يتضمن برنامج الاصلاح الاقتصادي والمالي الموقع مع صندوق النقد الدولي وينتهي مطلع العام 2017، بلوغ خسائر شركة الكهرباء الوطنية الصفر، وهذا من خلال رفع تدريجي لاثمان الطاقة الكهربائية، ومن خلال قراءة ارقام وبنود الموازنة العامة للدولة للعام 2014 نجد ان العجز ( قبل المنح الخارجية البالغ 1151 مليون دينار)، ونحو مليار دينار الخسائر المقدرة لشركة الكهرباء الوطنية لنفس السنة، وهذه الارقام المقدرة تحتاج للتمحيص والتدقيق، بخاصة وان المنح ارتفعت بحوالي 169 مليون دينار، كما الايرادات المحلية نمت بحوالي 605 ملايين دينار، اي ان الارقام في جانب الايرادات الكلية مريحة وتمهد الطريق للسياسة المالية ان تلتقط الانفاس وتبدأ معالجة ما يسمى بخسائر شركة الكهرباء الوطنية.
وبالعودة الى خسائر شركة الكهرباء فإن اكثر من 50% من مستهلكي الكهرباء من شركات ومؤسسات وكبار المشتركين الذين يستهلكون 1000 ك واط/ ساعة يدفعون اثمان الكهرباء باسعار تعادل او تزيد عن حدود كلفة الانتاج، اي ان هناك قائمة طويلة ممن يدفعون اثمان الكهرباء هم في موقع الدعم لفواتير صغار مستهلكي الكهرباء، وان اعتماد آلية تسعير الطاقة الكهربائية للاستخدامات المنزلية فإن كل من يستهلك اكثر من 600 ك/واط/ساعة سيدفعون اكثر، وهذه مجتمعة تشكل ايرادات اضافية يفترض ان تقلص ما يسمى بخسائر شركة الكهرباء.
وفي هذا السياق فان على وزارتي المالية والطاقة الافصاح بشفافية وعدالة عن الكلف الحقيقية لتوليد ونقل وتوزيع الطاقة الكهربائية من جهة، ومجموع ايرادات شركات توزيع الكهرباء الثلاث الوسط والشمال والجنوب، حيث تشير ارقام الشركات الثلاث ان مجموع ايرادات بيع الكهرباء يناهز الملياري دينار من جهة اخرى، مع اعتراف الشركات بأن هناك تجاوزات وتعديات على الكهرباء بنسبة تصل الى 25%، وهذه التعديات تتطلب ارادة وقوة حقيقية للسلطات بتصويب الاوضاع والزام مستهلكي الطاقة الكهربائية بتسديد ذممهم تحت طائلة حجب الخدمات.
يستهلك الاردن يوميا 2400 ميجا واط وتبلغ طاقة التوليد الكلية لشركات التوليد الاربع نحو 3200 ميجا واط، وتقدر تكلفة توليد الكهرباء الكلية 1080 مليون دينار سنويا باستخدام الديزل وزيت الوقود بدون الغاز المصري، وهذه الارقام حصلت عليها «الدستور» من مهندسين وخبراء على رأس عملهم في الشركات المختصة، وهنا نستطيع القول باطمئنان ان مسألة خسارة شركة الكهرباء الوطنية هي بمثابة (فزاعة) تجاوزناها، كما تجاوزنا سابقا فاتورة دعم المحروقات التي تباع اليوم باسعار تتجاوز مثيلاتها في دول صناعية بنسبة تتراوح مابين 20 الى 30 في المائة.
حان الوقت للمكاشفة ونبحث في حلول لمعالجة اختلالات تراكمت خلال السنوات الماضية بعيدا عن التهويم، فالاوضاع المالية لاتحتمل المماطلة والتسويف، وتقتضي الترشيد والبحث عن الاسباب الحقيقية للقربة المالية المخزوقة..!