خالد الزبيدي/الملتزمون عندما يتحمّلون أعباء غير الملتزمين

في اجابته على سؤال بشأن اسباب ارتفاع الهامش المصرفي لدى البنوك ( الفارق بين الفوائد على القروض والودائع)، قال مصرفي مرموق اننا نشهد مرحلة صعبة عنوانها الرئيسي اننا نعاني من ازمة اخلاق في المعاملات تفسد حياتنا، حيث يتحمل الملتزم اعباء غير الملتزم، وقال ان ارتفاع نسبة الديون غير العاملة لدى الجهاز المصرفي لايعود لاسباب الافلاس او التعثر او الاعسار لمقترضين، وانما لتغول اناس يتزايد اعدادهم، ولايقومون بتسديد ما عليهم لدى البنوك المقرضة، وهذا من شأنه ان يدفع البنوك الى التدقيق والتشدد في منح الائتمان لحماية اموال المودعين وحقوق المساهمين، وبالتالي حماية الجهاز المصرفي وهو شريان رئيسي في الاقتصاد على المستوى الكلي.
هذا التشخيص مقبول بنسبة كبيرة، واذا ما بحثنا في قطاعات اخرى في مقدمتها قطاعا الكهرباء والمياه، نجد ان من لايسدد اثمان الطاقة الكهربائية المستخدمة يصل الى 25% من اجمالي الطاقة المستهلكة في المملكة، وفي قطاع المياه، نجد الصورة ابشع واكثر تغولا، اذ يبلغ فاقد المياه نحو 45%، والفاقد هي كلمة مهذبة، والصحيح ان هناك تعديات وسرقة من المياه وعدم تسديد فواتير المياه حسب العدادات، وهناك صور اخرى متعددة من تهرب ضريبي وعدم الوفاء بحق المالية لقاء خدمات متنوعة، وبصورة ادق نعيش مرحلة شديدة الصعوبة عنوانها الرئيسي…اننا نعاني أزمة اخلاق في التعاملات.
والسؤال الذي يطرح هنا من هو المسؤول عن هذا الوضع؟، لاسيما وان الاردن والاردنيين لم يشهدوا مثل هذه الظاهرة المتفاقمة، واصبح التغول على المال العام شطارة، وفي حالات مريرة يتم اقران هذه ( الشطارة) مع اطالة اللسان، وينسى اولئك الذين يتنكرون للواجبات ويطالبون بمزيد من الحقوق ان السواد الاعظم من المواطنين هم من يتحمل وزرهم على شكل زيادة الاسعار والضرائب اولا، والمالية العامة ثانيا على شكل عجوز تتحول الى قروض وديون تتعاظم يوما بعد يوم.
ان السلطة التنفيذية مطالبة ، ان تشمر عن سواعدها، وتعيد الامور الى نصابها بدون اجحاف، وان اي مستهلك اي كان وفي اية منطقة داخل الوطن عليه ان يدفع ثمن الكهرباء والمياه التي يستهلكها، وان اي مقترض عليه ان يسدد ما عليه او يتم اشهار افلاسه حسب القوانين التي تعالج اوضاع اي مقترض تعثر او بلغ حد الافلاس، اما المجاملة وتوظيف بلاغة اللغة والقوافي والمناشدة في معالجة ظاهرة لن تحل الا من خلال تطبيق القوانين، فالدستور الاردني والقوانين تجزم للجميع ان لا احد فوق القانون.
ان تحسين بيئة الاستثمار الاردنية التي لطالما تفاخرنا بسلامتها، تتطلب من الحكومة ان تطبق القوانين حتى نعود الى ما كنا افضل لرسم حياة متوازنة وعادلة توفر للجميع سبل العيش الكريم … ولكل مجتهد نصيب.

شاهد أيضاً

ما أحوجنا في هذا الوقت لأن نحتفل بكلّ عمّال هذا الوطن* معالي العين خولة العرموطي

عروبة الإخباري – ما أحوجنا في هذا الوقت لأن نحتفل بكلّ عمّال هذا الوطن.. نذكّرهم …

اترك تعليقاً