عروبة الإخباري – وقف الرئيس الأميركي حازماً أمام الكونغرس الأميركي، فجر أمس، مبرزاً “نهجاً أحادياً”، كما وصفه البعض، في محاولة للإمساك بزمام أمور ولايته الثانية، حيث تعهد في خطابه بتجاوز الكونغرس في عدد من النقاط الخلافية، والتي تعد من بين أبرزها مسألة المفاوضات مع إيران، إذ يرفض الرئيس الأميركي فرض الكونغرس لعقوبات جديدة بالتزامن مع سير المفاوضات.
وألقى اوباما خطابه الخامس عن “حالة الاتحاد”، أمس، تزامناً مع بدء العام الثاني من ولايته الثانية. وعادة ما يعتبر خطاب “حالة الاتحاد” الرئاسي في قاعة الكونغرس حدثاً قومياً يحضره أيضاً أعضاء الحكومة، ما عدا احدهم تحسباً للطوارئ، وهيئة الأركان المشتركة ورئيس وأعضاء المحكمة العليا والسلك الديبلوماسي، بالإضافة إلى السيدة الأولى ميشال اوباما.
وفي الشأن الإيراني، قال اوباما “إنها الديبلوماسية الأميركية، مسنودة بالضغط، التي أوقفت تقدم برنامج إيران النووي وعكست أقساماً من ذلك البرنامج للمرة الأولى أيضا في عقد من الزمان”، مضيفاً أنّ “إيران بدأت التخلص من مخزونها من اليورانيوم المخصب على مستويات أعلى. هي لا تثبت أجهزة الطرد المركزي. وتساعد عمليات تفتيش لا سابق لها على التحقق كل يوم من أن إيران لا تصنع قنبلة. ومع حلفائنا وشركائنا، نحن منهمكون في المفاوضات لنرى إذا كان في وسعنا أن ننجز هدفاً مشتركاً لنا جميعاً: منع إيران من الحصول على سلاح نووي”.
وتابع قائلاً إنّ “هذه المفاوضات ستكون صعبة؛ يمكن لها ألا تنجح. ونحن ننظر بشكل واضح إلى دعم إيران لمنظمات … مثل حزب الله التي تهدد حلفاءنا؛ ولا يمكننا أن نتجاهل انعدام الثقة بين بلدينا … ولكن هذه المفاوضات لا تعتمد على الثقة؛ إن أية صفقة طويلة الأمد نوافق عليها يجب أن تقوم على قاعدة التحقق الذي يقنعنا والمجتمع الدولي بأن إيران لا تصنع قنبلة نووية”.
واستطرد قائلا إنّ “العقوبات التي وضعناها ساعدت على جعل هذه الفرصة ممكنة. ولكن دعوني أوضح: إذا أرسل لي الكونغرس قانون عقوبات جديداً الآن يهدد بإخراج هذه المحادثات عن الخط فسأستخدم حق النقض ضده. من اجل أمننا القومي، علينا أن نعطي الديبلوماسية فرصة للنجاح”.
وختم قائلا “إذا لم يغتنم القادة الإيرانيون هذه الفرصة، فسأكون عندئذ أول من يدعو إلى مزيد من العقوبات وسأقف مستعداً لاستخدام جميع الخيارات للتأكد من أنّ إيران لا تصنع سلاحاً نووياً. ولكن إذا قام قادة إيران فعلا باغتنام الفرصة، وسنعرف هذا قريبا جداً، عندئذ يمكن لإيران أن تتخذ خطوة مهمة لإعادة الانضمام إلى مجتمع الأمم، ونكون عندئذ قد تمكنا من حل احد التحديات الرئيسية في زماننا بلا مخاطر الحرب”.
أما في الشأن السوري، فأعلن اوباما أنّ “الديبلوماسية الأميركية، مدعومة بالتهديد بالقوة، هي السبب لما يجري في شأن التخلص من الأسلحة الكيميائية الخاصة بسوريا. وسنواصل العمل مع المجتمع الدولي لنتوصل إلى المستقبل الذي يستحقه الشعب السوري، مستقبلا خالياً من الديكتاتورية ومن الإرهاب ومن الخوف”. وتابع أنه “في سوريا، سندعم المعارضة التي تنبذ برنامج الشبكات الإرهابية”.
وعلى صعيد ملف العلاقات الفلسطينية ـ الإسرائيلية، قال اوباما إنّ “الديبلوماسية الأميركية تدعم الإسرائيليين والفلسطينيين في الوقت الذي يطلقون فيه محادثات صعبة ولكنها ضرورية لإنهاء النزاع هناك؛ لإنجاز الكرامة ودولة مستقلة للفلسطينيين وسلام دائم وأمن لدولة إسرائيل، دولة يهودية تعرف أن أميركا ستكون دوماً إلى جانبها”.
أما في ما يخص “مكافحة الإرهاب”، فقال الرئيس الأميركي إنّ “الحقيقة هي أنّ الخطر مستمر. وضعنا قلب القاعدة على طريق الهزيمة والتهديد تطور مع انتشار مجموعات مرتبطة بالقاعدة ومتطرفين آخرين في مختلف أنحاء العالم”، مضيفاً أنه “في اليمن والصومال والعراق، علينا مواصلة العمل مع شركائنا لإضعاف هذه الشبكات وشل حركتها”. وتابع أنه “هنا محلياً، سنواصل تقوية دفاعاتنا ومقارعة تهديدات جديدة مثل الهجمات السيبيرية”.
وبشأن معتقل غوانتانامو، أعلن أنه “بانتهاء حرب أفغانستان، يجب أن تكون هذه السنة تلك التي يرفع فيها الكونغرس القيود المتبقية على نقل المعتقلين والتي نغلق فيها سجن خليج غوانتانامو”.
داخلياً، أشار الرئيس الأميركي إلى أنه “كقائد أعلى، استخدمت القوة عند الحاجة لأحمي الشعب الأميركي، ولن أتردد أبداً عن فعل هذا ما دمت أتولى هذا المنصب. ولكنني لن أرسل قواتنا إلى طريق الأذى إلا إذا كان الأمر ضرورياً، ولن اسمح بأن يغرق أبناؤنا وبناتنا في نزاعات بلا نهاية”.
وفي سياق منفصل، لفت إلى أنه “بالتعاون مع الكونغرس، سأصلح برامج المسح الخاصة بنا لأن العمل الحيوي لمجتمعنا الاستخباري يعتمد على الثقة العامة، هنا وفي الخارج، بأن خصوصية الناس العاديين لا تنتهك”.
وفي الواقع، استغرق اوباما معظم وقت خطابه في الحديث عن المواضيع المحلية. فوعد بإصلاح نظام الهجرة وبإصدار أمر تنفيذي برفع الحد الأدنى للأجور في القطاع العام إلى 10,10 دولارات في الساعة كما وعد بتسريع النمو وتقوية الطبقة الوسطى وإيجاد فرصة جديدة لها.
وفي ردود الفعل الأولى، ندد أعضاء في “الحزب الجمهوري” بخطاب الرئيس الأميركي، معتبرين أنّ سياساته الاقتصادية تجعل حياة الأميركيين أكثر صعوبة.
وقالت عضو مجلس النواب كاثي ماكموريس رودجرز، في الرد الرسمي لـ”الحزب الجهوري”، إنّ “سياسات الرئيس تجعل حياة الناس أصعب. الجمهوريون لديهم خطط لسد الفجوة (بين الأغنياء والفقراء)، خطط ستركز على الوظائف أولا من دون إنفاق المزيد أو خطط إنقاذ حكومية أو الروتين”.