في نهاية ايلول من العام الماضي رفع تقرير الى باراك اوباما خلاصته ان السياسة الاميركية المتبدلة في المنطقة العربية، قد تنتهي الى نتائج عكسية بمعنى ان اميركا ستخسر بالتالي تحالفها مع دول الخليج وخصوصاً السعودية ولن تربح ايران التي تناسبها الخصومة مع اميركا لا التحالف معها!
صحيفة “وورلد تربيون” التي اشارت الى هذا التقويم في حينه،عادت قبل عشرة ايام لتتحدث عن تقرير مشابه قدمته اجهزة الاستخبارات الاميركية الى لجنة الاستخبارات في الكونغرس، وفيه ان دول “مجلس التعاون الخليجي” قد تكون اول الحلفاء العرب التي قد تتخذ قراراً بالإبتعاد عن اميركا.
جيمس كلابر مدير الاستخبارات الوطنية كان اكثر صراحة ووضوحاً عندما حذّر من ان تخفيض التعاون في هذا السياق سيضرّ بمصالح اميركا القومية “لأن عدم رضى دول الخليج في شأن السياسات الاميركية تجاه ايران وسوريا ومصر، قد يقود تلك البلدان الى خفض مستوى التعاون مع اميركا في شأن القضايا الاقليمية، وايضاً التصرف من جانب واحد في الامور التي تتعارض مع المصالح الاميركية”.
وسط هذا الجو المتصاعد من التحذيرات والشكوك اعلن البيت الابيض ان الرئيس الاميركي سيزور السعودية لعقد قمة مع خادم الحرمين الشريفين في آذار المقبل، وانها “ستناقش العلاقات الدائمة والاستراتيجية بين الولايات المتحدة والسعودية، اضافة الى تعاوننا لتطوير المصالح المشتركة المرتبطة بأمن الخليج والمنطقة والسلام في الشرق الاوسط ومكافحة الارهاب وملفات اخرى”. الاعلان عن هذه القمة الاميركية السعودية المهمة اطلق سلسة واسعة من التعليقات، لأن المحادثات بين الملك عبدالله والرئيس اوباما، تأتي وسط جو متزايد من الإحباط والارباك العربيين اللذين سببتهما سياسات اوباما في المنطقة وقد بدت اقرب الى المخادعة والتخاذل. المخادعة عنما تبيّن انها انهمكت لمدة ثلاثة اعوام في التفاوض سراً مع ايران ولم تطلع حلفاءها السعوديين والخليجيين رغم علمها بسياسات التدخل والتخريب الايرانية في دولهم، اما التخاذل فيتمثل بتغاضي واشنطن عن تحمل مسؤولياتها السياسية والاخلاقية حيال المذبحة السورية.
السؤال الذي يتبادر الى الذهن حيال محادثات عبدالله واوباما: هل تكون قمة تصحيحية تناقش “العلاقة الدائمة والاستراتيجية بين البلدين وتطوّر المصالح المشتركة المرتبطة بأمن الخليج والمنطقة”؟
رفض السعودية مقعدها في مجلس الامن كان رسالة انسحاب من عجز الشرعية الدولية توازي بداية انسحاب اميركا من علاقاتها الاستراتيجية بدول الخليج، والتقارير التي حذّرت من هذا ووضعت على طاولة اوباما وفي الكونغرس، لا تزيد شيئاً على ما سبق ان حذّر منه الامير بندر بن سلطان الممسك بعمق اهمية جذور العلاقة الاستراتيجية بين واشنطن والرياض.