في الأسبوع الماضي دعا رئيس الاتحاد العالمي لعلماء الإسلام الفقيه العالم المجرب الشيخ يوسف القرضاوي إلى اعتبار يوم الجمعة الموافق 22 من شهر نوفمبر الحالي يوما تضامنيا مع المسجد الأقصى وأهله المهدد باجتياحه وتقسيمه من قبل قطعان المستوطنات، وطالب جميع خطباء منابر يوم الجمعة في قطر وغيرها من دول العالم الإسلامي بتخصيص جزء من خطبة الجمعة لذلك اليوم يتولى خطيب الجمعة شرح أهمية القدس الشريف عند المسلمين ويشرحون حال أهل القدس وما يتعرضون له من اضطهاد وتشريد ومصادرة ممتلكات بذرائع تلمودية.
في المسجد الذي ارتاده لأداء صلاة الجمعة توقعت أن يتناول أمامنا هذه المسألة ويشرح للمصلين ما يحيق ببيت المقدس القبلة الأولى في الإسلام، ومع الأسف خاب ظني فلم يقل كلمة واحدة عن معاناة المسلمين في أي بقعة من الأرض وما يتعرضون له من ملاحقة واضطهاد حتى في دينهم.
بعد أن أدينا الصلاة خلف إمامنا وخطيبنا غفر الله له ولنا ذنوبنا توجهت له بعد أن انفض المصلين وقلت له: يا شيخنا لم تأت على ذكر بيت المقدس وما يتعرض له من تدنيس من قبل قطعان المستوطنات،وقلت أيضا: إن رئيس اتحاد علماء المسلمين الشيخ القرضاوي ناشد أئمة المساجد بتناول حال القدس وأهله. قال بكل براءة لم أسمع عن هذه الدعوة من الشيخ القرضاوي. قلت نشر في كل الصحف المحلية. قال: ولا أقرأ الصحف ولم أتلق تعليمات من وزارة الأوقاف بهذا الخصوص. قلت: وهل تنتظر تعليمات من وزارة الأوقاف بالحديث عن القدس وأهله وما يتعرضون له؟ قال نعم.
قد يكون إمامنا معه كل الحق بصفته موظفا حكوميا لأداء خطبة الجمعة ولا غيرها، وأعلم أن وزارة الأوقاف لا تحبذ تناول أمور خلافية سياسية أو اجتماعية من على منابر المساجد، ولنا في ذلك رأي. فخطيب الجمعة معين بقرار حكومي سيادي أي أنه معين بقرار سياسي، وعلى ذلك من واجبه الحديث عن أمور المسلمين السياسية والاجتماعية غير الخلافية، وهنا أشير إلى أي خطيب جمعة تناول بالنقد مسألة ممارسات دينية لطائفة (…) من المسلمين من على منبر الجمعة هل ذلك عمل سياسي أم ديني؟ في تقديري هذه مسألة خلافية لا يجوز تناولها لأنها تدخل في باب خلخلة النسيج الاجتماعي. هل الدعاء للخليفة أو من في حكمه من منابر الجمعة عمل سياسي أم ديني؟ ما رأي وزارات الأوقاف في بلاد المسلمين في إمام تناول مفهوم الخلافة في الإسلام وأورد رأي الإمام أحمد بن حنبل ورأي الامام أبو حنيفة وكذلك الإمام مالك في شأن الإمامة بأنها في قريش، والإمامة هنا تعني القيادة. هل هذا عمل سياسي أم ديني؟ وما رأيهم في تناول غزوة مؤته أو تبوك هل ذلك عمل سياسي أم ديني.
الرأي عندي أن خطبة الجمعة هي للدين والدنيا نتناول فيها حال المسلمين وما يتعرضون له من اضطهاد وملاحقة سواء في منمار أو انجولا في إفريقيا وغير ذلك. ليس المطلوب من خطباء المساجد أن ينتصروا لحزب سياسي ويعادون حزبا آخر. ألم يؤكد علماء الإسلام أن الدين الإسلامي دين ودولة؟
قدر لي أن أدخل كنيسة كاثوليكية في أحد الدول الأجنبية وحرصت أن يكون يوم قداس الأحد وسمعت “خطيب الكنيسة” يتناول في خطبته حال المسيحيين في الشرق الأوسط وما يتعرضون له من مضايقات وازدراء فلماذا لا يتحدث فقهاءنا عما يتعرض له الإسلام والمسلمون من تشويه منظم من مراكز دينية يهودية ومسيحية على السواء ومن حكومات أجنبية متعددة.
(2)
الشيخ القرضاوي غفر الله لنا وله بصفته رئيس اتحاد علماء المسلمين كان مطلوبا منه وهو يعلم حق العلم أن ذلك واجب رئيس أي اتحاد أن يتصل شخصيا بوزارات الأوقاف والمجامع الدينية الإسلامية في الأقطار التي علماؤها أعضاء في الاتحاد العالمي لعلماء الإسلام يطلب منهم تكليف خطباء الجمعة في تلك الديار أن يجعلوا يوم 22 من نوفمبر من كل عام يوما من أجل القدس والمسجد الأقصى،كنت أتوقع منه أن يتصل هاتفيا بكل صاحب قرار في دول العالم الإسلامي لإحياء ذكرى حرق المسجد الأقصى وتناول الانتهاكات الإسرائيلية من قبل المتطرفين اليهود تحت حماية قوات الأمن الإسرائيلية، وأن يتناولوا ما يتعرض له الإسلام والمسلمين من متاعب وملاحقات في كل مكان من هذا الكون وآخرها ما فعلت حكومة أنجولا في إفريقيا بالإسلام والمسلمين .
(3)
أريد تذكير عامة علماء وفقهاء أهل السنة والجماعة في هذا السياق بأنه إذا ظهر المرشد العام لإخواننا من أتباع المذهب الشيعي وطالب أتباع ذلك المذهب بأن يتظاهروا سلميا أو يعتصموا في ميادين عامة نصرة لقضية عادلة كالقضية التي يتعرض لها بيت المقدس والفلسطينيين عامة فإنهم يفعلون ما طلب منهم ولا أقول ما أمروا به.
أذكر أيضاً أن البابا شنودة في مصر حرم على أقباط مصر الحج إلى فلسطين ما دامت تحت الاحتلال الإسرائيلي بعد عام 67 ولم يخالفه أحد.
آخر القول: لماذا علماء وفقهاء أهل السنة إذا أفتوا في قضية ما تهم المسلمين أو أمروا أمرا بمواجهة الطغيان والظلم والفساد بطرق سلمية لا يستجاب لهم؟