الجولة الثانية من مؤتمر «جنيف 2»، بتحقيق «نقطة مهمة جداً» بالنسبة الى النظام السوري، على ما أعلن وزير خارجيته وليد المعلم. هذا «الانجاز» لا يتعلق بمجريات المفاوضات في جنيف، اذ ان الخلاصة كما عبر عنها الموفد الدولي الاخضر الابراهيمي هي عدم التقدم اي خطوة في اتجاه تحقيق المؤتمر، والسبب في ذلك يعود الى رفض النظام البحث في هيئة الحكم الانتقالي، كما قال الاخضر الابراهيمي. ان عدم تحقيق اي تقدم في جنيف هو في ذاته «الانجاز» بالنسبة الى النظام السوري.
في غضون إفشال اي تقدم في جنيف، عمد النظام الى شن اوسع عملية قتل مجاني للمواقع المحاصرة في المدن السورية على نحو أنزل معدلاً من القتلى المدنيين يفوق ما سُجل قبل بدء «جنيف 2»، في الوقت الذي كان يعد للمعركة الفاصلة في يبرود.
وأدت حملة البراميل المتفجرة بعضاً من نتائجها، خصوصاً لجهة عدم قدرة المدنيين على احتمال فقدان كل مقومات الحياة، فاضطروا الى تقديم تنازلات صورية ومصالحات بشروط النظام الذي استغل البؤس الذي انزله بمواطنيه من اجل الاستمرار في الحل العسكري، كما حصل في مخيم اليرموك وبعض بلدات ريف دمشق وحمص.
وفي الغضون كان النظام يعد، مع القوى العسكرية المتحالفة معه خصوصاً «حزب الله»، لما يعتبره معركة فاصلة من القلمون الى ريف حمص وإبقاء السيطرة على الطريق بين دمشق والساحل، من جهة. ومن جهة اخرى، تصفية وجود المعارضة على الشريط الحدودي مع لبنان لحرمانها من عمق، خصوصاً في الجانب الانساني، ولإبقاء التواصل السهل بين القوات السورية النظامية وقوات «حزب الله».
وقد وجدت هذه الاستعدادات الميدانية تغطية سياسية استثنائية من الحليف الروسي الذي منع مرة اخرى البحث في اي قرار في مجلس الامن يتعلق بسورية، مهدداً بحق النقض ضد كل الصيغ التي طرحت، بما فيها تلك المتعلقة بالمأساة الانسانية في سورية. وقد برر الوزير الروسي سيرغي لافروف هذه الممانعة الروسية بأنها من اجل الحؤول دون احتمال توجيه اي تهديد بعقوبات للنظام السوري، رغم كمية البراميل المتفجرة التي يلقيها على شعبه. ولمنع اي مسعى لبحث في بدائل للنظام، خصوصاً هيئة الحكم الانتقالي، كما نص اعلان «جنيف 1».
هذا الدعم الروسي اللامحدود جاء مترافقاً مع تشديد ايراني جديد على التمسك بالنظام السوري، ممثلاً بالرئيس بشار الاسد، ومع تأكيد جديد على ان سورية خط مواجهة ايراني، كما صرح الجنرال قاسم سليماني قائد «فيلق القدس» الايراني المسؤول عن التدخل العسكري في منطقة الخليج والشرق الاوسط.
هكذا استطاع النظام السوري خلال جولتي «جنيف 2» ان يحقق بعضاً من اهدافه الميدانية، رغم الاثمان الكثيرة التي فرضها على السكان المدنيين. وهو يأمل حالياً ان يحسم معركة القلمون، بما يعطيه تفوقاً ميدانياً في مواجهة المعارضة. وفي الوقت نفسه، تأكد ان طبيعة تحالفه مع كل من روسيا وايران، والدعم اللامحدود، العسكري والسياسي، والذي يحصل عليه منهما لم يتأثر بما تردد عن ترتيبات وتوافقات اميركية – روسية، في اطار ميزان المصالح والنفوذ، او اميركية – ايرانية، في اطار الاتفاق على الملف النووي.
عبدالله اسكندر/انجازات «جنيف 2»!
14
المقالة السابقة