عروبة الإخباري – بقلم بيتر ميليت – شهد العام الجديد سلسلة من الرسومات الكاريكاتورية المعتادة حول رحيل العام الماضي و بداية عام 2014. فبالنسبة للأردن فقد صاحبت بداية هذا العام انضمامه لعضوية مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة و لمدة سنتين.
هذا الدور يصاحبه مسؤوليات كبيرة و جديدة. ولكن ماذا يعني ذلك على أرض الواقع؟ ما الذي يتوقع أن يراه الأردنيون بينما تتصارع بلدهم مع أكبر القضايا الأمنية التي يواجهها العالم الحديث؟ كيف يمكن للأردن أن يؤثر على مداولات المجلس؟
أعتقد أن معظم الأردنيين يعرفون فقط عن عمل المجلس فقط من خلال تبني القرارات أو إصدار البيانات. ولكن هناك العديد من الأحداث تحصل خلال هذه القرارات الكبرى. في حين أنه لا يمكن لأي بلد أن يملي نتيجة عمل المجلس، إنما مساهمة الوفد الأردني بنقاشات و مفاوضات المجلس اليومية ستكون مهمة.
كما هو معروف فالمجلس لديه 15 عضوا خمسة منهم دائميين و العشر الآخرين يتغيرون كل سنتين حيث يتم انتخاب خمسة كل عام و يتم اختيارهم بطريقة ليكونوا ممثلين عن جميع المناطق الجغرافية من العالم. انتخب الأردن ليمثل المنطقة الآسيوية خلال العامين المقبلين.
ما الذي يقوم به مجلس الأمن على أرض الواقع؟ إن دور مجلس الأمن الرئيسي هو الحفاظ على السلام والأمن في العالم حيث تم إنشاء هذا المجلس الى جانب منظمات أخرى تابعة للأمم المتحدة في أعقاب الحرب العالمية الثانية عندما قرر المجتمع الدولي أنه لا ينبغي لمثل هذه الحروب أن تحدث مرة أخرى.
و على عكس الجمعية العامة للأمم المتحدة التي يتمثل فيها جميع أعضاء الأمم المتحدة و البالغ عددهم 193، يمكن لمجلس الأمن اتخاذ قرارات ملزمة. فإذا ما قيم المجلس أن هناك تهديد للسلام والأمن في العالم يمكنه أن يتخذ مجموعة من الإجراءات مثل فرض عقوبات أو إحالة الأفراد إلى المحكمة الجنائية الدولية.
هناك إجراء آخر يتطلب قرار مجلس الأمن و هو نشر قوات لحفظ السلام. فهناك 15 بعثة لحفظ السلام حول العالم معظمها في أفريقيا. باعتبار الأردن واحد من المساهمين الرئيسيين بقوات الجيش والشرطة فهو في وضع مناسب للمشاركة في المناقشات بشأن حفظ السلام.
بالطبع إن عمل المجلس مثير للجدل و استخدام حق النقض من قبل الأعضاء الدائمين معرض للانتقاد بشكل دائم. فعلى سبيل المثال كان هناك الكثير من الإحباط إزاء عدم قدرة المجلس على اتخاذ قرار قوي بشأن سوريا بعد ان اعترضت روسيا والصين على ثلاثة قرارات في السنوات الثلاث الماضية. و على الرغم من ذلك عندما يتفق المجلس فإنه يمكن أن يكون له دور فعال مثل القرار المتعلق بالموافقة على تدمير أسلحة سوريا الكيماوية.
هناك أيضا جدل قوي حول الحاجة لإعادة النظر في الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن لتعكس حقيقة أن قوى عكبرى مثل الهند واليابان و ألمانيا تستحق العضوية الدائمة. تدعم المملكة المتحدة باعتبارها واحدة من الأعضاء الدائمين عملية الإصلاح هذه ولكن الاتفاق على التفاصيل أمر بعيد المنال.
هذا الجدل هو جزء طبيعي من دينامية هذه المنظمة الدولية الكبيرة التي تسعى لتمثيل وجهات نظر أعضائها. فبدون شك وجود الأمم المتحدة أفضل من عدمه و إن لم يكن لدينا منظمة مثل مجلس الأمن فسنسعى حتما لإيجاد منظمة شبيهة.
المناقشة على المستوى الدولي أمر بالغ الأهمية حيث أن العالم أصبح أكثر ترابطا و تداخلا مما كان عليه عام 1945 عندما أنشئت الأمم المتحدة مع 51 عضو. قضايا السلام والأمن لها تأثير على جميع البلدان بما في ذلك القضايا الأخرى الكبيرة التي تتعامل معها الامم المتحدة مثل: البيئة وحقوق الإنسان والقضاء على الفقر.
إن العضوية في مجلس الأمن بالنسبة لوزارة الشؤون الخارجية الأردنية والوفد الأردني في نيويورك تأتي في وقت رائع. سيبقى العالم في العامين المقبلين مكانا معقدا وهشا و التهديدات التي يتعرض لها السلام والأمن في العالم وخاصة في منطقة الشرق الأوسط لا تزال تتطلب اهتمام المجلس. حتى في شهر كانون الثاني عندما يتولى الأردن رئاسة المجلس فإن القضايا الرئيسية ستكون في مقدمتها الوضع الراهن في سوريا وتأثير اللاجئين على البلدان المجاورة بما فيهم الأردن.
كصديق قريب للأردن فإن المملكة المتحدة ترحب جدا بعضوية الأردن في مجلس الأمن و نحن نتطلع للعمل معا على أجندة المجلس و التحديات المقبلة.
*السفير البريطاني في عمان