عروبة الإخباري – كلمة سعادة النائب الدكتور هيثم أبو خديجة في مجلس النواب اثناء مناقشات الموازنة
بسم الله الرحمن الرحيم
عطوفة الرئيس الأكرم، سعادة الزميلات والزملاء الأفاضل
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،
كلنُّا يعرف أن الموازنةَ العامة للدول العصرية عبارة عن الخُطة المالية الأساسية التي تحدد أهداف الحكومةِ وبرامجَها في كيفية الاستغلالِ الأمثلِ للموارد وعمليةِ توزيعِها تبعاً للأولويات. إن هذه الإدارةَ المالية تنهض بدور جوهري في تكوين الناتج المحلي الإجمالي من خلال الإنفاقِ الحكومي، وبالتالي تخلُقُ دخلاً وطاقاتٍ انتاجيةً جديدة في البلاد.
بالتأكيد ليس هناك دولةٌ تمتلك القدرةَ للحصول على مواردَ غيرِ محددة بصرف النظر عن مدى ثرائِها. فالعملية هنا ترتكزُ في عملية المفاضلة بين البدائلِ المتاحة. بعبارة أخرى تحقيق أكبرِ قدرٍ ممكن من المنافع باستخدامِ مواردَ محددة. كما هو حال بلدِنا “المملكة الأردنية الهاشمية”.
أدرك تماماً أن الحكومةَ تعي أن إعدادَ الموازنة ما هي إلا الوسيلةُ التي تتجسدُ من خلالِها خططُ الدول في الواقع الفعلي وهذا يَظهرُ حاليا في عملية التخطيطِ التنموي واستمرارٍ للتنمية الاقتصادية المتوازنة لكافة محافظات المملكة.
وتدرك الحكومة ايضاً عمليةَ تطبيق نظامِ الإدارة المالية الذي يتميزُ بخصائصَ مهمة في نظام الرقابة على المالِ العام.
على الحكومةِ العمل من خلال هذه الموازنة على تنفيذ البرامج والمشروعات في خلال مدةٍ محددة من الزمن. ومجلسُنا مهتمٌ ايضاً برقابة تخطيطِ وتوزيع البرامج والمشاريع الحكومية وهذا يحظى باهتمام الزملاءِ الكرام في السلطة التشريعية.
فمجلسُنا ينظرُ إلى الموازنةِ العامة من الناحيتين السياسيةِ والاقتصادية لأننا ندركُ أن موافقتَنا على الموازنة يعني السماحَ للحكومة بالانفاق والجباية لفترةٍ مالية قادمة. آخذين بعين الاعتبار أن الموازنةَ أداةٌ من أدوات التوجيه الاقتصادي والمالي والاجتماعي والسياسي لتحقيقِ التنميةِ الاقتصادية المتوازنة والرفاهيةِ والعدالةِ الاجتماعية.
والآن من قراءةٍ تحليلية لموازنة أردننا الحبيب للعام 2014 تبين ما يلي:
أولاً: الفجوةُ الكبيرة بين النفقات الجارية والنفقات الراسمالية حيث بلغت النفقاتُ الجارية ما يقاربُ من 6 مليار و 800 مليون دينار بينما بلغت النفقات الرأسمالية ما يقارب من 1 وربع مليار دينار أي ما يقارب 1.25% من موازنة الدولة الرأسمالية، 6.75% من موازنةِ الدولة الجارية.
ومعروفٌ للجميع أن النفقةَ الجارية استهلاكية ولا تؤدي إلى خلقِ قيمةٍ مضافة في الاقتصاد، بينما النفقةُ الراسمالية تعني زيادةً في البنى التحتية وايجادِ فرص عمل والعمل نحو قيمةٍ مضافة تساهمُ في عملية التنمية.
كنا نأملُ أن تعملَ الحكومة على خلقِ توازنٍ ولو نسبي بين الإنفاق الجاري والإنفاق الرأسمالي وذلك من خلالِ تنفيذِ المشاريع الحيوية في مجالِ الطاقة المتجددة ومشروع الغاز المسال.
ثانياً: نجد أن خطواتِ الحكومة خجولة فيما يتعلق بجذبِ الاستثمارات الخارجية والبحثِ عن سبلِ وطرق ووسائلَ ضريبيةٍ وغير ضريبية لجذبِ المستثمر العربي وغير العربي .
وكلنا نعرف ماذا يعني خلقَ بيئةٍ استثماريةٍ منافسة وانعكاساتِها على الحد من البطالة وزيادة القطعِ الأجنبي وزيادة في الانتاجِ والتصدير.
ثالثاً: غاب عن الموازنة سياساتُ الحكومةِ في عملية تشجيعِ التصدير ونقترحُ دراسةَ نظامٍ متكامل لتشجيعِ الصادراتِ الأردنية. سواء عن طريق “صندوق دعم التصدير” ، ومساعادت تصدير، وتسهيلاتٍ للمصدرين مع إدراكِنا أن جلالةَ الملك المعظم لا يوفر جهداً بعلاقاتِه الدولية الجيدة ليجدَ المصدّرُ الأردني السوقَ المرحبَ والجاذبَ للمنتجِ الأردني.
رابعاً: العمل بشكلٍ عملي ومنظم لوضع خريطةٍ استثمارية في الأردن تجذبُ مساعداتٍ ومنحَ اشقائِنا العرب تكون بالتوجه باستثماراتِهم الى الأردن في مجالِ الصناعاتِ التحويلية.
ونحن ندركُ تماماً أن هناك مشاريعَ عربية وخليجية قد وجدت في الأردن في عام 2013 حيث هناك 94 مشروعا قد بُدِىء في تنفيذِها و20 مشروعاً قيد الدراسة.
خامساً:إن الحكومةَ ومجلسَنا كذلك من خلال الموازنة تبين لنا أنها تعتمدُ على قاعدةِ أولويةِ النفقات العامة على الإيراداتِ العامة، الأمرُ الذي يتطلبُ إنفاقَ مبالغَ ضخمة للوفاء بالالتزاتِها عن طرق هذا الإنفاق وتسعى إلى تحقيق استقرار اقتصادي واجتماعي وأمنٍ سياسي.
وهذا مفهومٌ لدينا لنصلَ إلى معدل النمو المنشود وهو 7.5% كما أشار خطابُ معالي وزير المالية. وهي نسبةٌ طموحة بلا شك بالرغم من ان نموَّ 2013 كان 2.8%.
مع إدراكِنا العميق أن حجمَ النفقات العامة تقررُه مجموعةٌ من الاعتباراتِ الموضوعية ذات علاقة وطيدة بإمكانياتِ الأردن المحدودة.
علينا أن ندركَ أن هناكَ علاقةً بين النفقاتِ العامة والطلبِ الفعلي العام والخاص علماً بأن الطلبَ الحكومي مرتفع في الاردن.
ونلاحظُ هنا أن النفقاتِ العامة في موازنة 2014 تشكلُ نسبةً مرتفعة من الدخل القومي. وهذا ناجمٌ عن دورِ الدولة في تحقيقِ التنمية الاقتصادية والاجتماعية مع المحافظةِ على مكتسباتِ شعبِنا في السنواتِ السابقة مع إدراكِنا بشكلٍ جيد ان هناك.
أ. انخفاض الاحتياطياتِ النقدية.
ب. تراجع الثقة بالدينار في السنواتِ السابقة بسبب الأحداث التي تجتاحُ المنطقةَ العربية وانعكاسات ذلك على بلدِنا.
ج. الانقطاع المتكرر للغازِ المِصري مما يؤدي إلى زيادةِ فاتورةِ الطاقة في مختلف القطاعات الحيوية.
سادساً:ما زلنا نلاحظُ أن قطاعَ الصناعات والغالب عليه الصناعات التحويلية ما زال يشكل ما نسبتُه 34% من الاقتصاد الوطني وهو يساهم فقط بنسبة 4 بالالف في الناتج المحلي الإجمالي.
بينما قطاعُ الخدمات (مطاعم، فنادق، نقل، اتصالات، خدمات وعقارات) يساهمُ بنسبة 66% في اقتصادِنا الوطني وهو يساهم بنسبة 2.1% في الناتج المحلي الإجمالي
هذا الأمرُ يتطلبُ منا تشجيعَ المشاريع الصغيرة والمتوسطة وإيجادَ حلولٍ عملية لتمويلِ هذه المشاريع عن طريقِ خريطةٍ استثمارية لهذه المشاريع تغطي ارضَ المملكة بالرغم ان رأسَ مال الشركات المسجلَة قد ارتفع راسُ مالِها بنسبة 43% في عام 2013
سابعاً: إن علاقة أردنِنا الاقتصادية بالعالم الخارجي الملفت للنظر عجزٌ في الحساب التجاري وميزانِ المدفوعات مما يؤثرُ سلباً على النقدِ الوطني وعلى الاحتياطيات من العملةِ الصعبة وهنا تلعبُ الصادراتُ دوراً محورياً وقدرتنا على تنشيطِ السياحة العلاجية وجلبِ مزيدٍ من الطلبة للدراسات في الجامعاتِ الأردنية وزيادةِ تحويلات العاملين الأردنيين إلى الأردن من خلال إحداث تسهيلاتٍ لهؤلاءِ في المعاملاتِ والتفاوضِ مع الدول الشقيقة لأعطاء أولوية للإردنيين في العمل هناك.
الزملاء الأفاضل،،،
مع إدراكِنا العميق إلى أن عمليةَ التنمية المتوازنة وخلَق فرصٍ متساوية لمن نمثلهم من شعبِنا تمثلُ اكبرَ همومنِا . نعي تماما ان هذه التنمية اذا حدثت ستؤثرُ إيجابا على كلِّ فردٍ من أفرادِ مجتمعِنا الأردني الذي يتنتظرُ منا الكثير. نحن نطالبُ بزيادةِ العملية التنموية للوصول إلى الأهداف المرغوبِ فيها وخلقِ المُناخ المناسب في ضوء المستجدات المحليةِ والإقليمية والدولية وضرورة سلوكِ منهجِ التخطيطِ التاشيري بالاعتمادِ على الضوابطِ غيرِ المباشرة كحوافزِ التصدير مثلا والسياساتَ المالية بسعرِ فائدةٍ مدروس وضبط ِالرقابة الفاعلة.
وعلى الحكومة تأمينُ الإدارةِ القادرة على إدارةِ الاقتصاد والسياساتِ المالية والنقدية والسعرية وتطويرِ الموازنةِ العامة وذلك بتطبيقٍ متدرج لموازنة البرامج والأداء ،وتوفيرِ الأدوات والوسائل اللازمة لتحقيق أهدافِ هذه الموازنة.
من الطبيعي أن تتحددَ النفقات العامة بقدرةِ الدولة على الحصولِ على الإيرادات العامة. وإن كان الحصولُ على الإيرادات العامة هي قدرةٌ لسيت مطلقة ولا نهائية.بل تتحدد بالمقدرة المالية الوطنية، اي قدرة الدخل القومي على تحمل الأعباء المالية ( ضرائب، رسوم، قروض، مساعدات) ودونَ إحداثِ اي ضغوطٍ اقتصاية واجتماعية وسياسية تضرُّ بمستوى معيشةِ أبناء شعبِنا الأردني ودون الإضرار بالمقدرةِ الانتاجية لقطاعِنا الانتاجي سواءً الصناعي أم الزراعي أم الخدمي أم المالي أم التجاري).
الملاحظ أن إيراداتِ عام 2014 ستصل إلى ما يقارب 6 مليار و982 مليون دينار بنمو مقداره 774 مليون دينار أي بزيادة 12.4% عن موازنة 2013 وهذه الإيراداتُ شكلت 86.2% من إجمالي الإنفاقِ العام.
هذه الأرقام تدلُ ان مواطننا الأردني هو المساهمُ الأول في موازنةِ عام 2014 حيث بلغت الإيرادات الضريبية ما يقارب 4 مليار دينار ( ضريبة دخل +ضريبة مبيعات + ضريبة بيوع عقارية+ تصاريح) هناك أيضا الرسومُ الجمركية ولإيرادات غير الضريبة وايراداتٌ متنوعة مثل رسومِ تصريح العمل الذي ارتفع بنسبةٍ قد تؤدي إلى زيادةِ تكلفةِ العمالة والإنتاج. وإذا تبنى مجلسُنا الكريم مشروعَ قانونِ ضريبة الدخل الجديد ربما يؤدي هذا إلى زيادةِ العائداتِ الضريبة للسنوات القادمة .
على مجلسِنا الكريم ان يسعى إلى خلقِ توازنٍ بين ضريبةِ الدخل وضريبِة المبيعات وأن لا تكون الثانيةُ طاغيةً على الأولى مما يؤثر على نفسية دافع الضريبة وفعلت الحكومة خيرا بزيادة الإيرادت غير الضريبية بنسة 175% مما كانت عليه عام 2013.
بالإضافة إلى زيادة 90 مليون دينار من بدلِ ترخيص توزيع المشتقات النفطية.
أما المساعدات الخارجية
ان مساعي جلالةِ الملك وزياراتِه الى العديدِ من الدول الشقيقةِ والصديقة ساهمت في رفع المنح الخارجية بنسبة 17%عام 2014.
وهنا لا بد أن أشير إلى ان خدمةَ الدَّينِ العام في موازنة عام 2014 تصل الى 16% من الإنفاقِ الجاري وهذا رقم لا يستهان به لأن الدينَ العام زاد عام 2014 بمبلغ 300 مليون دينار وهي نسبةٌ غيرُ مريحة وعلى الحكومة وعلى مجلسِنا الكريم العمل على الحد من المديونية الخارجية كوننا ممثلين للشعب الأردني المعطاء نسعى إلى تقليل حجم الدين العام وبالتالي تقليل نسبة خدمة هذا الدين لأنه يشكل عبأً على كاهل الموازنة العامة للدولة.
ولا بد من الإشارة إلى أن إيجادَ فرص عمل للعاطلين يجب ان تتمحورَ ليس فقط باإحداثِ 12701 وظيفة عام 2014 بل على الحكومةِ أن تقومَ بتأهيلِ العاطلين عن العمل عن طريق مراكزِ المعرفةِ الحديثة والاستفادة من ثورةِ المعلومات وإعداد دراساتٍ بهذا الخصوص.
ونرغب كأعضاء في السلطة التشريعية ان تكون سياسةُ الدعم تصلُ إلى مستحقيها علما أن تخفيضَ دعم المحروقات بمبلغ 60 مليون عام 2014 هو في اطاره الصحيح شريطةَ عدم تأثيرِها على المستحقين من هذا التخفيض.
وإن سياسة َالحدِ من البطالة والتركيز على التوظيفِ في وزارة التربية بمبلغ 18 مليون دينار عام 2014 و 29مليون دينار لوزارة الصحة إجراءات سليمة من الحكومة.
لأن هذين القطاعين عمادُ اقتصادِنا فالإنسانُ المتعلم والجسمُ السليم أغلى ما نملكُ في هذا الوطنِ المعطاء.
وأخيراً لا يسعني إلا أن أقولَ إن زيادةَ الإنفاقِ الرأسمالي في موازنة 2014 بنسبة 24% مقارنةً بعام 2013 ما زال غيرَ كافٍ
وعلى الحكومة إتمامُ الدراسات لمشاريعِ البنى التحتية والبحث عن مصادرِ تمويل خارجية أخرى بالرغم أن تمويلَ الإنفاقِ الرأسمالي بمنح تصل إلى 966 مليون دينار وقروض خارجية بمبلغ 32 مليون دينار غيرُ كافٍ فالإقتراض والمنح يجب أن تنصبَّ كلُّها إن لم نقلْ اكثرُها على الانفاق الرأسمالي.
إن عجزَ الموازنة والبالغ 13.7% من إجمالي الإنفاق العام و 4.3% من الناتج المحلي الإجمالي في موازنة 2014 ما زال في النسب المقبولة عالمياً شريطةَ ان لا يعطي الحساب الختامي في 31/12/2014 نتائجَ مغايرة.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته