خاص /كتب سلطان الحطاب – الزيارة الملكية لمسقط والتي يقوم بها جلالة الملك عبدالله الثاني إلى عاصمة سلطنة عُمان والتي تأجلت بسبب المناخ الذي ساد السلطنة من عواصف وأمطار فقد أبلغني سفير المملكة في مسقط متعب الزين عن الاستعدادات التي جرت لذلك..
وتأتي الزيارة في وقت يفرض التشاور وتبادل الرأي في كثير من القضايا الاقليمية والدولية أهميته القصوى خاصة وأن العلاقات الثنائية الأردنية-العمانية قابلة للتطور ومنطلقة من أساسات قوية ثابتة بناها الراحل الحسين مع السلطان قابوس بن سعيد..
عمان الآن تشهد أوج تطورها وقد أعادت انتاج كل ريال عماني تنتجه أرضها الخيرة وعرق ابنائها لبناء تنمية مستدامة ونهضة يشهد لها القاصي والداني حيث تشد عمان الرحال إلى عيدها (45) القادم بخطة تنموية مذهلة تجعل عمان على خارطة تنموية واضحة المعالم حيث تشير إلى سلامة النهج وصواب الهدف..
في الزيارة مشاورات حول الوضع في الاقليم والعالم العربي في أعقاب ما اصاب بلدانه من متغيرات وأعراض مرحلة ما سمي بالربيع العربي إذ يتقاسم الأردن وسلطنة عمان تصورات متقاربة أو حتى متطابقة لكثير من القضايا والمشاكل ولعل النموذج العماني في العلاقات الدولية والاقليمية والعربية يستوقف الآن المراقبين بعد أن ثبت صوابية نهجه وقدرته على التواصل مع كل الأطراف وعدم اغلاق الأبواب أو النوافذ فقد ظلت الرؤية العمانية المتوازنة في الحالة السورية مؤشر على القدرة على قراءة كل السطور وعلى الاقتراب من الحالة السورية بنفس المسافة من كل الأطراف حرصاً على سوريا في الدرجة الأولى وأكثر من أي طرف في الصراع كما ظلت سلطنة عمان توظف علاقاتها الخارجية والدولية في اللحظات المناسبة والصعبة بلا تدخل في شؤون الآخرين أو التبرع بكلام مجاني أو مواقف استهلاكية ذات طابع تكتيكي ..هذا ما اكده وزير الدولة للشؤون الخارجية يوسف بن علوي حين قابلته وقد شرح الموقف من سوريا بشكل كان ملفتاً ومنفرداً في وقت سابق ليصبح هذا الموقف هدف الكثيرين من الأطراف التي تنشد حلاً سياسياً وترى في نهج سلطنة عمان نهجاً صائباً..كما أن العلاقات في هذا السياق وترجمتها تحدث عنها وزير الاعلام الدكتور عبدالمنعم الحسني في لقائي الأخير معه بمناسبة اليوم الوطني واصفاً الموقف العماني الذي يقوده السلطان قابوس بأن فيه خيراً وحرصاً لكل الاطراف..
مصادر عربية موثوقة وذات مسؤولية عالية وضعتني في صورة الدور الهام الذي لعبته سلطنة عمان بحكم علاقاتها المستمرة مع ايران في القدرة على المساهمة في احتواء الموقف الايراني لجهة فتح الخطوط مع طهران ومساعدتها للخلاص من الحصار الدولي عليها مقابل فهم موضوعي لبرنامجها النووي وقد كان للقاءات مسقط الخاصة وغير المعلنة بحضور وزير الخارجية الأميركية كيري وبحضور أطراف عديدة مهتمة الدور الأساس في انجاح مشروع الاحتواء وفي انجاح محادثات جنيف (5+1) التي انتجت اتفاقاً ناجحاً من شأنه اذا ما استمر أن يغير كثيرا من المعطيات ليس في علاقات ايران الاقليمية والدولية وانما ايضاً في استقرار المنطقة وابتعادها عن الصراعات الماثلة والخطرة إذ أن زيارة السلطان قابوس التاريخية لطهران حملت مضامين ونتائج اثمرت أخيراً فيما تمخض عنه الموقف الايراني الدولي فقد بصّرت السلطنة النظام الايراني بمعطيات الواقع القائم وكيفية التحرك باتجاهه وكانت تلك الزيارة التاريخية التي لم تفطن اطراف عديدة لتحليلها وقراءتها بعمق قد مرت لتثمر ما هو حاصل الان وتسجل مسقط بذلك حرصاً على الاستقرار في كل الإقليم اذ يسد هذا الانجاز الكبير مساحات لم تستطع أطراف أخرى سدها حين غرقت في التفاصيل والتدخلات السلبية وانعكاس ذلك على الشعب السوري..
الملك في زيارته الحالية سيطلع من القيادة العمانية على الدور العماني وعمق اهتماماته بتطورات الوضع الايراني ليكون الأردن بدوره قادراً على توظيف جهده في نفس المساق لخدمة القضية الفلسطينية المستفيدة من احتواء الموقف الايراني وتأثيراته عليها..
اللغة الأردنية العمانية السياسية المشتركة سيسحب تأثيرها على منطقة الخليج والاقليم كون البلدين ينعمان باستقرار ومنفتحان على الغرب وحريصان على سلامة دول المنطقة عدا عن العلاقات الثنائية التي للحديث عنها مناسبة أخرى لما يعلق عليها الشعبان والقيادتان من أهمية