بعد الحديث المستمر عن مكامن الفساد ورواده وروافده، حان الآوان ان نبني سدودا متينة ووضع عوائق امام من يستسهل التمادي على المال العام، وتعزيز منظومة من القرارات تحد من امكانيات وقوع الفساد بخاصة في كبريات المؤسسات والشركات، واعتماد الصلاحيات والتشريعات لعدد من مؤسساتنا الوطنية بما يحمي المال العام، واضفاء قوة جديدة لمرحلة مكافحة الفساد وتجفيف منابعه، وهذا يمكن ان يتحقق من خلال مقولة…درهم وقاية خير من قنطار علاج، وهذا يمس جوهر التوعية لمنع الفساد اولا، وملاحقة الفاسدين وتحويلهم الى القضاء الاردني ثانيا، عندها نستطيع بلوغ مستويات متقدمة في النزاهة والشفافية.
ما تقدم ضروري ونحن نتابع باستهجان ملابسات ما اشيع عن محاولات بيع حصة الضمان الاجتماعي في بنك الاسكان لجهة تحاول التأثير على عقلنا قبل رزق عيشنا، وفي نفس الوقت نستذكر مجموعة القضايا الكبيرة التي شابها ما شابها من جدل وتبادل الاتهامات، منها مشروع توسعة مصفاة البترول، وعقود تخصيص الفوسفات، والكازينو…وغيرها من العقود التي اكتشفنا في لحظة الصفر اننا سنتقاضى مع الطرف الآخر او التحكيم في دول اجنبية.
هذه الاخفاقات تقع.. بالتأكيد ليس من باب عدم المعرفة بنتائج هذه التعاقدات او غياب الخبرات القانونية الاردنية، وانما محاولة اضعاف الجانب الاردني وترتيب التزامات لايمكن الافلات منها اذا ما وقعت الفأس بالرأس، وينبري «ابطال» هذه الصفقات بتقديم التبريرات او الهروب الى الامام والتنصل مما وقعوا عليه خلسة وبعيدا عن القوانين والانظمة التي يفترض ان يتم اخذ استشارات كافية منها، والحصول على موافقات السلطات التشريعية والتنفيذية.
معظم الاتفاقيات التي يبرمها مسؤولون في الوزارات والمؤسسات العامة مع جهات غير اردنية يجب ان تتم مراجعتها من ديوان المحاسبة الذي يتمتع بالخبرة الكافية اقتصاديا وماليا وقانونيا لهذا النوع من الاتفاقيات، فالمادة رقم 28 للعام 1952 وتعديلاته من قانونه تتيح لرئيس الديوان الاستعانة بالخبراء في كافة المجالات لتلبية احتياجات المؤسسات العامة والتدقيق على الاتفاقيات مع الاطراف الاخرى، وفي هذا المجال فان الاتفاقية المزعومة لبيع حصة الضمان الاجتماعي في بنك الاسكان تدخل ضمن تخصصات ديوان المحاسبة، وتتطلب موافقة مجلس النواب لحماية حقوق المواطنين.
ان الحاجة ماسة لتجفيف منابع الفساد باخذ تعهدات خطية على مدراء ورؤساء المؤسسات العامة بعدم ابرام الاتفاقيات قبل الرجوع الى الجهات الرسمية الرقابية والتشريعية، والاخذ بعين الاعتبار نتائج الدراسات التي تقدمها هذه الجهات، اذ في كثير من الاتفاقيات يكون الطرف الثاني للاتفاقيات ( غير اردني) وهميا، واذا لم يلبي شروط العقد لايتم ترتيب عليه غرامات، اما في حال تخلف المؤسسات الرسمية عن الوفاء تقام الدنيا ولاتقعد تحت طائلة مطالبات بالتأخير وغرامات والادعاء بالعطل والضرر الذي بدوره يكلف المال العام اموالا اضافية….نحن بحاجة لقرارات حاسمة لتجفيف منابع الفساد.
خالد الزبيدي/نحو سدود وعوائق امام الفساد
13
المقالة السابقة