كان من المنتظر في اللقاء الذي جمع بنيامين نتنياهو وباراك أوباما في واشنطن مطلع هذا الاسبوع أن يقنع الرئيس الأميركي زائره بالموافقة على صيغة الاتفاق الاطار الذي وضعه وزير خارجيته جون كيري للنزاع الإسرائيلي – الفلسطيني. ولكن على ما يبدو لم ينجح الرئيس الأميركي في الحصول على رد قاطع وواضح، وعوض ذلك نجح نتنياهو في تعديل جدول الاعمال وتحويل الانتباه من موضوع انهاء الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية الى موضوع الخطر الإيراني.
وضمن هذا الاطار جاءت العملية الاستعراضية الإسرائيلية للاستيلاء على باخرة السلاح التي تقول إسرائيل إنه إيراني المصدر. هذه العملية التي خطط لها الإسرائيليون بدقة كي تحصل في التوقيت الذي حصلت به، اي في ظل زيارة نتنياهو لبيت الأبيض، وكي تفضح خداع إيران أمام الأميركيين والعالم بأسره، وتؤكد مجدداً ان الخطر الاكبر الذي يتربص بالمنطقة هو البرنامج النووي الايراني، وتسليح إيران للتنظيمات الراديكالية، وليس استمرار الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، ومواصلة توسيع البناء في المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية.
تبرر إسرائيل رفضها الخطة الأميركية لتسوية النزاع مع الفلسطينيين بعدد من الحجج منها انعدام الاستقرار السياسي في المنطقة جراء الاضطرابات التي تشهدها دولها والفراغ الناشئ عن تفكك نموذج الدولة القومية العربية، وصعود التنظيمات الإسلامية المتشددة، والانعكاسات السلبية لهذا كله على امن إسرائيل، وخطر البرنامج النووي الإيراني على إسرائيل، وانعدام الثقة بالتعهدات الأميركية التي تضمن امن إسرائيل، وخصوصاً في ضوء تراجع دور الولايات المتحدة في المنطقة وتخليها عن حلفائها التقليديين.
لا يفهم نتنياهو ومعه عدد من الإسرائيليين سبب اصرار إدارة أوباما على تسوية النزاع الإسرائيلي – الفلسطيني الذي لا يعتبر ملحاً، وقت يظهر تردد هذه الإدارة وضعفها بوضوح في معالجة نزاعات وأزمات اخرى ملحة مثل الازمة الأوكرانية، او الحرب الاهلية السورية. وهم يجدون في هذا الاصرار نوعاً من استغلال النفوذ الأميركي في إسرائيل لتحقيق انجاز في السياسة الخارجية للرئيس أوباما التي أظهرت في رأيهم فشلها في اكثر من مناسبة.
تستغل إسرائيل الأزمات الإقليمية كي تبرر رفضها خطة كيري التي باتت اليوم في مهب الريح. والسؤال ماذا ستكون ردة فعل الأميركيين عندما تعلن إسرائيل رفضها الخطة؟ هل يفرضون عليها عقوبات اقتصادية؟ ام يمارسون ضغوطاً سياسية؟ على الارجح سيضطر أوباما مرة اخرى الى التراجع امام عناد إسرائيل، وسيجد صيغة غامضة مثل تمديد فترة المفاوضات وترك الباب مفتوحاً امام تأجيل البحث في الحل السلمي الى وقت آخر.