أكدت الاتفاقية التي أبرمت مؤخرا بين إيران والدول الكبرى الست أن إيران دولة الصفقات بامتياز، وهذا يؤشر على أن إيران دولة تعمل وفق لعبة الشطرنج تتقدم وتتأخر وفق مصالحها ولا علاقة بذلك بأية شعارات جامدة لا تخدم مصلحة إيران في تلك اللحظة، فما دامت المصلحة تتحقق بهذا الفعل أو ذاك فالإقدام عليها هو الحق وليس ما يقوله الشعار، لأن الشعار يمكن تفسيره بأكثر من تجاه بينما تضييع المصلحة لا يمكن أن يبرر بحال من الأحوال . في حالة الوضع في الزاوية لا بد من دفع الثمن المطلوب لأن الصلب يكسر في هذه الحالة، واللين يعصر وفي الحالتين تكون الفاتورة دفعت بطريقة لا تعرف أبعادها ولا نتائجها ولا ثمارها، بينما إبرام الصفقة يعني الدخول في شراكة بغض النظر عن النسب المئوية التي يأخذها كل طرف، وإن كان مفهوماً بالضرورة أن الأقوى سيحصل على النسبة الأكبر لأنه الأقوى والأقدر . تسير إيران على هذه الطريقة ولهذا أبرمت صفقة إيران كونترا، وصفقة المشاركة في إسقاط نظام طالبان لأنه نظام يتناقض مع إيران جذرياً لسلفيته؛ ما يعني أن المصلحة الإيرانية في خطر، ومن منطلق الدفاع يتحول الدور إلى هجوم ما دام الغطاء القوي حاضراً وهو الشريك الأمريكي والغربي، إذْ مصلحة إيران والغرب تناسي الخلاف والعمل معاً لإسقاط طالبان . وكذلك كانت صفقة إيران مع أمريكا وبريطانيا ضد العراق فمصلحة الطرفين في إسقاط نظام صدام بل لإيران ثأر عند صدام وهذا هو أوان الحساب بالاستعانة بالقوة الغربية المدمرة ناهيك وهو الأهم إيجاد نظام يوالي إيران وبهذا يقع التوسع الإيراني وتتمكن إيران من محاصرة الدول التقليدية في نظرها وعلى رأسها السعودية التي تعدّ حجر عثرة أمام إيران .
وها هي إيران تعقد الصفقة الهامة في الدفاع عن مشروعها النووي؛ إذْ حصلت على قبول دولي ما دام سلمياً وهو ما لم تصدقه إسرائيل ولهذا نددت بالاتفاق بينما مضت قبلت الدول الغربية لأن إيران بهذا الاتفاق قد رفعت الراية البيضاء والتزمت بعدم المضي في الاتجاه العسكري للمشروع، ولكل طريقته في تفسير المسألة ومن الممكن أن تكون هناك نصوص قابلة لتفسيرات وهذا ما تريده إيران، فالمهم أن تبعد عنها خطر الهجوم الغربي وتقطع الطريق على الرغبة الإسرائيلية بل قد تصبح مفضلة للغرب؛ ما يعني المزيد من الضغط على الدول العربية الحليفة للغرب لدفع المزيد من الفواتير لاستعادة الغرب بدل أن يمضي إلى البعبع الإيراني، ومن المكاسب حماية حلفاء إيران في المنطقة وأولهم “الضاحية الجنوبية لبيروت” وربما شملت الصفقة من وراء حجاب نظام بشار ومستقبله.
dr.bassamalomoush@yahoo.com
د.بسام العموش/إيـــران دولــــة الصـفـقـــات
16
المقالة السابقة