“لا استطيع ان افرض على اشخاص أجندة لا يريدونها. كيف يمكن ان توجه مسدساً الى رؤوسهم؟ هذا بلدهم ومسؤوليتهم كبيرة”. هذا ما قاله الاخضر الابرهيمي في ما بدا انهياراً نهائياً لمؤتمر جنيف ونهاية مذلّة لمهمته المستحيلة.
جاء ذلك بعدما وضع بشار الجعفري مسدساً في رأس الابرهيمي، لأنه اقترح مخرجاً لتفعيل المفاوضات بأن تبدأ بمناقشة موضوع “الارهاب” كما يصرّ وفد النظام، بالتوازي مع موضوع “الانتقال السياسي” كما يصرّ وفد المعارضة، وخصوصاً ان دعوة بان كي – مون الى المؤتمر نصت صراحة على محورية “الانتقال السياسي”!
اجتماع الابرهيمي غداً مع ويندي شيرمان وغينادي غاتيلوف لن يقدم او يؤخر لأن موسكو لا ترفض البحث في الانتقال السياسي فحسب، بل تعارض حتى ان ينظر مجلس الامن في الممرات الانسانية، وهو ما يبقيها راعية امينة للمذبحة، ولأن واشنطن تكتفي بمراقبة تخبط الروس في الوحول الدموية السورية، ولا تجد مبرراً حتى لمحاسبة النظام على الاخلال بروزنامة تسليم الكيميائي!
واذا كان الابرهيمي أتحفنا بالقول ان لديه اطناناً من الصبر، فليس لدى الشعب السوري المذبوح اي ذرة اضافية من الصبر تحت سماء تمطره بالبراميل المتفجرة، ولهذا عندما يتوجه الى الامم المتحدة ليرفع تقريره سواء الى بان كي – مون او الى مجلس الامن، عليه ان يكون صريحاً واميناً في وصف ما يراه العالم بالعين المجردة، منذ افتتح وليد المعلم المفاوضات بترهيب المستر بان، الى اصطدامه مع الجعفري الذي اتهمه بالانحياز لأنه حاول انتشال المفاوضات باقتراح التوازي بين البحث في الارهاب والانتقال السياسي.
اصرار وفد النظام على التراتبية في مناقشة بيان “جنيف 1″، تحول تزويراً فظاً لمحتواه، فالبند الاول ينص حرفياً: “يجب على جميع الاطراف ان تلتزم مجدداً بوقف دائم للعنف المسلح بكل اشكاله وبتنفيذ خطة النقاط الست فوراً وبدون انتظار اجراءات من الاطراف الاخرى…”، لكن وفد النظام الذي دمّر سوريا وقتل ما يقرب من مئتي الف وشرّد الملايين، يتجاهل واجبه في وقف هذا العنف ويريد ان تبدأ المعارضة بالأمر، مستخدماً كلمة “الارهاب” بدلاً من “العنف” في محاولة واضحة للايحاء بان ليس في سوريا معارضة بل هناك ارهاب وارهابيون، فقد كان من المضحك المبكي ان يقول الجعفري بعد فيصل المقداد ان وفد الائتلاف يرفض مناقشة موضوع الارهاب!
ليس على الابرهيمي الاكتفاء بالبكاء على كتفي بان كي – مون، قبل ان ينضم الى جوقة الفاشلين المصدومين وآخرهم كوفي انان، بل عليه ان يقول كلاماً اميناً وصادقاً عن النظام، الذي لا يكتفي بقتل شعبه بل يقتل كل محاولة لوقف القتل وبرعاية بغيضة من الروس، تريح الاميركيين الراقصين على قبور السوريين!