كتب سلطان الحطاب – رحل مانديلا وما زال الظلم والجور والعنصرية والاحتلال وكل ما قاوم مانديلا من اجله مستمرا.ولكنه استطاع ان يؤسس لقيمة انسانية هامة وعادلة وهي قيمة الحرية ورفض الظلم والاحتلال والتمييز……
مانديلا الذي نحن في العالم العربي بحاجة الى تاكيد نموذجه وتعظيم رمزيته وجعله ملهما لاجيالنا الطالعة لا نجد اهتماما كافيا لدلالات رمزيته رغم اننا نعيش في بلداتنا الاحتلال الاسرائيلي الذي يمارس التمييز العنصري (الاباريتد)والقتل والحصار والمعتقلات الجماعية ونسف البيوت ومصادرة الاراضي وابقاء الاحتلال حتى انه لم يبق احتلال في التاريخ الان سوى احتلال فلسطين كنموذج ناصع على الاحتلال ….
بلداننا فيها تمييز وعليها عدوان واقع ومستمر في العراق وسوريا وافغانستان ويجري الاستخفاف بمصالحنا الوطنية والقومية .
لقد راكم المناضل العظيم نلسون مانديلا نضالا مستمرا وكان يؤمن بنظرية “النمل” في التراكم كما كان يؤمن بانه سيأتي اليوم الذي تلتقط فيه الاجيال الجنوب افريقية بذرة النضال التي زرعها وتخصبها وقد حدث ذلك في عقده الذي عرف التمييز ضد شعبه والحرية واعادة بناء وطنه …في نضاله الانساني العميق لم يمارس مانديلا العنصرية في وجه العنصرية ولم يحارب اعدائه باسلحتهم وانما ارتقى بروح انسانية عالية ليتمكن من السير للامام ولم يلتفت للوراء او ينشر الحقد والضغينة والتحريض بل انطلق من منطلقات انسانية تؤثر على حق الحرية والاستقلال ونبذ العنف والايمان بان اعقد القضايا في الصراعات يمكن حلها بالحوار .
ناصر مانديلا القضية الفلسطينية في كل مراحلها فقد كان يرى فيا قواسم مشتركة مع قضية شعبه,والتقى الرئيس عرفات ودافع عن قضية فلسطين وكان له اراء واضحة و ناصحة.
عرف مانديلا كيف يكسب العالم الى جانبه وكيف يواجه اعداءه وكيف يحيد الكثير ممن لم يفهموا نضال شعبه او كانت لهم مواقف سلبية ولذا ظل يكبر رمزا ودورا في عيون القادة والشعوب وظل حتى اعداؤه يحترمونه …
يرحل مانديلا ونحن بحاجة الى دلالات رمزه والى تقمص هذه الدلالات وتمثلها .واذا كان مانديلا قد برز كمناضل نموذج في وطنه وافريقيا والعالم فلأن حاضنة شعبه حفظت له نضاله واجمعت آمنة على دوره ولم تفرط بنضاله بل حولته من تحديات الى فرص ومن سجن الى حرية ومن هدم الى بناء في حين نرى ان النموذج العربي حتى الان لم يحفظ نضال رموزه وخاصة في فلسطين التي قدمت مانديلا في صور متعددة لمناضليها الذي امضى بعضهم في السجون طول نفس المدة التي امضاها مانديلا حتى من نساء الشعب الفلسطيني المناضلات …..
نعم لدينا من ضحى كما مانديلا لكن الارض التي تنبت فيها التضحيات والمحيط والظروف تلعب الدور الاساسي في اثمار التضحيات وجنى نتائجها او في تبديدها وتضييع دورها .
ما زلنا نذكر في السجون الاسرائيلية المناضل الفلسطيني مانديلا فلسطين” احمد جبارة” الذي امضى في المعتقلات الاسرائيلية (28)سنة متواصلة قبل اطلاق سراحه بمفاوضات عام2003 وقد توفي هذا العام في 17/7/2013 وهو ملقب بابو السكر وقد دخل السجن 1975 وكان من مواليد 1936 …
وايضا مانديلا فلسطين “عمر القاسم” (هاني ابو موسى)مواليد1940 دخل السجن وقد سجن سنة 1968 واطلق سراحه بعد ان سجن مؤبدين و27سنة وقد امضى في السجن اكثر من 21سنة وقد استشهد عام 1989.
وهناك اخرين كما ان هناك سيدات قد امضين سنوات طويلة …ان قيمة مانديلا تتعاظم الان امام ازدياد الظلم واستمرار الاحتلال وممارسة التمييز وسيظل هذا الرجل ملهما لشعوب العالم وها هي فلسطين تبكيه بحرارة بكاء جنوب افريقيا وتعلن الحداد من اجله وتدخل صورته كل بيوتها ويرفع السجناء والاسرى والمعتقلين الفلسطينيين في السجون الاسرائيلية اشارة النصر مجددا حين بلغهم خبر رحيله .
سيظل مانديلا خالدآ وسيظل له اتباع يحملون ارثه ويجسدون مسيرته طالما بقي هناك احتلال وتمييز وعنصرية …