الجولة الجديدة من مفاوضات جنيف لن تؤدي الى اي نتيجة باستثناء نقل الاضواء من حقول الدم في سوريا الى الفشل الذي يديره الاخضر الابرهيمي، بينما تزداد معالم الضياع الاميركي حيال المأساة التي يتلذذ فلاديمير بوتين في تعقيدها الى درجة ان سفيره فيتالي تشوركين، يرى ان “من المبكر جداً” مناقشة موضوع الممرات الانسانية في مجلس الامن، ورغم هذا دعت السعودية مجلس الامن الى مناقشة الموضوع، فحمص مثلاً تجاوزت ستالينغراد في الدمار والمآسي، وكان آخرها امس قصف النظام قافلة المساعدات اليها!
ما معنى العودة الى جنيف عندما تقول بثينة شعبان عن وفد الائتلاف “ان من اتى للجلوس الى الطاولة لا يمثّل احداً”، وان النظام يراهن على الحرب التي ستحدد اي محور في المنطقة هو الاقوى، بما يعني انه مصمم مع حلفائه الايرانيين والروس على مواصلة تدمير سوريا، التي ترتعد اميركا واوروبا في مواجهة احتمالات تحوّلها عاصمة دولية للإرهابيين!
احمد الجربا يطالب بفاروق الشرع مفاوضاً بدلاً من وليد المعلم، الذي افتتح الجولة الاولى بخطاب ترهيبي لبان كي – مون والحاضرين، لكن عقدة الجولة الثانية واضحة سلفاً، وهي المطالبة بمناقشة بيان “جنيف ١” بنداً بنداً لأن البند الاول منه يدعو الى “وقف العنف”، وهذا سيقود فوراً الى ما يشبه الخلاف على ما اذا كانت البيضة ام الدجاجة اولاً، حيث سيطلب المعلم وقف “العمليات الارهابية” اولاً، باعتبار ان النظام وصف المعارضة منذ البداية بعد تكسير اصابع اطفال درعا بانها ارهاب يجب القضاء عليه، بينما ستطلب المعارضة ان يوقف النظام اولاً تدميره المنهجي لسوريا شعباً وارضاً!
ديفيد ميليباند طرح في مقال كتبه في” الصنداي تايمس” سؤالاً يمثّل إدانة قاطعة لاميركا وروسيا والشرعية الدولية إضافة الى النظام السوري وحلفائه الذين يقاتلون معه: “هل ضاعت سوريا وانتهت كأمة ودولة… لا احد يجرؤ على ذكر مأساتها لانها تعبر عن فشل معيب للسياسة والديبلوماسية، وهذا لا يعفي احداً من الاهتمام بالجانب الانساني من هذه المأساة”!
لكن من الذي سيسأل، بوتين المتشاوف الذي يتزلج على دماء السوريين كما يتزلج في سوتشي عاري الصدر، او باراك اوباما الذي “توبّخ” ادارته جون كيري لأنه اعترف وفق ” الواشنطن بوست” امام جون ماكين وليندسي غراهام بان “واشنطن اخفقت في سوريا”، وهو ما اضطرت الخارجية الى نفيه بسرعة متغاضية مثلاً عن عدم تسليم النظام الترسانة الكيميائية وفق الروزنامة المتفق عليها، بينما كان وزير الامن الاميركي يعلن ان “سوريا باتت مسألة أمن قومي لنا وللأوروبيين”، في اشارة الى الارهاب الذي عملت واشنطن وموسكو على زرعه وتخصيبه في سوريا منذ ثلاثة اعوام!