بدت زيارة انطونيو غوتيريس الى لبنان وكأنها عاصفة اخرى من الوعود الفارغة على هامش مأساة اللجوء السورية، التي تشبه تسونامي كارثياً يمكن ان يبتلع التوازنات اللبنانية الهشة، وقد تتولّد منه مستقبلاً نتائج أين منها النتائج التي نجمت عن اللجوء الفلسطيني المحدود عام ١٩٤٨؟
“نحن على علم بالتضحيات الكبيرة التي يقدمها الشعب اللبناني، وهو ما يزيد تقديرنا له ويدعونا الى مطالبة المجتمع الدولي بتقديم مزيد من الدعم للبنان وليس فقط للنازحين السوريين”… ولكن هذا مجرد ترهات بلا معنى سعادة المفوض غوتيريس، والدليل انه منذ قمة المانحين في الكويت لم يحصل لبنان على ما أقر له ليتمكن فعلاً من مواجهة مأساة النزوح السوري، ولهذا يشكل الحديث عن دعم لبنان إضافة الى هؤلاء اللاجئين ضحكاً على الذقون الى ان يثبت العكس، وهذا من المستحيلات قياساً بالواقع المتفاقم الذي سيهدد لبنان بالانفجار!
هناك سباق بين الوعود والاتصالات الدولية للمساعدة وبين طوفان الهاربين من النار السورية يعبرون الحدود الفالتة الى لبنان في حال من الفوضى يستحيل ضبطها، ففي حين اعلنت الامم المتحدة في قمة المانحين قبل عام ان عدد اللاجئين الى لبنان هو ٤٥٠ الفاً كان عددهم يتجاوز الـ٨٠٠ الف، والآن عندما يبلغنا المستر غوتيريس انه مرتاح الى بيان مجلس الامن الذي تبنى خلاصة “مؤتمر نيويورك” فان ذلك لا يعني ان لبنان سيرتاح، ما لم يتعامل المجتمع الدولي (من غير شر) بمسؤولية وينفذ وعوده، وعلى سبيل المثال لم يحصل لبنان حتى على مبلغ الـ٣٧٠ مليون دولار الذي أقرّ في الكويت وكان لتغطية نفقات ستة اشهر فقط!
قبل اسبوعين اعلنت الامم المتحدة ان عدد اللاجئين بلغ ٨٠٠ الف، وفي الحقيقة يصل عددهم الى مليونين بمعنى ان هناك ٤٠٪ زيادة على عدد اللبنانيين، ولكأن ١٢٥ مليون لاجىء هبطوا على باراك اوباما او على فلاديمير بوتين اللذين يشرفان على إدارة المذبحة السورية بما يشبه التكافل والتضامن، ولعل ما يثير اليأس ان البنك الدولي اعلن انه “سينشىء” صندوقاً لجمع التبرعات الدولية لمساعدة لبنان على تحمل نفقات استضافة اللاجئين السوريين وانه يطمح (حرام) الى جمع ٣٠٠ الى ٤٠٠ مليون دولار للأولويات الملحة!
هناك اكثر من مليون لاجىء اي نصف المهجرين في العراء ونحن على ابواب الشتاء، فهل يدرك بان كي – مون وكل جماعته معنى هذا الامر انسانياً لجهة اللاجئين واقتصادياً وامنياً لجهة لبنان؟
وعندما يتعمّد النظام السوري اصدار هويات جديدة فهل هذا يعني اننا سنكون امام مليوني سوري مكتوم لا يستطيعون العودة الى بلدهم من لبنان، الذي بدأ يفقد هويته منذ زمن بعيد بعدما صارت السياسة عندنا خيانة ووساخة؟!