عروبة الإخباري – عقد في قصر بيان أمس الاجتماع الوزاري المشترك الثالث للحوار الاستراتيجي بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية وجمهورية روسيا الاتحادية.
وترأس جانب مجلس التعاون النائب الاول لرئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية الشيخ صباح الخالد رئيس الدورة الحالية للمجلس الوزاري لدول مجلس التعاون وترأس الجانب الروسي وزير خارجيتها سيرغي لافروف.
وشارك في الاجتماع وزراء خارجية دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية ومن ينوب عنهم والامين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية الدكتور عبداللطيف بن راشد الزياني.
وتناول الاجتماع توطيد العلاقات الثنائية وسبل التعاون والتنسيق بين دول المجلس وروسيا الاتحادية، بالاضافة الى القضايا الاقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.
الملف السوري
وفي مؤتمر صحفي عقب الاجتماع أعلن الشيخ صباح الخالد أن الملف السوري كان حاضرا في الاجتماع، حيث كانت وجهة نظر الجانبين مختلفة، وتم الاتفاق على مواصلة المشاورات والاتصالات وصولا الى فهم مشترك.
واستعرض الخالد نتائج المباحثات الخاصة باجتماع الوزاري الثالث للحوار الاستراتيجي الخليجي الروسي، والتي تهدف الى تقوية التعاون لتشمل كافة المجالات مع روسيا باعتبارها احد ابرز الشركاء الاستراتيجيين.
وذكر أنه فيما يتعلق بالأوضاع في الأراضي الفلسطينية المحتلة، أكد الجانبان على تطابق وجهات النظر حول النزاع العربي الاسرائيلي، وأن السلام الشامل والدائم لا يتحقق قبل انسحاب اسرائيل الكامل من الأراضي العربية المحتلة عام 1967، واقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، طبقا لقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة ومبادرة السلام العربية.
واضاف الخالد: أكدنا في الاجتماع على دعوة المجتمع الدولي الى الاستمرار في دعم مساعي الشعب الفلطسني السلمية لنيل حقوقه الوطنية المشروعة.
ترحيب
وفي ما يتعلق بالبرنامج النووي الايراني، قال الخالد إنه تم الترحيب بالاتفاق التمهيدي الذي وقعته مجموعة «5+1» مع إيران بتاريخ 24 نوفمبر من العام الماضي في جنيف، باعتباره خطوة اولية نحو اتفاق شامل بشأن البرنامج النووي الايراني لانهاء القلق الدولي والاقليمي حول هذا البرنامج والذي من شأنه ترسيخ دعائم الأمن والسلم الدوليين.
كما أكد الخالد ان روسيا بالنسبة إلى دول مجلس التعاون تمثل شريكا استراتيجيا، وهناك مجالات تعاون كثيرة بين الطرفين، بالاضافة الى دور روسيا الاتحادية في أمن المنطقة واستقرارها، وجميعها تحت مظلة هذا الحوار الاستراتيجي.
واضاف: نحن اليوم نشهد تطور أوضاع متسارعة في دول المنطقة، وقد أخذت هذه الاوضاع حيزا كبيرا من هذا الاجتماع، ولكن الجانبين الخليجي والروسي يوليان أهمية كبرى لحل هذه القضايا.
دعوة
من جهته، قال وزير خارجية روسيا الاتحادية سيرغي لافروف «نقلت الى سمو امير البلاد دعوة رئيس روسيا لزيارة روسيا الاتحادية والبحث في مشاريع الاستثمار في العلاقات الثنائية بين البلدين»، لافتا الى انه «تم تحديد قاعدة عمل مشتركة، والعمل والاستثمار في العلاقات الاقتصادية، وزيادة العلاقات الانسانية التي ستعزز خدمة شعبينا».
وفي الشأن السوري قال لافروف: نتفق على ضرورة ان يتحقق في سوريا العدل والمساواة والأمن وان يكون هناك اقتصاد قوي لتحسين الوضع المتدهور هناك، وذلك انطلاقا من بيان جنيف 2، ونتوقع من المبعوث الأممي الاخضر الإبراهيمي تعزيز المحادثات، وايضاً نتطلع الى خطوات مماثلة في القضية الفلسطينية حتى يعم السلام في المنطقة.
تطبيق الاتفاقيات
وأشار لافروف الى أنهم تناولوا خلال اجتماعهم برنامج ايران النووي، وأكدنا خلال مناقشة هذا الملف على أهمية تطبيق الاتفاقيات الدولية بهذا الشأن والالتزام فيها، خصوصا اتفاقية «1+5»، ويجب اتخاذ الخطوات لضمان مراعاة مصالح دول المنطقة وازدهارها.
وذكر لافروف: تعاهدنا على تعزيز العلاقات الثنائية بين روسيا ودول الخليج على جميع الأصعدة، مؤكدا ان روسيا تدعم كل السبل التي تعزز هذه العلاقات وتضمن استدامتها، كما انها تدعم الأنظمة التي تحقق الاستقرار في المنطقة والمبادرات التي تخدم الشعوب.
وفي رده على سؤال يتعلق بعدم التطرق الى موضوع الخلافات بين الطرفين، بخصوص الملف السوري، قال لافروف ان الاختلافات الموجودة بيننا طفيفة ولا تكاد تذكر، ولذلك لم نسلط الضوء عليها، وركزنا على القاعدة والاهداف المشتركة، فجُلّ اهتمامنا جميعا ان تعود سوريا كما كانت آمنه ومزدهرة.
وعن أهم نقاط الاختلاف خلال هذا الاجتماع، قال لافروف: يجب ألا ننظر الى المفاوضات بمجملها على انها فشلت، ونحن لسنا مسرورين للصعوبات التي تواجهنا، لأننا لن نغلق الباب امام اي تقدم، وما من مخرج الا عن طريق المفاوضات، وهذه القاعدة تطبق على كل القضايا والأزمات، ومنها الأزمة السورية، التي لا يمكن حلها عن طريق التدخل العسكري.
وتابع في السياق نفسه: هناك عدد متزايد من المحاولات لإفشال مسار جنيف الثاني، كما ان هناك مؤامرة لاعتماد الخيار العسكري وهو مرفوض، وموسكو متمسكة بموقفها تجاه هذه الأزمة من خلال التنفيذ الكامل لبيان جنيف الصادر عام 2012، ووقف كل انواع العنف وإطلاق الحوار بين الحكومة والمعارضة.
وشدد على ضرورة التوصل الى مرحلة انتقالية من اجل إقامة نظام سياسي جديد في سوريا من خلال دولة علمانية تؤمن بالحرية للجميع، وأضاف ان التفكير بهيئة الحكم الانتقالي يجب ان يتم بعد اتفاق المعارضة والحكومة على النظام الجديد، مؤكدا في الوقت نفسه ضرورة تسهيل عمل الطواقم الانسانية لإيصال المساعدات الى المحتاجين، لافتا الى ان كل تلك الأمور بالمفاوضات تتطلب وقتاً وجهداً.
برنامج الأمن
كما تحدث وزير الخارجية الروسي عن برنامج الأمن في منطقة الخليج، مشددا على ضرورة معالجة انعدام الثقة، الذي ما زال قائما بين بعض الدول العربية وايران، وقد طرحنا الانطلاق بمسيرة جديدة للتخفيف من هذه الامور لمزيد من الثقة بين جميع الاطراف، ويمكن توفير المساعدة من الاسرة الدولية والدول الاعضاء في مجلس الامن او الاتحاد الاوروبي.
وأضاف قائلا: هذه فكرة تقدمنا بها وأحلناها امام دول المنطقة، ونحن على استعداد لمساعدة دول المنطقة على تحسين الوضع والجو العام وتقديم اي مساعدة ضرورية تساعد على تخطي كل التحديات عن طريق الحوار.
وحول دعوة الرئيس الروسي لسمو الامير لزيارة روسيا ومدى تأثيرها في تطور العلاقات بين البلدين، قال لافروف إننا اكدنا دعوة سمو امير الكويت (أمس) وهناك مشاريع مستقبلية كبيرة بين البلدين، لاننا نرغب في تعزيز العلاقات الثنائية بين بلدينا، ونحن على ثقة بان علاقاتنا على هذا المستوى الكبير سوف تخدم الشراكة بين روسيا والكويت ودول المنطقة.
تقريب وجهات النظر
وعما اذا كان بالامكان ان تقوم روسيا بتقريب وجهات النظر بين دول الخليج وايران، قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف: نحن نهتم فعلا بتطبيع العلاقات بين دول المنطقة وايران، خصوصا بين المملكة العربية السعودية وايران، ونحيي كل اشكال الاتصالات والحوارات، وأتمنى ان نصل الى حوار بنّاء بين ايران والسعودية، لان ذلك يخدم مصلحة البلدين، ويتطلب هذا الحوار تعاونا من الخارج، واذا ما طلب الطرفان ذلك فإننا سنأتي بهذا التعاون، ولكننا لن نفرض أنفسنا فرضاً عليهم.
تجريم الإرهاب
بدوره، رد الامين العام لدول مجلس التعاون عبداللطيف الزياني على سؤال يتعلق باعلان السعودية قانونا يجرّم الارهاب والذهاب للمشاركة في القتال في المناطق المتنازعة، وعما اذا كان هذا يعتبر مثالا يحتذى في باقي دول الخليج، حيث قال: ان دول المجلس لديها اتفاقية في مجال التعاون لمكافحة الارهاب، وكل دوله صادقت على هذه الاتفاقية، وهناك جهود محلية لدى كل الدول الاعضاء لمكافحة هذا التحدي، وكما تعلمون فان البرامج والتنسيق مستمران بين دول المجلس، سواء كان في الجهد الامني في مكافحة الارهاب، او في مجال تبادل المعلومات فيما يخص مكافحة هذه الظاهرة.
وساطة
وحول دعوة رئيس مجلس النواب اللبناني من الكويت لدول مجلس التعاون للعب دور وساطة بين ايران والسعودية، وعما اذا كانت هناك خطوات يقومون بها في هذا المجال، قال الزياني ان دول مجلس التعاون كانت دائما سباقة في مد يد التعاون والتقارب والتحاور والتواصل مع الجانب الايراني، ورحبنا بخطاب الرئيس الايراني روحاني، ونحن ندعو الى اثبات حسن النوايا الايرانية، حيث ان هناك بعض الامور المتعلقة باحتلال جزر الامارات والتدخل بالشؤون الداخلية لبعض الدول ووجود قوات ايرانية في سوريا، واستمرار هذه الامور لا يدعم الانطباع الايجابي الصادر من الجانب الايراني.
جلسة مباحثات
عقدت في قصر بيان امس جلسة مباحثات رسمية بين النائب الاول لرئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية الشيخ صباح الخالد ووزير خارجية روسيا سيرغي لافروف. وتناولت المباحثات العلاقات الثنائية بين البلدين وسبل توطيدها بما يحقق مصلحة الشعبين الصديقين في كل المجالات، بالإضافة إلى القضايا ذات الاهتمام المشترك على الساحتين الإقليمية والدولية.