عروبة الإخباري – ورحب وزير الخارجية جون كيري بقرار الائتلاف السوري المشاركة في مؤتمر جنيف 2 ، ووصفه بأنه انه خطوة “شجاعة” تخدم مصلحة الشعب السوري “الذي عانى بشكل مرّوع في ظل وحشية نظام الاسد وحرب أهلية”. وقال في بيان له إن الولايات المتحدة ستواصل دعم المعارضة السورية في اغتنام “أفضل فرصة لتحقيق انتقال سياسي من طريق المفاوضات وفقا لما ورد في بيان جنيف 1 بما في ذلك تأليف هيئة حكومية انتقالية بالتوافق تمارس صلاحيات تنفيذية كاملة، بما في ذلك الجيش والمؤسسات الامنية”. وأضاف: “ومع معالجتنا للعملية الانتقالية السياسية، سوف نواصل أيضاً المطالبة بانهاء النظام هجمات صواريخ سكود والبراميل المتفجرة وغيرها من الاسلحة المروّعة التي يستخدمها ضد المدنيين، وسوف نواصل الدفع بتحسين تسليم المساعدات الانسانية، وتبادل الاسرى، والافراج عن الرهائن من الصحافيين والعاملين في مجال الاغاثة”.
وقال مسؤولون أميركيون إن رئيس الائتلاف أحمد الجربا ابلغهم انه شخصياً يؤيد المشاركة في المؤتمر ويدرك المضاعفات السلبية التي ستنجم عن المقاطعة، لكنه أوضح ان المشاركة سوف تزيد حدة التوتر داخل الائتلاف ومع بعض التنظيمات الفاعلة على الارض، وان تكن ثمة تنظيمات اسلامية تميل الى دعم الائتلاف في المشاركة.
وأعلنوا انه منذ ان رفضت “الجبهة الاسلامية” الاجتماع مع ممثلين للحكومة الاميركية في تركيا لان السفير روبرت فورد، المسؤول عن تنسيق الاتصالات مع المعارضة لم يكن في الوفد الاميركي، “توقفت الاتصالات بيننا وبين الجبهة الاسلامية”. وسوف يشارك السفير فورد في افتتاح المؤتمر في مدينة مونترو السويسرية في 22 كانون الثاني الجاري، ثم ينضم الى المتفاوضين في جنيف لاحقا، لكنه، استناداً الى مصادر اميركية، لن يبقى في المفاوضات حتى نهايتها “ويعتزم التقاعد قريبا”.
وكانت الحكومة الاميركية، في خطوة مفاجئة، قد تراجعت عن تعيين فورد سفيرا في القاهرة كما كان متوقعاً، وذلك في ضوء الحملة الشرسة في الاعلام المصري التي شوهت سجله ومواقفه.
دور ايران
وتظهر مواقف المسؤولين الاميركيين وتقويماتهم في الاسابيع والايام السابقة للمؤتمر، ان واشنطن، على رغم الجهود المكثفة والمضنية التي بذلها كيري لضمان انعقاد المؤتمر، لديها توقعات متواضعة جداً منه – على الاقل في مراحله الاولية – وان تحديدها لنجاح المؤتمر هو مجرد انعقاده. صحيح ان الوزير كيري يتحدث دوماً عن دور روسيا وأهمية نفوذها في قرارات الرئيس السوري بشار الاسد، وخصوصاً بعد دورها المحوري في موافقة الاسد على تسليم ترسانته الكيميائية الى الامم المتحدة، الا ان هناك ادراكاً واسعاً الان في أوساط الحكومة الاميركية ان دور ايران في بقاء الاسد في دمشق بات أهم بكثير من دور روسيا في هذا السياق. والاعتقاد السائد في واشنطن، داخل الحكومة وفي أوساط المحللين في مراكز الابحاث، هو ان تدخل ايران في القتال مباشرة بواسطة عناصر في الحرس الثوري “الباسدران”، الى التقنيين والمدربين، والدور القتالي المهم لـ”حزب الله” والميليشيات الشيعية العراقية، واستخدام الاراضي والاجواء العراقية لنقل السلاح الايراني الى سوريا، كلها تطورات تؤكد ان ايران عمليا هي التي انقذت نظام الاسد، أو على الاقل منعت المعارضة من عزله جغرافيا عن المناطق العلوية على الساحل السوري.
وفي هذا السياق كشفت مصادر اميركية ان كيري بعد مشاركته في افتتاح المفاوضات في مونترو، سوف ينتقل الى مدينة دافوس السويسرية للمشاركة في المنتدى الاقتصادي العالمي الذي يعقد سنوياً في هذه المدينة، حيث يأمل في الاجتماع مع الرئيس الايراني حسن روحاني كي يناقش معه الصراع في سوريا، الى الملف النووي وقضايا أخرى. وأضافت ان الاتصالات الاميركية – الايرانية في هذا المجال مشجعة، لكنها تفادت الجزم بان الاجتماع سينعقد.
ويردد السفير فورد دوماً للعاملين معه انه يتوقع مفاوضات “تستمر بضعة أشهر”. ويسخر المشككون في نجاح المؤتمر او الذين يرفضون مرجعيته أو امكان قبول الاسد بعملية سياسية تؤدي الى اطاحته، خصوصاً انه يحرز تقدماً عسكرياً، من هذه الجهود ويقولون انه تكون لسوريا من الآن فصاعداً “عملية سلام” مفتوحة كما هو الحال في “عملية السلام” بين اسرائيل والفلسطينيين.
وأكد المسؤولون الاميركيون ان ايران لن تشارك في المؤتمر مباشرة وحتماً ليس على مستوى وزراي لانها لم تقبل حتى الان ببيان جنيف1 وخصوصاً مسألة العملية الانتقالية الى نظام بديل من الاسد، لكنهم لم يستبعدوا دوراً ايرانياً “على هامش” المؤتمر، وخصوصاً اذا حصل كيري على تطمينات في هذا الشأن من روحاني.