راجح الخوري /إطار مشنقة للفلسطينيين وتاريخهم؟

أربع ساعات من النقاش بين محمود عباس وجون كيري في باريس لن تغيّر شيئاً من الصفر المكعب الذي انتهت اليه مساعي التسوية بعدما حملت الوزير الاميركي ١١ مرة الى المنطقة. العقدة ليست عند عباس بل عند نتنياهو المحتلّ وكيري المتراخي، فالواضح ان “ابو مازن” لن يقبل قطعاً “اتفاق اطار” يسقط الدولة الفلسطينية من الحاضر والمستقبل ويمحوها من الماضي والتاريخ، كما انه لن يعطي اسرائيل واميركا الذريعة التي تسمح بالقول ان الفلسطينيين افشلوا المفاوضات.

الذي افشلها في الماضي والحاضر تعنت اسرائيل وتقاعس اميركا عن لعب دور الشريك النزيه في التسوية، وفي اعتقادي ان كيري يسعى الآن الى اقناع الفلسطينيين بتمديد مهلة التفاوض التي تنتهي في نيسان المقبل، وهو أمر لن يرضي “ابو مازن” الذي ضاق ذرعاً بمضيعة الوقت، التي اعطتها ادارة اوباما عنواناً جديداً هو “اتفاق الاطار”، ما لم تقرر ممارسة ضغوط فعلية على نتنياهو لدفعه الى قبول التسوية وفق قرارات الشرعية الدولية لقيام دولة فلسطينية في حدود ١٩٦٧ عاصمتها القدس الشرقية.
“اتفاق الاطار” وفق ما تسرّب عن محتواه ليس اكثر من مشنقة يريد كيري ان يلفها على عنق هذه الدولة، وقد كان “ابو مازن” واضحاً وصريحاً عندما اعلن تكراراً انه ما لم تقم الدولة الفلسطينية على اساس حدود ١٩٦٧ وان تكون عاصمتها القدس الشرقية (لا ابو ديس كما يريد نتنياهو) وان تكون لها سيادة الدولة براً وبحراً وجواً، فان الفلسطينيين لن يقبلوا ولن يركعوا وقد اثبتوا حتى الآن انهم شعب ايوب الذي يستطيع ان يرابط صابراً عند حقوقه التاريخية ولن يتراجع.
وصلت الفظاظة في تل ابيب الى درجة تسمية كيري “المهووس بالتسوية”، لكن التدقيق في ما تسرّب عن “اتفاق الاطار” يدفعنا الى القول انه مهووس فعلاً، ولكن بارضاء اسرائيل، ليس على حساب الفلسطينيين فحسب بل على حساب تاريخهم، لأن دعوته هو واوباما الى القبول بيهودية اسرائيل تشكّل اسقاطاً للحق الفلسطيني من التاريخ ومحواً لوجود الفلسطينيين في هذه الارض ولكأنهم هبطوا من الفضاء الخارجي!
تصل الفظاظة الى حد المطالبة بالتعويض على اليهود الذين تركوا بيوتهم في البلدان العربية ليذهبوا الى اسرائيل، بينما ليس هناك من ذكر للتعويض على الفلسطينيين الذين استولت اسرائيل على املاكهم، ثم ان القبول بيهوديتها سيفتح الباب على تهجير مليون ونصف مليون من فلسطينيي ١٩٤٨ من بيوتهم، واذا كان كيري يقبل ان يناقش حق اسرائيل في إقامة “دويلة المعتقل الفلسطيني” تحت حراسة اسرائيلية براً وبحراً وجواً، فهذا ليس “اتفاق اطار” بل اطار مشنقة للفلسطينيين وتاريخهم!

شاهد أيضاً

بعض المؤشرات النقدية تحت المجهر* سلامة الدرعاوي

عروبة الإخباري – في الساحة الاقتصادية، يميل النقاش حول الصحة المالية للاقتصاد الوطني، حيث يتباين …

اترك تعليقاً