء من حيث الدعايات أو المقرات أو حتى المناظرات ، حتى أن مرشحات تغيبن في بعض الدوائر الإنتخابية عن ممارسة أي نشاط ملحوظ وإكتفاء أخريات بإفتتاح مقرات في بيوتهن ، وهو ما بررته المرشحات لسهولة التواصل مع العائلات والنساء بشكل أفضل ولعدم توفر الإمكانيات المادية لفتح مقرات.
دعم مؤسسات المجتمع المدني
وعلى صعيد الأنشطة الداعمة للمرشحات والدافعة للناخبات تكاثفت جهود منظمات المجتمع المدني تحت مظلة الإئتلاف الوطني لدعم المرأة في الانتخابات ، الذي نفذ حملة إشتملت على توزيع شعارات في كافة شوارع العاصمة تعرض صوراً لنساء من كافة قطاعات المجتمع تدعم ضرورة وصول المرأة للبرلمان تحمل عبارات ‘نساء من الميدان للبرلمان’ ، ‘وصول المرأة سيغير وجه البرلمان’ ، و’أنتن أغلبية الناخبين، بيدكن القرار’.
كما تم عقد لقاءات مع مرشحات المملكة لاكسابهن مهارات التواصل وتيسير حملاتهن الإنتخابية والإسهام في تصميم البرنامج الإعلامي والرسائل الإعلامية الموجهة للفئات المستهدفة للمرشحات بالتعاون مع مؤازريهن ، فعقدت العديد من ورش العمل والدورات التدريبية لتشجيع النساء والرجال للمشاركة الفاعلة في الإنتخابات ، ونظمت مناظرات وطنية بين المرشحات ، وأطلق مكتب إستشاري للبرلمانيات لتمكينهن من الحصول على ما يرغبن من معلومات تتعلق بالتشريعات التي تخص المرأة ، وأفتتحت عدد من المقرات الإنتخابية لصالح إنتخاب المرأة الاكفأ ، وعممت إستمارة تعريفية بالمرشحات وحفظ سجل أرشيفي حول كل مرشحة.
إضافة الى بث دقيقة ترويجية للمرشحات على الموقع الالكتروني للجنة الوطنية الأردنية لشؤون المرأة ، وبثت رسائل عبر الهواتف الخلوية تحفز الناخبات على تحرير أصواتهن وإعتبار صندوق الإقتراع أمانة لا بد أن يمارس من خلاله حقهن بالإنتخاب الحر الديمقراطي دون ضغوط أو تدخلات من أية جهة كانت أسرية أو عشائرية ، وحملت الرسائل شعارات عدة منها (المشاركة في بناء وطني حق لي وواجب علي) ، (شاركي وإنتخبي) ، (المرأة شريك أساسي وفاعل في صناعة القرار التشريعي) ، (تحرير صوت المرأة الإنتخابي شرط لنزاهة الإنتخابات).
والى جانب ذلك تم وضع خطة إستراتيجية للاعوام 2013- 2017، هدفها دعم النساء وتأمين ما يحتجنه من عون في الإنتخابات البلدية المقبلة لغاية توفير التدريب اللازم للأكثر كفاءة منهن ، ليصبحن قائدات مجتمعيات ، الأمر الذي يحقق لهن حضوراً لافتاً على ساحة مجتمعاتهن المحلية.
وتم تنفيذ حملة توعوية وتنشيطية وتحفيزية للمرشحين والناخبين بكافة محافظات المملكة ، عبر تقديم رسائل إعلامية للمرشحات من خلال إذاعات مختلفة ، والترويج لهن عبر مواقع الكترونية ووسائل إعلامية مختلفة ، وإجراء إستطلاعات وآراء إذاعية ، إضافة الى وجود صفحة شاملة على مواقع التواصل الإجتماعي نشرت كل ما يتعلق بواقع المرأة المرشحة وكل ما يكتب في وسائل الإعلام لدعمهن وتقديم إقصى النصائح لهن ، الى جانب عقد دورات تدريبية وتثقيفية للإعلاميات لتقديم رسائل قانونية دقيقة تؤسس لوجود مرشحة تعتمد كافة الثقافات القانونية والإقتصادية والسياسية لتصل الى البرلمان مسلحة بكافة مؤهلات العمل السياسي.
والى جانب النشاطات التدريبية تم تسخير الفن لدعم المرأة في الإنتخابات ، حيث تم تقديم نماذج تمثيلية على المسرح ومشاهد لكيفية الإقتراع والإنتخاب وحق المرأة بالترشح والتصويت الحر الإيجابي ومشاركتها الرئيسية وحقها بأن يكون لها صوت مشاركة حقيقية.
تجاوزات ومضايقات ضد النساء يوم الإقتراع
وفي يوم الإقتراع الذي صادف 23 من كانون الثاني رُصدت العديد من الملاحظات كان أهمها تعرض بعض النساء للمضايقات في بعض مراكز الإقتراع مما أدى الى مغادرتهن دون الإدلاء باصواتهن ، وتدنت نسبة المقترعات الى 27.2% مقارنة مع نسبة المسجلات 52%. وبينما كان الحضور النسائي كبير في عجلون وملحوظ في المفرق والرصيفة وجرش وإربد على صناديق الإقتراع ، شهدت الإنتخابات للمرة الأولى مجالاً لحرية الإختيار للناخبات في محافظة الكرك وإن إقتصر على المرشحين للقائمة الوطنية فقط ، حيث إندفعن الى الإقتراع للقوائم الوطنية التي تقودها نساء وخصوصاً القائمتين اللتين قادتهما الحزبية عبلة أبو علبة والإعلامية رولا الفرا ، ومنعت التعليمات إستغلال المرأة للتصويت بمنحها المجال للإنتخاب بطريقة سرية ، وبعض النساء لم يستطعن التهرب من قرار العشيرة والزوج وبعضهن صوتن للمرأة.
نجاح 18 إمرأة بالوصول للبرلمان الـ 17
وبوصول 18 امرأة للبرلمان بلغ مجموع الأصوات التي نالتها الفائزات بعضوية المجلس النيابي السابع عشر (37) ألفا تمثل مجموع ما نلنه تنافسياً وحسب نظام الكوتا ، وأظهرت قراءة تحليلية لـ ‘المرصد’ أن الإنتخابات شهدت تطوراً لافتاً على صعيد تحسن مستويات المنافسة لدى المرشحات مما إنعكس على عدد من المعطيات والنتائج من أبرزها فوز سيدتين تنافسياً في الدوائر المحلية ، وبإضافة هذه الأرقام لما حصلت عليه الفائزات منهن تنافسياً وعلى مقاعد الكوتا الـ 15 في الدوائر المحلية يكون مجموع ما حصلن عليه من أصوات هو 37152 صوتاً ، وأشارت الدراسة إلى إرتفاع عدد الفائزات على مقاعد الكوتا بأصوات شكلت أعلى النسب مقارنة بالمقترعين في محافظاتهن وأعلى الأرقام المطلقة.
وبين أن ترشح النساء على مقاعد الدوائر المحلية حافظ على معدله القريب من 17% من مجموع الترشيحات في إنتخابات العام الحالي مقارنة بالإنتخابات السابقة ، غير أن الأرقام المطلقة للمرشحات في الدوائر المحلية والقوائم الوطنية في إنتخابات العام الحالي سجلت زيادة ملحوظة بلغت حوالي 60 ترشيحاً مقارنة بالإنتخابات السابقة برغم هبوط معدل الترشيحات ضمن فئتي الدوائر الفردية والقوائم الوطنية معاً مقارنة بالانتخابات السابقة وبنسبة 4% لأن حضور النساء في القوائم الوطنية إقتصر على 10.5%.
ترقب نسوي لدور البرلمانيات في تشكيل الحكومة
في ضوء ذلك تترقب المنظمات النسائية دور البرلمانيات بمشاورات تشكيل الحكومة على أمل أن يكون للنواب النساء تأثيراً فيها من ناحية التمثيل النسائي في السلطة التنفيذية نوعاً وعدداً ، حيث توقعت عدداً من القيادات النسائية أن يكون للنساء في مجلس النواب دور بارز ذو تأثير في موضوع المشاورات لتشكيل الحكومة، وطالبت المنظمات النسائية بإعادة ثقلها ودورها في الحياة السياسية إلى الواجهة بتوسيع مشاركتها في السلطة التنفيذية ومواقع صنع القرار.
من جهتها تشعر المنظمات النسائية بالتغييب الذي يُمكن أن يكون غير مقصود لكن تأثيره سلبي على وضع المرأة بحيث كلما زاد الحديث عن الإصلاح أهملت ملفات المرأة وتراجعت خطوات إلى الوراء وكأن الحديث عن تمكين المرأة وتعزيز دورها ‘ترف’ وهو فعلياً في ضوء المعطيات لم يعد كذلك بل هو أمر ملح ولم يعد مقبولاً تعطيل الطاقات.
مشاركة النساء في الكتل البرلمانية
وعلى صعيد تشكيل الكتل النيابية بدى واضحاً نشاط البرلمانيات للمشاركة في مشاورات الكتل النيابية حيث تشارك البرلمانيات في الحراك المتعلق برئاسة المجلس أسوةً بالنواب الرجال ، وحرصهن على التواجد بشكل شبه يومي في أروقة المجلس لإعطاء آرائهن بما يجري من حراك يسبق إنتخابات الرئاسة ، وتبرز أهمية الكتل النيابية في المجلس (17) في دورها في إنتخابات رئاسة المجلس والمكتب الدائم إضافةً إلى دور البرلمان في تشكيل الحكومة المقبلة.