عروبة الإخباري – اطّلع جلالة الملك عبدالله الثاني، خلال زيارته اليوم الأربعاء إلى مدينة الحسن الصناعية في محافظة إربد، على مجموعة من المشاريع الإنتاجية الريادية الهادفة إلى توفير فرص عمل للمواطنين، وتمكّين الشباب ودعمهم وإطلاق إبداعاتهم.
كما زار جلالته مشروع مصنع الأجهزة المنزلية، بتمويل من صندوق تنمية المحافظات، الذي أنشئ بمبادرة ملكية سامية وبقيمة 150 مليون دينار، بهدف إيجاد فرص عمل لأبناء المحافظات، وتشجيع الاستثمارات وتحقيق توزيع عادل لمكتسبات التنمية في جميع مناطق المملكة.
واستهل جلالة الملك الزيارة، بالاطلاع على عمل وإنجازات حاضنة الشمال للأعمال الإبداعية في مدينة الحسن، والتي افتتحها جلالته عام 2006، وهي إحدى المراكز التابعة للشركة الأردنية للإبداع، والتي تعنى بدعم الريادة والإبداع من خلال اكتشاف طاقات الشباب، وتحويل أفكارهم الخلاقة إلى مبادرات تنموية وتوجيهها نحو متطلبات التنمية، وتشجيع تحويل نتائج البحوث العلمية في الجامعات الأردنية إلى واقع عملي.
وشاهد جلالته، خلال جولة تفقدية في المركز، نماذج من المشاريع التي استفاد القائمون عليها من الخدمات التي تقدمها هذه المراكز بفروعها المنتشرة في مختلف محافظات المملكة، والتي ساهمت حتى الآن بتخريج 29 شركة أعمال في قطاعات متنوعة، إضافة إلى العديد من المشاريع قيد التطوير والإنشاء.
ووجه جلالته في ختام جولته بالاستمرار في دعم مثل هذه المشاريع وتوفير الظروف المناسبة لها للنجاح، مشيرا إلى دور صندوقي تنمية المحافظات، والملك عبدالله الثاني للتنمية، وقدرتهما على تحويل الأفكار الريادية إلى مشاريع منتجة ومدرة للدخل على أرض الواقع.
وتنوعت المشاريع التي تم عرضها بين الطاقة الشمسية، وأنظمة معالجة المياه، وتصنيع قطع غيار السيارات، وتكنولوجيا الحاسوب، وتشكيل المعادن، والحرف اليدوية والصناعات الغذائية وغيرها.
وقدّم أصحاب المبادرات والمشاريع الشبابية نبذة تعريفية عن مشاريعهم القائمة وفرص العمل التي ولدتها للمجتمعات المحلية الموجودة فيها، وطموحاتهم المستقبلية في التوسع والتطور التدريجي.
وقالت المديرة التنفيذية للشركة الأردنية للإبداع، الدكتورة رهام غربية، إن الشركة التي تدير حاضنات الأعمال في محافظات إربد والكرك ومعان والمفرق وجرش ومادبا، تهدف إلى دعم إقامة شركات ناشئة في قطاعات الصناعة، وتكنولوجيا المعلومات، والزراعة وغيرها.
وأضافت أن منحة إنشاء المشروع، والتي تقدم بدعم من صندوق تنمية المحافظات، بالتنسيق مع المؤسسة الأردنية لتطوير المشاريع الاقتصادية جيدكو، لا تستوجب على المتقدم أي شروط سوى الرغبة والقدرة على إدارة المشروع، وبما يحقق إدامته.
وأشارت إلى أن الشركة غير ربحية، وتدير خمس حاضنات أعمال، وتنفذ حاليا 35 مشروعا في جميع مراكزها بمحافظات المملكة، إضافة إلى مهام إرشادية تتعلق بنشر مفهوم الريادة والإبداع، لافتة إلى أن نسبة النجاح في هذه المشاريع تتراوح ما بين 60 إلى 80 بالمائة.
وعرض صاحب مشروع نظام تعقب المركبات عن بعد، (جي بي أس)، الدكتور أحمد الجعافرة، أبرز ميزات مشروعه التابع لشركة المحقق للأنظمة الالكترونية، والذي تم دعمه من مركز الإبداع، واستفاد من الخدمات والمشورات الفنية التي يقدمها المركز.
وقال “بعد نضوج فكرة المشروع لدي، تقدمت بطلب إلى مركز الإبداع، الذي بدوره أجرى دراسة جدوى له، وقدم لي على أساسها الدعم المادي المناسب لاستكمال مراحله، حتى دخول مرحلة الإنتاج والتسويق للنظام الموجود حاليا في السوق المحلي”.
من جهته، أشاد صاحب مصنع معدات السيارات، فراس أبو كشك، والمستفيد من الخدمات والدعم الذي تقدمه الشركة الأردنية للإبداع، بـالتعاون والرعاية التي وفرتها الشركة له، مشيرا إلى أن مشروعه يتضمن تصنيع كاسكيت، وطابات الهواء للآليات الثقيلة.
وقال إن “فكرة المشروع تولدت لدي منذ كنت أعمل مستوردا لهذين المنتجين من تركيا قبل عام، واليوم وبعد استكمال مراحل المشروع بدأت مرحلة الإنتاج ودخول السوق المحلي، والسوقين السعودي والمصري، بصناعة أردنية”.
أما وداد التميمي، صاحبة مشروع نظام هجين لجمع الخلايا الشمسية مع توربينات الرياح الصغيرة، فأشارت إلى أن النظام يولد طاقة متجددة نظيفة ذات كفاءة عالية تستثمر ضوء الشمس وحركة الرياح ليلا نهارا وطوال العام.
وبينت، أنه ومن خلال النظام، يتم إنتاج المروحة من مواد معاد تصنيعها وبالتالي يتضاعف الأثر البيئي الايجابي، مشيرة إلى أن الحجم الصغير لهذه المروحة يتيح استخدامها منزليا.
وعرضت هيام طوالبة، صاحبة مشروع حرف يدوية فسيفسائية، مراحل بناء مشروعها، والذي يوفر فرص عمل لعشرة أشخاص من الجنسين منهم من ذوي الاحتياجات الخاصة الذين يعملون في منازلهم.
وتسعى طوالبة إلى تطوير مشروعها عبر شراء مواد تسهم في اكتماله وتوسيع منتجاته الموجود حاليا في السوق المحلي، وبعض الأسواق العالمية.
وأشار صاحب مشروع إعادة تصنيع وتدوير المواد المعدنية التالفة، محمد الطلافحة، إلى أن مشروعه يهدف إلى استغلال هذه المواد من خلال تصنيعها بطريقة فنية، لافتاً إلى أنه يسعى خلال الفترة القادمة إلى إقامة ورشة فنية متخصصة لتوسيع قاعدة الإنتاج ووصوله إلى الأسواق الخارجية”.
بدوره، عرض صاحب براءة الاختراع المتخصصة بوقف الهدر في أنظمة معالجة المياه المنزلية بنسبة 100 بالمائة، محسن أبو هيفا، أبرز مراحل عمل النظام، والذي يعمل على تطوير أنظمة المعالجة المنزلية، وإيجاد البدائل المناسبة والرشيدة في استهلاك المياه عند معالجتها، بعقول وسواعد أردنية.
وقال إن النظام، وحال استخدامه على مستوى المملكة، فأنه كفيل بتوفير 20 مليون متر مكعب سنويا من مياه الشرب، لافتا إلى توجه الشركة الحاضنة للنظام إلى إنشاء مصنع الأبنية الخضراء، والاعتماد على طاقة الرياح في تشغيله.
يشار إلى أن الشركة الأردنية للإبداع، التي ينطوي تحت مظلتها مركز الإبداع في مدينة الحسن الصناعية، هي مبادرة من مؤسسات حكومية وغير حكومية، ويشترك في عضويتها عدد من الجامعات الأردنية، وصندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية، وتدير خمس مراكز للإبداع وثلاثة مكاتب ارتباط في مختلف محافظات المملكة.
وفي مصنع الأجهزة المنزلية التابع لشركة المشرق والمغرب، اطلع جلالته على نجاح فكرة المشروع، الذي أنشئ بكلفة مليوني دينار، ساهم صندوق تنمية المحافظات بمبلغ مليون و 140 ألف، أي ما نسبته 57 بالمائة من حجم الاستثمار الكلي.
واستمع جلالته من مالك الشركة، هشام الذباح، إلى شرح عن آليات الإنتاج والتسويق في المصنع، الذي يصدّر حاليا منتجاته بالكامل إلى السوقين السوري والعراقي، ويسعى إلى استهداف أسواق المغرب والجزائر ولبنان، إضافة إلى السوق المحلي.
ويعمل حاليا في المصنع 35 عاملا وعاملة من أبناء المجتمع المحلي، وسيصل العدد خلال بضعة أشهر إلى 45 فرصة عمل، فيما سيوفر حسب الخطط التوسعية مستقبلا وبعد حوالي عامين 300 فرصة عمل.
وبين الذباح أن القيمة المضافة لمنتجاته تصل إلى 75 بالمائة وفق شهادات الجهات المختصة المحلية، كما أن جميع المواد التي تدخل في عمليات التعبئة والتغليف هي منتجات أردنية 100 بالمائة.
وقال إنه سيتم، خلال الشهر الحالي، تشغيل ماكينة الحقن للحبيبات البلاستيكية لتصنيع الهيكل الخارجي للمنتجات، وهي ماكينة تم استيرادها بكلفة 450 ألف دينار، وسيتم تركيبها خلال الأيام القادمة بعد أن تم تجهيز الهنجر اللازم والانتهاء من التجهيزات الأخرى.
وأضاف أن الطاقة الإنتاجية الحالية للمصنع تبلغ 200 غسالة يوميا، وقد تم منذ بدء الإنتاج في شهر تشرين أول العام الماضي إنتاج 8000 غسالة، تم تصديرها بالكامل.
وفي مقابلة مع وكالة الأنباء الأردنية، بترا، قال مدير عام المؤسسة الأردنية لتطوير المشاريع الاقتصادية، يعرب القضاة، إن هذا المشروع يعتبر باكورة المشاريع التي مولها صندوق تنمية المحافظات، مشيرا إلى أن المؤسسة، ومن خلال الصندوق مولت 57 مشروعا، بلغ حجم مساهمة الصندوق فيهم 37 مليون دينار، وستوفر حوالي 1875 فرصة عمل للشباب الأردني.
وبين أن المؤسسة، وعبر الصندوق تنظر لدعم المشاريع بصورة تكاملية، وتستهدف أبناء وبنات الوطن، ممن يمتلكون الفكرة الإبداعية ويواجهون صعوبة بالتمويل، لافتا إلى أن التمويل يتم من خلال قرض بدون فائدة، يسدد عبر ثمان سنوات، تستثنى أول سنتين من السداد، ويشترط في ذلك أن يكون المشروع ذا جدوى اقتصادية، وأن يمتلك صاحب المشروع الرغبة والخبرة الأولية في تنفيذ وإدارة مشروعه، وأن يكون الحد الأدنى من العمالة الأردنية فيه 60 بالمائة، وتزداد فرص التحفيز المقدمة من الصندوق كلما زادت نسبة تشغيل الأردنيين في هذه المشاريع.
وقال إن الصندوق مستعد لتقديم التمويل للمشاريع الإنتاجية، باستثناء قطاع الإنشاءات وتجارة التجزئة والجملة لعدم مساهمتها في مضاعفة القيمة المحلية المضاعفة، وتوفير فرص عمل مستدامة.
يذكر أن جلالة الملك أطلق صندوق تنمية المحافظات عام 2011 برأسمال مقداره 150 مليون دينار، وباشر بتمويل مشاريعه في نهاية عام 2012، حيث بلغ عدد المشاريع الممولة في جميع محافظات المملكة 57 مشروعا، باستثمار مقداره 87 مليون دينار، ساهم الصندوق ب 37 مليونا، أي ما نسبته 41 بالمائة من حجم الاستثمار الكلي في هذه المشاريع.
وفي إطار حرص جلالته على تفقد أحوال المواطنين، خصوصا رفاق السلاح من المتقاعدين والمصابين العسكريين في مختلف محافظات المملكة، عاد جلالة الملك خلال زيارته إلى محافظة إربد الوكيل أول المتقاعد، يوسف شطناوي، الذي التحق بمرتبات الأمن العام سنة 1970 وتعرض لحادث سير سنة 1983، وتقاعد برتبة وكيل أول.
واطلع جلالته خلال الزيارة، التي رافقه فيها سمو الأمير مرعد بن رعد، مدير عام الهيئة الهاشمية للمصابين العسكريين، على الأحوال الصحية والمعيشية للشطناوي، حيث تأتي هذه الزيارة تأكيدا على اهتمام جلالة الملك بفئة المتقاعدين والمصابين العسكريين، وحرصه الدائم على التواصل معهم، تقديرا لدورهم الجليل في خدمة الوطن والدفاع عنه.
كما التقى جلالة الملك خلال زيارته إلى إربد عدداً من وجهاء ورجالات لواء قصبة اربد وممثلين عن مختلف القطاعات فيها، خلال مأدبة غداء أقامها الوزير السابق الدكتور عبد الرزاق طبيشات.
واستعرض جلالته، خلال اللقاء، رؤيته للتطورات في المنطقة والمستجدات فيها، إضافة إلى عدد من القضايا المحلية.
وفيما يتعلق بمساعي تحقيق السلام في الشرق الأوسط، أكد جلالته أن الأردن مطلع على جميع تفاصيل المفاوضات الجارية بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وصولا إلى إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على التراب الوطني الفلسطيني، وفق حل الدولتين وقرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية.
وتناول اللقاء التحديات والأعباء التي يتحملها الأردن جراء تدفق اللاجئين السوريين إلى أراضيه، وما يشكله ذلك من ضغوط على موارده وإمكاناته خصوصاً في محافظات الشمال، مؤكداً جلالته في هذا الإطار ضرورة العمل على تعزيز قدرات محافظات الشمال والمجتمعات المحلية فيها، وتحسين الخدمات المقدمة للمواطنين هناك.
وشدد جلالته على أن تنمية المحافظات تشكل أولوية قصوى، يجب على الجميع العمل كفريق واحد لتحقيقها وإدامتها، مشيراً إلى أهمية جذب الاستثمارات إلى محافظات الشمال، وبما يسهم في الحد من مشكلتي الفقر والبطالة، ويساعد في إيجاد فرص عمل للشباب.
ودعا جلالته، خلال اللقاء، المسؤولين والمواطنين في محافظة إربد للمشاركة في رسم السياسات المحلية وتحديد الأولويات التي تنهض بالواقع المعيشي لأبناء وبنات محافظتهم، وتحسّن من مستوى الخدمات المقدمة لهم.
من جانبهم، أشاد الحضور بجهود جلالة الملك في الدفاع دوما عن المصالح الأردنية، والتعامل مع الظروف والتحديات التي تحيط بالمملكة، بكل حكمة واقتدار، ما جعل من الأردن واحة أمن واستقرار في الإقليم، الذي يشهد اضطرابات مستمرة.
وثمنوا ما تناوله حديث جلالته، خلال لقائه بممثلي السلطات الثلاث مؤخرا، وأكدوا أنه ساهم ولحد بعيد في تعزيز الوحدة الوطنية والتأكيد على موقف الأردن الثابت تجاه القضية الفلسطينية، وبما يحمي مصالحة الإستراتيجية العليا.
واستعرض الحضور التحديات التي تواجه المحافظة، خصوصاً تلك المتعلقة بقطاع الخدمات والبلديات والزراعة، مشيرين إلى الحاجة إلى دعم هذه القطاعات لتتمكن من تقديم أفضل الخدمات لأبنائها وبناتها، بالإضافة إلى أهمية وجود خطة شمولية مستقبلية لمدينة إربد.
كما استعرض الحضور بعض المشاريع المهمة لتحسين الواقع المعيشي للمواطنين مثل تطوير وسط مدينة إربد لحل الأزمة المرورية، ودعم المستشفيات، ودعم برامج التدريب والتعليم المهني، واستكمال حدائق الملك عبدالله الثاني، واستكمال طريق إربد الدائري، والسوق المركزي الذي يخدم محافظات الشمال، بالإضافة إلى دعم البلديات لتمكينها من خدمة المواطنين على أكمل وجه.
ودعوا إلى أهمية إزالة العقبات أمام جذب الاستثمار إلى محافظة اربد، وبما يضمن إقامة مشاريع إنتاجية توفر فرص عمل وتنهض بالمستوى المعيشي، مبدين في هذا الإطار أفكارا ورؤى من شأنها تطوير البنية التحتية في المحافظة وخدمة المشاريع القائمة فيها وجذب مشاريع استثمارية جديدة، خصوصا في قطاعات الصناعة والزراعة وإيجاد مصادر تمويلية للمشاريع الإنتاجية.
وركزوا على أهمية استقرار التشريعات الاقتصادية وتحسين تنافسية القطاعات الإنتاجية وجذب مشاريع استثمارية جديدة، بخاصة في قطاعات الطاقة المتجددة والصناعة والزراعة وإيجاد مصادر تمويلية للمشاريع الصناعية، مؤكدين ضرورة مأسسة الشراكة بين القطاعين العام والخاص.
ورافق جلالة الملك خلال الزيارة إلى محافظة إربد رئيس الديوان الملكي الهاشمي، ومدير مكتب جلالة الملك، ومستشار جلالة الملك لشؤون العشائر، ووزير الصناعة والتجارة والتموين، ومحافظ إربد وعدد من المسؤولين.