عروبة الإخباري – ناشدت أوكرانيا زعماء العالم أمس، اتخاذ «خطوات حقيقية» لمساعدتها، محذرة من أنها «على شفير كارثة» بسبب إعلان روسيا «حرباً» عليها. تزامن ذلك مع توجيه واشنطن تحذيراً عنيفاً إلى موسكو من عواقب أي «عمل عدائي لا يُصدَّق» في أوكرانيا، إذ أعلنت أنها ودول حليفة «مستعدة للذهاب إلى أقصى مدى لعزل روسيا» ومقاطعة قمة الدول الصناعية الثماني الكبرى المرتقبة في سوتشي الروسية في حزيران (يونيو) المقبل، علماً أن الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا انسحبت من الاجتماعات التحضيرية للقمة.
وذكر الكرملين أن الرئيس فلاديمير بوتين ابلغ نظيريه الأميركي باراك أوباما والفرنسي فرنسوا هولاند أن روسيا «ستحمي مصالحها ومصالح الناطقين بالروسية في أوكرانيا، إذا انتقل العنف إلى مناطقها الشرقية». لكن أوباما حذره من أن «مضي روسيا في انتهاك القانون الدولي، سيقودها إلى عزلة سياسية واقتصادية أكبر».
وأحكمت موسكو سيطرتها على شبه جزيرة القرم، بعد عملية واسعة لنزع سلاح وحدات الجيش الأوكراني المرابطة فيها، إذ حاصرت مواقع عسكرية أوكرانية محدودة. وأفادت وكالة «دونباسك» للأنباء بأن العسكريين الأوكرانيين «خُيِّروا بين الولاء لسلطات القرم التابعة لموسكو أو مغادرة الإقليم». وأُعلِن في موسكو أن مئات العسكريين الأوكرانيين «انحازوا لحكومة القرم»، وأن 10 سفن عسكرية أوكرانية محملة جنوداً، غادرت مرفأ الإقليم.
لكن وزارة الدفاع الأوكرانية نفت هذه المعلومات، مشيرة إلى أن سفنها العشر في مرفأ سيفاستوبول في القرم لم تغادره وما زالت موالية لحكومة كييف.
في المقابل، أعلن قائد سلاح البحرية في أوكرانيا الأميرال دنيس بيريزوفسكي ولاءه للسلطات المؤيدة للروس في القرم، وذلك في مؤتمر صحافي في مقر قيادة أركان الأسطول الروسي في سيفاستوبول. وكان الرئيس الأوكراني بالوكالة أولكسندر تيرتشينوف عيّن بيريزوفسكي الجمعة الماضي قائداً لسلاح البحرية.
وقالت مصادر روسية إن وفداً من القيادة الجديدة في القرم بدأ زيارة لموسكو هدفها نيل دعم مالي. ونقلت وكالة «نيوز رو» الإلكترونية عن مصدر في وزارة المال أن موسكو قد تقدّم بليون دولار على شكل مساعدات لتسوية المشكلات الاجتماعية والاقتصادية، كما ستدرس مشاريع استثمارية تصل قيمتها إلى 5 بلايين دولار.
في المقابل، أعلنت أوكرانيا أنها استدعت قوات الاحتياط ووضعت جيشها في حال تأهب قصوى. وأعلن تيرتشينوف إغلاق المجال الجوي أمام أي طائرة غير مدنية، ودعا قادة العالم إلى اتخاذ «خطوات حقيقية» لمساعدة بلاده، منبهاً إلى أنها على «شفير كارثة» بسبب «إعلان الحرب» الروسي.
في الوقت ذاته، اعتبر رئيس الوزراء الأوكراني أرسيني ياتسينيوك أن موافقة مجلس الاتحاد الروسي على إرسال قوات إلى أوكرانيا «إعلان حرب» على كييف، مضيفاً: «إذا أراد بوتين أن يكون الرئيس الذي سيبدأ حرباً بين دولتين جارتين وصديقتين، هما أوكرانيا وروسيا، فكاد يبلغ هدفه، إذ نحن على شفير كارثة».
وأعلن المندوب الأوكراني لدى الأمم المتحدة يوري سيرغييف أن بلاده «مستعدة للدفاع عن نفسها»، مستدركاً أنها ستطلب من دول أخرى «دعما عسكرياً وبأشكال أخرى» إذا وسّعت موسكو نشاطها العسكري.
وعقد الحلف الأطلسي اجتماعاً طارئاً في بروكسيل أمس، واعتبر الأمين العام للحلف أندرس فوغ راسموسن أن «ما تفعله روسيا في أوكرانيا ينتهك مبادئ شرعة الأمم المتحدة، ويهدد السلم والأمن في أوروبا»، وحض موسكو «على وقف نشاطاتها العسكرية وتهديداتها». وكان وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس أعرب عن أمله بـ «وساطة، إما مباشرة بين الروس والأوكرانيين وإما عبر الأمم المتحدة أو منظمة الأمن والتعاون في أوروبا».
أما وزير الخارجية الأميركي جون كيري فاعتبر أن روسيا «تتصرّف، في القرن الحادي والعشرين، بأسلوب القرن التاسع عشر، عبر غزوها بلداً آخر بحجة ملفقة تماماً». ودان «عملاً عدائياً لا يُصدق» لموسكو في أوكرانيا، مشدداً على أن دول مجموعة الثماني ودولاً أخرى «مستعدة للذهاب إلى أقصى مدى، لعزل روسيا اقتصادياً وفرض عقوبات، والروبل بدأ بالانخفاض». وحذر بوتين من أنه قد يخسر «انعقاد قمة مجموعة الثماني في سوتشي، وقد لا يبقى حتى في المجموعة إذا استمر الأمر»، مضيفاً: «إذا أرادت روسيا أن تكون عضواً في المجموعة، يجب أن تتصرّف مثل دولة فيها». لكن كيري لم يلوّح بعمل عسكري أميركي، قائلاً: «آخر شيء يريده أي شخص هو اللجوء إلى الخيار العسكري في هذا الوضع. نريد تسوية سلمية من خلال التدابير المتبعة في العلاقات الدولية».