نودع عام 2013 وجراحنا تزداد عمقا وآلامنا تنهش أجسادنا وعقولنا ولم نجد مداويا ، العام المنصرم يغيب عنا وأمتنا في محنة عصيبة ، فرحنا بالربيع العربي قبل العوام ثلاث وصفقنا لسقوط أربعة أنظمة ظالمة قاهرة فاسدة ولكن .
( 1 )
في مصر، فرحنا وصفقنا عندما انتصر الربيع العربي هناك وانتخب الشعب المصري العظيم أول مواطن مصري مدني يحمل مؤهلا جامعيا عاليا من أرقى الجامعات الأمريكية، ولم تطل فرحتنا فالرئيس المنتخب بكل معايير النزاهة والشفافية اختطف من مكتبه الرئاسي من قبل ثلة عسكرية ونقل إلى مكان مجهول واليوم يحاكم بتهمة التخابر مع حركة حماس الفلسطينية في قطاع غزة ، وسيطر الجيش على السلطة وعينوا مدنيا رئيسا للجمهورية مؤقت لا حول له ولا قوة ودخلت مصر في نفق مظلم لا تعرف نهايته ، قتل من شعب مصر أكثر من 1300 قتيل منذ الانقلاب العسكري في 3 / 7 / 2013 وازدحمت السجون بقيادات فكرية دينية وسياسية عالية المستوى إلى جانب جحافل من الشعب المصري الباحث عن الحرية والعدالة والكرامة. شريفات مصر يتعرضن للاغتصاب من قبل رجال جيش ورجال أمن مصريين ، كما تقول صحافة مصر، بلا رادع أخلاقي أو ديني لمجرد أنهن يرفضن الانقلاب العسكري في مصر .
( 2 )
في ليبيا العروبة، تسير إلى المجهول ، قبائل مسلحة في مواجهة الدولة ، منذ سقوط نظام القذافي تشكلت حكومات متعددة لم يستقر بها الحال وآخرها حكومة زيدان التي ظلت محاصرة وزاراتها ومقارها الرسمية من قبل أطراف تطالب بسقوط حكومته . أطراف أخرى تمنع إنتاج النفط وتسويقه الأمر الذي يؤدي إلى انهيار الاقتصاد الوطني الليبي ، جماعات تطالب بالانفصال وأخرى بالاتحاد الفيدرالي ولا نعرف إلى أين ستكون ليبيا في العام القادم 2014 . المشكلة في ليبيا أن كل الذين يرفعون السلاح في وجه الدولة لا يمكن لأحدنا أن يتهمهم بالخيانة والعمالة لأي طرف خارجي ولا أظن أنهم يعملون من أجل عودة نظام اللا نظام في عهد معمر القذافي ومن هنا تأتي صعوبة الحال في ليبيا .
( 3 )
تونس، أم الربيع العربي ، تشتهر بكثرة مثقفيها وأحرارها كما تشتهر بأن بين صفوف مثقفيها من تعجبهم الحياة الفرنسية وأنهم يحنون لإدارة تلك الحقبة قبل الاستقلال . المثقفون في تونس يتغنون بالعلمانية والديمقراطية والتعددية ويطالبون بتطبيقها في تونس لكنهم يشترطون أن تأتي الديمقراطية بهم وليس غيرهم ، وإذا فاز أي حزب ليس منهم أو لا يسير في ركابهم فإنهم لا يعترفون بنتائج الانتخابات ولو كان مشرفا عليها كارل ماركس وجان بودان .حزب النهضة التونسي حزب عريق في الساحة التونسية وله جمهوره ومشروعه الوطني وفاز في الانتخابات الحرة النزيهة ويصرون أصحاب ” مدرسة نحن أحق بالقيادة ” لأنكم إسلاميون لا تفهمون السياسة وألعابها الدولية، وإذا قيل لهم ألا تؤمنون بنتائج الانتخابات وما تفرزه ؟ يقولون نؤمن لكن لن نسلم لكم، وعندما يغلبون في الحوارات الجارية يطالبون بالتوافق ولكن يجب أن يكون التوافق لصالحهم . نرجوكم يا مثقفي تونس الخضراء لا تكرهوننا في الديمقراطية .
( 4 )
اليمن السعيد / الشقي ، حال إخواننا في اليمن صعب للغاية أمراض السرطان تنهش في رقابهم وأفواههم من كثرة استخدامهم لنبتت القات المسمومة بالأسمدة الكيماوية ، و مرض الإيدز يغزو رجالهم عن طريق الهجرات الإفريقية غير الشرعية ، والفقر يذل رجالهم ويدفع بهم حتى إلى أحضان تنظيم القاعدة . وفوق هذا وذاك حروب قبلية لم تضع أوزارها ونزعات طائفية تنهش في المجتمع ومماحكات بين أحزاب اليمن السياسية ، همهم مصالح أحزابهم وحصص تلك الأحزاب في مستقبل اليمن ، بناء الدولة القوية المتماسكة ليس همهم، النهوض باليمن اقتصاديا وعلميا وتنمويا واجتماعيا ليس الهدف لتلك الأحزاب ،اليمن يسير من الوحدة إلى الفدرلة والتقسيم وهذا إضعاف لليمن شعبا ودولة .
( 5 )
سورية الحبيبة تعيش في حرب أهلية يصر بشار الأسد وعصابته والأحزاب الطائفية على بقائه في السلطة حتى يوم الدين . بشار الأسد استخدم كل أنواع الأسلحة الفتاكة والطيران والبراميل المتفجرة ضد المدن والقرى ومن فيها بهدف كسر إرادة الشعب السوري الثائر على نظامه . قتل من الشعب السوري أكثر ما قتلت إسرائيل في كل حروبها مع العرب من تاريخ 1948 ، وشرد ملايين الأسر إلى خارج الحدود وعبر البحار .والحق أن نظام بشار الأسد نجا من عاصفة الربيع العربي بتواطؤ الدول الكبرى والجيش الإيراني وقوافل الشيعة من لبنان والعراق و الخليج العربي واليمن والباكستان ومرتزقة من أوربا الشرقية . في ” جنيف 2 ” إذا انعقد سيحولنه إلى مناقشات عقيمة ترتكز أولا على محاربة” تنظيم القاعدة” والفصائل الإسلامية السنية ، أما الفصائل الشيعية فلا تمس . الشعب السوري لن تقهر إرادته ولن ينجر ثواره إلى محاربة أنفسهم مهما كانت الخلافات بينهم .
( 6 )
وماذا عن خليجنا العربي ؟ بعد أكثر من أربعين عاما من التعاون والتنسيق ومشاركتهم في ثلاثة حروب في الخليج ومشاركتهم في إسقاط نظام القذافي عسكريا ، ظهر على السطح في قمة المجلس التي عقدت في مطلع ديسمبر الماضي أن هناك خلافات مستحكمة بين الأطراف المجتمعة ، وهذا سيقود دول المجلس إلى نفق مظلم خاصة وإن بعض دوله مهددة باضطرابات لا تحمد عقباها . في هذه الظروف أعلن وزير الدفاع الأمريكي السيد هيغل عن رغبة بلاده في أن تشكل دول المجلس ” قيادة عسكرية موحدة ” وقد استجابت تلك الدول وذكر هذا المشروع في البيان الختامي للقمة في الكويت . إلى جانب ذلك ذكر وزير الدفاع الأمريكي في منتدى المنامة الأمني في البحرين أن بلاده ستبيع لدول الخليج باعتبارها ” منظمة واحدة ” أسلحة بقيمة 70 مليار دولار وحثهم على إنشاء ” حلف عسكري ” لترتيب تسلمها الأسلحة الأمريكية الموعودة .
( 7 )
العراق يا عرب عندما تولى قيادته الشعوبيون والفرس اختل توازن العالم العربي ، واليوم المالكي وعصابته سيقضون على شرفاء العراق وقد قتلوا منهم في عام واحد أكثر من 8000 إنسان تحت ذريعة محاربة الإرهاب وتنظيم القاعدة . إن أحد جرائم ” الحوزة ” التي لا تغتفر هي تزكية المالكي وحزبه لرئاسة الحكومة العراقية لفترتين . الأمل يا عرب في الله قوي إذا تعاونتم وتناسيتم خلافاتكم فإنكم تستطيعون استرداد العراق المخطوف منكم من قبل الفرس وأعوانهم في الداخل . والله ينصر من ينصره .