عروبة الإخباري – إنطلق الآلاف من الليبيين في مسيرات في طرابلس وبنغازي من أجل المطالبة بحل المؤتمر الوطني العام (البرلمان) المؤقت الذي كان من المقرر أن تنتهي ولايته يوم الجمعة وسط انقسامات عميقة في البلاد بشأن مستقبله، الامر الذي أنتهى بإستقالة عدد من النواب في المؤتمر الوطني استجابة للاحتجاجات .
حيث ان المؤتمر الوطني كان قد انتخب العام عام 2012 وكان من المفترض ان تنتهي ولايته في السابع من فبراير /شباط، الا ان اعضاءه مدوا ولايته لإتاحة مزيد من الوقت للجنة خاصة لوضع مسودة الدستور الذي يعتبر خطوة أساسية في عملية الانتقال السياسي في ليبيا.
وعلى ذلك، ملأ المحتجون ساحة الشهداء في العاصمة طرابلس و تجمع مئات المتظاهرين للمطالبة بحل المؤتمر واجراء انتخابات عامة، حيث هتف المتظاهرون الذين تجمع البعض منهم حاملين مكانس “لا للتمديد”. ورفع آخرون يافطات كتب عليها “07/02: انتهت المهلة”في الساحة الرئيسية في مدينة بنغازي امام فندق تيبستي بشرق ليبيا حيث كانوا يلوحون بأعلام ليبيا ويرددون هتافات تعارض تمديد ولاية البرلمان، حيث يشعر كثير من الليبيين بأن المؤتمر الوطني العام لم يحرز تقدماً في ظل حالة الاستقطاب بين تحالف القوى الوطنية القومي وحزب العدالة والبناء الذراع السياسية لجماعة الاخوان المسلمين.
وتقتضي الاشارة الى انه تمر عملية التحول الديمقراطي في ليبيا بأزمة واضحة حيث تعرقل المواجهات بين الإسلاميين والقوميين عمل الحكومة كما لا يتمكن الجيش الذي أنشىء حديثاً من بسط سيطرته في كثير من الأحيان. كما انه اقدمت ميليشيا في شرق البلاد على توقيف تصدير النفط الذي يعتبر مصدر الدخل الرئيسي للبلاد ولا يزال الملف الأمني مصدر قلق، وقد تجلى هذا الامر في خطف رئيس الوزراء علي زيدان نفسه لفترة قصيرة في اكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
وقد كان علي زيدان دعا مواطنيه الى التظاهر سلمياً، مؤكداً أن “كل شيء يمكن أن يتحقق سلمياً وعبر الحوار”، وفعلاً نجح زيدان في أن ينجو من محاولات خصومه سحب الثقة منه في البرلمان غالباً حصل ذلك بسبب الانقسامات بين المشرعين.
وعليه، ما يعكس عمق الغموض السياسي في البلاد هو ان معظم المحتجين طالبوا يوم الجمعة بإجراء انتخابات جديدة أو أن تحل لجنة رئاسية أو المحكمة العليا محل البرلمان إلى حين إجراء الانتخابات. حيث انه بعد أشهر من الخلافات وافق المؤتمر الوطني العام يوم الاثنين على أن تضع لجنة خاصة مسودة الدستور.
وفي هذا الامر يقول مشرعون في المؤتمر إنه إذا أظهرت اللجنة تقدماً خلال 60 يوماً فإنه سيبقى لضمان الاستقرار حتى تنتهي اللجنة من وضع مسودة دستور وإذا فشلت في ذلك فستجرى انتخابات جديدة لانتخاب برلمان مؤقت.
وهنا نشير الى ان عملية الانتقال السياسي في ليبيا تعثرت نتيجة تحالف العشرات من كتائب المعارضة السابقة التي قاتلت للإطاحة بالقذافي وترفض التخلي عن أسلحتها مع فصائل سياسية متنافسة تلجأ كثيرا للقوة العسكرية للضغط من أجل تنفيذ مطالبها. وبالتالي يحتل قائد سابق لمقاتلي المعارضة مرافىء نفطية رئيسية في شرق البلاد مما ادى الى انخفاض صادرات ليبيا الى النصف وذلك للمطالبة بمزيد من الحكم الذاتي لهذه المنطقة ونصيب اكبر في الثروة النفطية.
وفي تجسيد لهذا الاستقطاب، تحالفت كتيبة الزنتان مع تحالف القوى الوطنية بينما تحالفت كتيبة مصراتة مع اسلاميينـ وقد لعبت الكتيبتان المتناحرتان دوراً رئيسياً في المعارضة السابقة.
وقد كان أبرز هجوم لمسلحين مجهولين تردي الوضع الأمني الذي لم تسلم منه العاصمة حين حاولوا اقتحام مقر قيادة الجيش الليبي في طرابلس امس الخميس وتبادلوا اطلاق النار مع الجنود ثم سرقوا بنادق ومركبات عسكرية.
وفي رد فعل على تظاهرات التي نظمت الجمعة، أعلن النائب المستقل جمعة الصياح استقالته عبر قنوات التلفزيون الليبية مؤكداً انه يخضع بذلك “لارادة الشعب”. كما أعلن عضو المؤتمر توفيق الشهيبي على صفحته على فيسبوك انه استقال بعد ان قال “الشعب كلمته”.
كما ذكرت بعض وسائل الاعلام الليبية المحلية امس بإن 15 نائبا جديدا في البرلمان الليبي قدموا استقالاتهم تلبية للاحتجاجات ، لكن اارت الى “أن هذه الاستقالات لا يعتد بها رسميا إلا بعد تقديمها لمكتب الرئاسة في البرلمان وتلاوتها على أعضائه”، كما نفى الناطق الرسمي باسم المؤتمر الوطني العام، عمر حميدان، نفى بأن تكون هناك أي استقالات إضافية قدمت رسميا لمكتب رئاسة المؤتمر باستثناء استقالتين لعضوين أحدهما عن مدينة بنغازي والآخر عن مدينة درنة.
“انتخابات لجنة صياغة الدستور في 20 شباط”
من ناحية اخرى، جدد رئيس المؤتمر الوطني العام في ليبيا نوري بوسهمين التأكيد أن انتخابات هيئة صياغة الدستور المقبل ستجري قبل نهاية الشهر الحالي، مضيفاً من تونس حيث شارك في احتفالات اقرار الدستور فيها، أنه “تجري حالياً مختلف التحضيرات من قبل المؤتمر والحكومة لتهيئة المناخ الآمن وكل عوامل النجاح لإجراء انتخابات هيئة صياغة الدستور، لجنة الستين في العشرين شباط الحالي”.
“اطلاق سراح الايطاليين المخطوفين”
من جهة أخرى، أفاد مسؤولون ليبيون وايطاليون ان خاطفي عاملي بناء ايطاليين اطلقوا سراحهما بعد ثلاثة اسابيع من خطفهما في شرق ليبيا بفضل جهود مشتركة من الحكومتين، وبالتالي لم تتضح على الفور تفاصيل اطلاق سراحهما حيث كان الرجلان خطفا الشهر الماضي في درنة شرقي بنغازي حيث كانا يعملان في مصنع اسمنت، بحسب ما أعلن سفير إيطاليا في ليبيا جوسيبي بوتشينو.
وأفاد السفير الإيطالي إنّ الرجلين “أُفرج عنهما بفضل الجهود التي بذلها الجيش وأجهزة الاستخبارات الليبية”، مشيراً في ذلك إلى أنّهما الآن في طريقهما إلى روما”.
كما اشارت وزارة الخارجية الايطالية بموقعها على الانترنت ان الرجلين كانا في طريق العودة الى روما، الا انها لم تعط مزيداً من التفاصيل.
وبالتالي، تمثل درنة مرتعا لنشاط المتشددين الاسلاميين، الا ان ناشطاً سياسياً محلياً لفت الى ان الرجلين ربما خطفا في اطار نزاع قبلي بشأن الوظائف في مصنع الاسمنت.
وعليه، بعد مرور نحو ثلاث سنوات من سقوط معمر القذافي ما زالت الحكومة الليبية تكافح لفرض سلطتها على مقاتلين سابقين وجماعات مسلحة ومتشددين قاتلوا في وقت ما القذافي ويرفضون الآن نزع سلاحهم، ويمثل الاجانب هدفااً لعمليات الخطف من عصابات مسلحة وايضاً لاغراض سياسية.