لا يتوقع أن تسفر المحادثات الراهنة في (جنيف ـ 2) عن نتائج سريعة وملموسة تضع حدا للأزمة السورية وتخرجها من الخانق الدموي الذي فرض على الشعب السوري والدولة السورية منذ نحو ثلاثة أعوام. المتابعون للمحادثات خفضوا من سقف التوقعات خاصة بعد إن لم يتم الاتفاق على مجمل القضايا الإنسانية غير تلك المتعلقة بحمص القديمة. فالمسلحون يحاصرون كثيرا من المواطنين في نبل والزهراء وفي مخيم اليرموك وغيرها من مناطق وقرى سورية. الأسئلة الأكيدة المحيرة تتصل بمقدرة الوفد المفاوض عن المعارضة على التصرف المستقل وهو الخاضع لما تمليه عليه قوى أخرى من مثل السفير الأميركي السابق في سوريا والقوى الأخرى التي تمول الائتلاف السوري المعارض وتمده بأسباب البقاء.
يقر وفد الائتلاف بدوره أنه لا يملك أي سلطة على التنظيمات التكفيرية والإرهابية الأخرى مثل داعش والنصرة وسواهما. وهذه القوى والتنظيمات نفسها سبق أن أعلنت عدم اعترافها بشرعية تمثيلها من قبل وفد الائتلاف إلى جانب رفضها مبدئيا سلوك طريق التفاوض.
ولعل أهم ما يمكن للملاحظ تسجيله أن هناك عددا من معيقات إنجاح المحادثات في جنيف جلها يتصل بالطرف الآخر غير الحكومي ومنها:
أولا: إن وفد الائتلاف لا يمثل جميع أطياف المعارضة السورية ومنها بالطبع المعارضة الوطنية الداخلية والتنسيقيات .. الخ.
ثانيا: إن هذا الوفد لا يملك استقلالية القرار.
ثالثا: إن هذا الوفد متمسك بتفسير ما ورد في بيان جنيف1 بما لا يتفق مع التفسير السوري أو الروسي.
رابعا: وفد الائتلاف يظن أنه هناك لتسلم السلطة من الحكومة السورية التي تمثل مجموع السوريين.
خامسا: الوفد الرسمي يؤكد أنه هناك لوضع حد لمآسي الشعب السوري ولوضع حد للإرهاب والإرهابيين وأن مناقشة قضية رئاسة سوريا خط أحمر، فالشعب السوري وحده يملك حق اختيار من يرأسه وليس سواه.
سادسا: الوفد الرسمي يملك الاستقلالية والقدرة على اتخاذ القرار المناسب بشأن إخراج سوريا من المأزق والتوجه الجماعي إلى الأمن والأمان ومحاربة القوى المتطرفة الإرهابية التي تناصب الشعب السوري العداء.
سابعا: يجب قبل أي أمر آخر إخراج القوى الإرهابية المسلحة الأجنبية من سوريا لكي يتمكن السوريون من الحوار بمفردهم بدون ضغوط أو تدخلات خارجية، ولكي تنجح المحادثات يجب أن تكون تحت سقف الوطن وفي قلب الوطن وأن يشارك فيها السوريون كلهم.
لذلك لا أحد يتوقع أن تخرج المحادثات الراهنة بنتيجة تخرج سوريا من دوامة العنف والإرهاب وتعيد إليها أمنها وأمانها ودورها وقدراتها. كما أن العامل الحاسم في المحادثات يخضع للمتغيرات على الطبيعة، وتلك تسير في صالح سوريا من خلال إنجازات قواتها المسلحة الميدانية.
نواف ابو الهيجا/“جنيف ـ 2″ .. السقف المنخفض
21
المقالة السابقة