.. وأخيرا صدرت نتائج التحاليل السويسرية والروسية الخاصة بوفاة ياسر عرفات لتؤكد أن الرجل لم يمت موتا طبيعيا لا بسبب التقدم في العمر ولا بسبب مرض ما: إن ياسر عرفات مات بفعل التسمم. إن جسده محشو بمادة البولونيوم المشعة وبنسبة عشرين ضعفا عن المعدل الطبيعي. الشعب الفلسطيني لم يكن في حاجة إلى من يؤكد له هذه الحقيقة، فهو اعتبر الرجل شهيدا منذ لحظة وفاته في فرنسا. واللجنة التي كلفتها السلطة الفلسطينية بحث الأمر منذ ثلاث سنوات قالت الأمر ذاته وأضافت أن (إسرائيل) سممت ياسر عرفات. وأن أرييل شارون هو من أمر بذلك بدليل أنه سبق أن اتصل بجورج بوش قائلا له إنه قرر أن على عرفات أن يذهب فقال له بوش دعه وربه فقال شارون: لكن الرب بحاجة إلى واسطة لإنفاذ الأمر. كما أن العدو حاصر أبا عمار في المقاطعة لأكثر من عامين بعد أن رفض التوقيع على اتفاق في كامب ديفيد يتخلى فيه عن حق العودة وعن القدس كاملة وعن حدود الرابع من يونيو (حزيران).
المشكلة اليوم: هل يعاقب القتلة أم لا؟
إسرائيل تفلت دائما من العقاب. حتى اليوم يرى الكيان الصهيوني أن الميدان الحربي بينه وبين الشعب الفلسطيني هو العالم كله. لقد سبق لهذا الكيان أن اغتال العشرات والمئات من القيادات والكوادر الفلسطينية في مختلف أصقاع الأرض من غسان كنفاني في بيروت إلى ماجد أبو شرار في روما إلى ناجي العلي في لندن إلى سعيد حمامي في لندن أيضا إلى عزالدين القلق في باريس إلى عزت المشد العالم المصري في كندا إلى القعيد أحمد الياسين في غزة إلى فتحي الشقاقي إلى أبي إياد وأبي جهاد.
اغتال من اغتال في لندن وروما وباريس وكندا وبيروت وتونس .. وسواها وهو يغتال يوميا الكوادر الفلسطينية والعقول الفلسطينية والعربية. لقد قام بتصفية جسدية لعشرات من العقول العربية عامة والعراقية خاصة. فهل سحب من تلابيبه إلى المحاكم الدولية المختصة؟
أميركا حمته دائما في مجلس الأمن الدولي وفي المحافل الدولية كافية. القاتل الصهيوني يفر من العقاب دائما، فهل اغتيال عرفات ستكون له نتائج إيجابية بصدد جر القتلة من تلابيبهم أمام المحاكم الدولية الجنائية؟ لو كان الأمر ممكنا لمثل عشرات من الصهاينة المجرمين القتلة أمام القضاء الدولي. بل إن بريطانيا مثلا ألغت أي قانون من شأنه اعتقال العسكريين الصهاينة المجرمين على الأرض البريطانية كذلك فعلت عدة دول أوروبية ومنها بلجيكا.
المجرم الصهيوني طليق دائما وهو يعاود إجرامه دون خوف من العقاب لأن من أمن العقاب أساء الأدب.
لو أن الشبهات حامت حول فلسطيني أو عراقي أو مصري بصدد مصرع صهيوني في أي مكان في العالم هل كان العربي المشبوه يفلت من العقاب؟ أبدا. إن يد العدالة تصبح طويلة حين يتعلق الأمر بعربي أو بمسلم وإن كان بريئا، أما حين يتعلق الأمر بمجرم صهيوني فالعدالة مشلولة وعمياء.
حتى في مسألة اغتيال الحريري نتساءل إن كان الموساد بعيدا عن الجريمة؟ وقلنا ابحثوا عن الموساد، ولكنهم راحوا يتهمون تارة حزب الله وتارة سوريا ولم يلتفتوا مجرد التفاتة نحو تل أبيب والموساد.
نواف أبو الهيجاء كاتب فلسطيني
نواف ابو الهيجا/بولونيوم مشع
25
المقالة السابقة