وصلت الرسالة صارخة الى اجتماع مجموعة الدعم الدولية للبنان، التي ستجتمع غدا الاربعاء في باريس للنظر في مساندة لبنان المتهالك اقتصادياً والغارق في طوفان اللاجئين السوريين، وقد باتوا يساوون نسبة ستصل الى ١٠٠٪ من عدد سكانه السعداء!
دعونا من كارثة التراشق بين “الخشب والذهب”، لأن وزراء الخارجية الذين سيجتمعون في العاصمة الفرنسية، سبق لهم ان ربطوا تقديم المساعدات للبنان بقيام حكومة ذات صلاحيات كاملة لإدارة هذه المسألة، وسيجدون الآن ان لبنان بلد يكاد يصير من تنك، وخصوصاً بعدما وصلت الأمور الى حد توجيه كلام من خشب للرد على خطاب رئاسي يرى معظم اللبنانيين انه من ذهب!
لم يسبق ان وصل الاشتباك بين “حزب الله” ورئيس الجمهورية، ايّ رئيس لجمهوريتنا المهيضة، الى هذا الحد المؤسف والمؤذي، الذي لا يصيب مقام رئيس الجمهورية فحسب، بل يضرب البلاد في الصميم من خلال ما سيتركه من الفراغ والتداعيات المدمرة، سواء على موضوع الحكومة وبيانها الوزاري، او على موضوع الاستحقاق الرئاسي الذي يقرع الابواب، بما يعني انه قد يدفع لبنان ليصبح بلداً يقع في الفراغ القاتل، فلا رئيس للجمهورية ولا حكومة ولا مجلس للنواب ولا هيبة للسلطات… وسرعان ما قد يصير السلاح زينة الرجال من الناقورة الى النهر الكبير!
ان رفض جملة “حق لبنان في مقاومة العدو الاسرائيلي” لانها لم تلحظ كلمة “اللبنانيين” مباشرة بعد كلمة لبنان، يعني كأن لبنان لا علاقة له ببعض اهله او كأن الذين يصرون على هذا الرفض، يميّزون انفسهم او يفصلون أنفسهم عنه، وفي هذا شيء من الاصرار على دفع مؤسسة الدولة نحو الانحلال والانهيار، وهو ما رأى فيه ميشال سليمان لغة وشعاراً خشبياً من منطلق قسمه الدستوري وواجبه الوطني والاخلاقي بأن يحمي لبنان ويصون الدولة!
عندما يصل النقاش الوزاري اليائس والبائس الى درجة اقتراح البعض الاستغناء عن البيان الوزاري والاكتفاء بالقول “هذه حكومة مصلحة وطنية” وكفى المؤمنين شر القتال، بما يعني ضمناً القبول بتغييب الدولة أسوة بالمقاومة في بيان وزاري لحكومة استغرق تشكيلها عشرة اشهر بسبب الخلاف عينه، فمن حق رئيس الدولة لا بل من واجبه ان يتحدث عن الشعار الخشبي.
ولكن من الضروري الانتباه الى انه من الواضح ان المقصود يتصل تحديداً بالنص الانشائي للبيان الوزاري لا بواقع المقاومة المفروض على الارض!
فهل من المنطق او المقبول او من مصلحة لبنان وحتى المقاومة، ان يأتيه الرد على هذا النحو الذي لم يستهدفه فحسب، بل سيصوّر لبنان امام العالم وكأنه تجاوز درك الخشب الى درك التنك… واذا صار لبنان من تنك، لا سمح الله، نصير جميعنا من تنك!
rajeh.khoury@annahar.com.lb