لا بد أن يعكف المسؤولون الأردنيون على دراسة الاتفاق الإيراني الغربي وأثر ذلك الاتفاق على المصالح الأردنية ، فهو اتفاق مفصلي تاريخي طوى صفحة في العلاقة بين إيران والغرب امتدت من سنة قيام الحكم الحالي في إيران أي عام 1979م وحتى عام 2013م !!! فليس الأمر متعلقاً بالموضوع النووي فحسب بل بجملة العلاقات المتشابكة بين الطرفين ، فاليد الإيرانية لاعب أساسي في الوضع السوري واللبناني والعراقي واليمني والبحريني ، ولإيران قوة عسكرية قد أوجدت القلق في دول الخليج ، ومن قوتها العسكرية مخلبها في لبنان حزب الله الذي يفاخر بتلك العلاقة ولا يخفيها !!!! والوجود الإيراني في الخليج هو وجود مهيمن ولطالما هددت به الغرب أعني التهديد بإغلاق مضيق هرمز !!!! والتأثير الإيراني موجود على الساحة الفلسطينية حيث تتلقى حركة الجهاد الإسلامي توجيهات من إيران مقابل الدعم الذي تقدمه إيران للحركة ، كما إن علاقة حماس بإيران ليست خفية مع أنها تأثرت في الآونة الأخيرة إثر الأحداث الخطيرة في سوريا . ولطالما حرصت إيران على التغلغل في مصر والأردن بطرائق مختلفة ولولا الوعي المصري والأردني لكان الوجود الإيراني أكثر وضوحاً في البلدين .
لا شك أن المسؤولين في الأردن يدركون أن الاتفاق الأخير يتطلب فتح العيون في كل اتجاه وأمام كل احتمال فالأمر وليس بهزل ، فإيران ذات وجود واضح في سوريا والعراق ولبنان ، ومع انشغال مصر بأوضاعها الداخلية والتي ستأخذ وقتاً طويلاً على ما يبدو حتى تصل إلى حالة الاستقرار ، فإن الأردن لا يجد أمامه سوى دول الخليج المتأثرة مثلنا بالاتفاق الإيراني الغربي ، وكذلك الحلفاء الغربيين الذين يرتبط الأردن بهم على قاعدة المصالح المشتركة . ولكن السؤال الوارد هنا هو مدى ثقتنا بالغرب ؟ وهل يمكن المراهنة على العلاقة التقليدية أم أن الأمر يتطلب الوعي التام الذي لا يهمل تاريخ الغرب في الارتباط بحلفائه أو التخلي عنهم . لقد تخلى الغرب عن النظام الإيراني الشاهنشاهي وقبل وفي رأيي رتب مجيء الخميني الذي نزل على سلم الطائرة وهو يتكئ على كتف ضابط فرنسي !!!! وتخلى الغرب عن العديد من الأنظمة التي اعتبرها قد وصلت إلى الضعف وعدم الفاعلية وبالتالي ذهب يبحث في ثنايا الوضع الجديد لإجراء الترتيبات المصلحية اللازمة !!! فهل يمكن أن يكون هذا الاتفاق محصوراً في دائرة الموضوع النووي أم أنه فتح لمرحلة جديدة من التحالفات والمصالح على حساب العرب دون المساس بإسرائيل الغاضبة لرغبتها في الحصول على ضمانات مؤكدة فيما يتعلق بها . وهل يجد الغرب الفرصة في هذا الاتفاق ليجبر الأردن على ما تريده إسرائيل حيث أن اللحظة مؤاتية للتخلص من الطموح الفلسطيني بدولة غرب النهر لتكون دولة فلسطين المنشودة أجزاء من الأرض التي تجود بها إسرائيل منضمة إلى الدولة الأردنية وبهذا تكون إسرائيل النقية قد تحققت باستغلال فرصة الضعف الاقتصادي الأردني والفلسطيني والعربي حيث تتقاسم المشاريع الثلاث : المشروع الفارسي والمشروع الصهيوني والمشروع الغربي المصالح في المنطقة في ظل غياب المشروع العربي .
dr.bassamalomoush@yahoo.com
د.بسام العموش/الأردن بعد الاتفاق الإيراني الغربي
21
المقالة السابقة