تحول البنية المؤسسية للقطاع الحكومي، واطلاق شراكة مع القطاع الخاص في ادارة المؤسسات العامة، كانت فكرة نيرة الهدف منها تعظيم دور القطاع الخاص في التنمية، وتمكين القطاع الحكومي من الرقابة والتنظيم، وتقديم الخدمات الاساسية بخاصة التعليم والصحة، واستجابة لهذا النهج الحديث في الاقتصاد المعاصر تم اطلاق عدد من المؤسسات والهيئات المستقلة، وكان الهدف الاسمى تحسين الخدمات، والرقابة على الاسعار، واتاحة تكافؤ الفرص بين شركات القطاع الخاص، ومعالجة اي شكل من اشكال الاحتكار، لذلك تم فتح الغالبية العظمى من القطاعات الاستثمارية امام استثمارات القطاع الخاص المحلي والدولي، لذلك زاد عدد الشركات العاملة في الاتصالات على سبيل المثال، وصناعة الاسمنت، والتأمين، ومحطات توزيع المحروقات، وفروع البنوك والمصارف العربية…وحقق الاقتصاد الاردني تقدما حيويا افقيا وعموديا.
وبالعودة الى المؤسسات المستقلة فقد شهدت توسعا غير مطلوب وغير منتج إذ انقلبت من خدمة الاقتصاد وتحديث محركاته الى اعباء تتنامى، ومؤسسات تلد المزيد من المؤسسات، واصبح بعضها ملاذا لمن يبحثون عن موقع قدم وكرسي يدر عليه ومعارفه رواتب فلكية، وافضت هذه التشوهات ( المؤسسية) الى زيادة اعباء المالية العامة وعجوزها التي تتحول آليا الى دين عام متنام تجاوز القوانين لاسيما قانون الدين العام الذي اودع طي الادراج.
ومن الحلول المطلوبة بالحاح اعادة النظر بهذه المؤسسات التي تناهز نفقاتها ربع الموازنة العامة للدولة وبعجز سنوي متفاقم، وتم طرح افكار متعددة تتمحور حول الدمج بين المؤسسات المتقاربة في اغراضها، والغاء الزائد منها، والحاق بعضها بالوزارات، واعتماد اليات التعيين وهياكل الرواتب والمزايا لموظفيها على اختلاف مواقعهم، وهنا وقعنا بحسن نية او غيرها في محاذير لابد من التنبه لها، بحيث يتم دراسة كل مؤسسة على حده، والتدقيق في عملياتها من حيث قدرتها على خدمة القطاع وتحقيق اما الاكتفاء ماليا او رفد الخزينة من الاموال.
وفي هذا السياق فان المؤسسات الرقابية على المستويات القطاعية او على المستوى الكلي يجب ان تعامل بشكل يزيد قيمتها المضافة قطاعيا وعلى مستوى الاقتصاد، فالبنك المركزي على سبيل المثال يتداخل مع هيئة التأمين، حيث تعنى الهيئة بقطاع حيوي يتصل بكافة الانشطة الاقتصادية والخدمية، وخلال الـ15 عاما الماضية على تأسيسها كان لها دور جيد وساهمت في تنمية القطاع وزيادة مساهمته في الناتج المحلي الاجمالي، وان التعامل معها اما بالبقاء عليها نظرا لانها تحقق فوائض للخزينة، او الحاقها بالبنك المركزي باعتبار انشطة التأمين تتداخل عضويا مع الخدمات المالية والمصرفية، وان اي تفكير بالحاقها مع وزارة اخرى مثل الصناعة سيؤدي الى اختلالات ستكشف عنها المرحلة المقبلة… والحالة نفسها تنسحب على مؤسسات الرقابة مثل ديوان المظالم يفترض ان يدمج مع هيئة مكافحة الفساد…وهناك قائمة طويلة من المؤسسات لامجال للحديث عنها…التخفف من اعباء المؤسسات المستقلة تحتاج لمبضع يساعد على الشفاء وليس العكس.
خالد الزبيدي/الدمج بين المؤسسات .. الضرورة والمحاذيـر
21
المقالة السابقة