يتخوف الفلسطينيون من كثرة التصريحات الصادرة في عدد من عواصمنا والعواصم العالمية بشأن خطة (كيري) المسماة (إطار اتفاقية ـ أو اتفاقية إطار)، والشائعات التي تقول إن هناك حديثا جديا يدور في الغرف المغلقة في واشنطن وفي عواصم عربية وبالطبع في تل أبيب عن (التعويض) بدلا من حق العودة .. بل وأيضا بديلا عن ما يسمى بـ(الوطن البديل). أوساط المثقفين الفلسطينيين وعبر مواقع التواصل الاجتماعي مثل الفيسبوك والتويتر تحذر مما يعد للشعب الفلسطيني من محاولة تصفية تامة لقضيته العادلة. بل إن بعض الكتابات ذهبت إلى حد اتهام بعض المسؤولين في السلطة الفلسطينية بالموافقة على لعبة (التعويض) بدلا من إنفاذ قرار حق العودة.
إن انطلقنا من حقيقة أن لا دخان بدون نار، ولا صدى من غير صوت، فإننا لا بد أن نقول الكلمة الفصل التي هي كلمة الملايين من أبناء فلسطين ـ من أخرج من الديار في عام 1948 ومن أخرج منها بعد ذلك وإلى الذين أخرجوا في العام 1967. إنهم جميعا بالملايين التي تتجاوز الستة ـ حتى وإن كان عدد كبير منهم يعيش في المنافي والمهاجر في أوروبا وأميركا وأستراليا وبعض دول آسيا والدول العربية أصحاب فلسطين وأصحاب حق العودة.
حق العودة لهم جميعا وليس كما يقال ويشاع أن حق العودة فقط لمن غادر فلسطين في عام 1948 ـ وهؤلاء كم بقي منهم أحياء حتى اليوم؟ أي أنه حتى لعبة التعويض يجري اقتصارها على من غادر هذه الدنيا خاصة بعد مرور نحو 66 عاما على نكبة 48.
فلسطين ليست ملكا خالصا لجيل بعينه. إنها ملكية عامة وملكية خاصة. عامة أي لمجموع أبنائها من شعب فلسطين (الأحياء منهم والأموات على السواء)، وهي أيضا ملك خاص لكل من أهلها الذين يتوارثون هذه الملكية. بل من هذا المنطلق قلنا ونقول إن أحدا أو قوة أو سلطة ـ أيا كان أو كانت في الدنيا ـ لا يحق لها التصرف بالأرض الفلسطينية. بل إن الأرض الفلسطينية ملك الأجيال القادمة أيضا من أبناء فلسطين ـ ليست فلسطين ملكا لجيل دون سواه، وعليه فلا يجوز النظر إليها من زاوية ضيقة وفيها هضم لحقوق أهلها وذويها. إن لكل عربي أيضا حقا في فلسطين، وإن لكل مسلم حقا في فلسطين أليست تضم القدس وقبة الصخرة والأقصى؟ أليست هذه مقدسات إسلامية؟ ولماذا نقول إن التحرير واجب على كل فلسطيني وكل عربي وكل مسلم أيضا؟ من هذا المنطلق نؤكد أن المؤامرات مصيرها الفشل الذريع؛ فلا مؤامرة التوطين ستمر ولا مؤامرة الوطن البديل ستمر ولا مؤامرة التعويض ستمر. وبالنسبة للتعويض وعلى وفق القرارات الدولية فإنه تعويض مضاف إلى العودة ـ النص الذي يتمسك به شعب فلسطين هو (حق العودة والتعويض) وليس (العودة أو التعويض). وليسمع من ينبغي له أن يسمع: إن المناورة والمغامرة والتنازل عن الحق الفلسطيني له ثمن وهو في أقل الحدود أن يسحب الشعب الفلسطيني تفويضه لأي جهة تدعي تمثيله ولا تتمسك بثوابته المعروفة، وأولها حق العودة والتعويض والقدس والدولة وحق تقرير المصير على الثرى الوطني الفلسطيني.
لا خوف على شعب يعي ويعرف ويدرس كل ما يدور من حوله وهو بالمرصاد.
نواف ابو الهيجا/التعويض أم التوطين أم حق العودة؟
9
المقالة السابقة