يعاني قطاع نقل الركاب من فوضى غير منظمة، هذه الفوضى تكبد المواطنين والاقتصاد والبيئة تكاليف باهظة، وتقدر جهات مختصة الخسائر الناجمة عن الحوادث المرورية نحو مليار دينار سنويا، ويصنف الاردن رابع دولة من حيث وقوع الحوادث المرورية، والثابت حتى اليوم ان وضع حلول عملية للارتقاء بقطاع نقل الركاب سواء في العاصمة او كافة المحافظات ما زالت بعيدة المنال، علما بأن النقل هو محرك من محركات النمو، وان تنظيمه بصورة عصرية يساهم بقوة في تقليص استهلاك الوقود ( الذي يستورد بالعملات الصعبة من الاسواق الدولية)، وتخفيض الحوادث المرورية، ويحافظ على البيئة، ويزيد القيمة المضافة للانشطة الانتاجية والخدمية.
ان اولويات النهوض بقطاع نقل الركاب يبدأ بتحديد الاولويات، ووضع خطة تستهدف مأسسة القطاع ماديا واداريا دون تكليف المالية اموالا اضافية اولا، والانتقال الى زيادة ايرادات الخزينة من وراء التشغيل الفعال المستهدف خلال مدة لاتتجاوز ثلاث سنوات ثانيا، واولويات هذه الخطة شراء الحكومة لكافة خطوط نقل الركاب في المملكة المقدرة قيمتها ما بين (300 – 350 ) مليون دينار بالاعتماد على المنحة الخليجية (بدون الحافلات)، وتأسيس شركات لنقل الركاب برؤوس اموال كافية، وتوظيف قيمة شراء هذه الخطوط في تأسيس الشركات الجديدة، واستقطاب المزيد من الاموال من المواطنين الراغبين في الاستثمار في هذه الشركات بحيث لايظلم اصحاب خطوط النقل ويضاف اليهم استثمارات جديدة.
الشركات الجديدة يجب ان تدار وفق اسس تجارية مع مراعاة جودة الحافلات المستخدمة، وانتظام ترددات الحافلات بحيث تصبح اكثر اعتمادا من المواطنين وطالبي خدمات نقل الركاب، وحماية هذه الحافلات من السرقة والتعديات على ايراداتها باستخدامات الكاميرات التي تزود بها جميع الحافلات، واعتماد مواقف ومحطات للنزول وصعود الركاب، وفي هذه الحالة نكون قد وضعنا قطاع نقل الركاب على الطريق الصحيح الآمن.
اما الملكيات الصغيرة وحافلات الكوستر التي تعمل حاليا في العاصمة وبين المحافظات تُشغل بعيدا عن الالتزام بالقوانين والانظمة السارية من حيث السرعة والوقوف والترددات لاحتياجات حركة النقل في فترات الذروة، واي مراقب لحركة نقل الركاب العام بخاصة للحافلات المتوسطة وحتى وسائط النقل المشترك المخصصة للشركات والاعمال تعتبر بأنها حالة شاذة يفترض ان تكون قد انتهت منذ سنوات الا ان الامر ما زال على وضعه وربما اسواء.
ابن خلدون في مقدمته الشهيرة وصف الطريق قبل قرون بالتنمية ايمانا بان الطريق هي من يسلكها التجار الذين يتنقلون بدءا من الافراد والسلع والخدمات بين الدول وعلى مستوى الدولة الواحدة، وكلما قدمنا طرقا ووسائط نقل عصرية آمنة نستطيع ان نتقدم بمعدلات اسرع، لذلك نجد في الدول المتقدمة شرقا وغربا نجد منظومات متنوعة لنقل الافراد والسلع والخدمات، حافلات سكك حديدية وطائرات وسفن..نحن بحاجة لبناء قطاع نقل ركاب آمن، كفوء، منتظم الترددات، تدار وفق اسس تجارية.
خالد الزبيدي/نقل الركاب العام .. مسألة تنظيمية
12
المقالة السابقة