عروبة الإخباري – يذكرنا يوم التاسع من تشرين الثاني (نوفمبر) من كل عام بحادثة أليمة، هي وقوع ثلاث عمليات تفجير إرهابية استهدفت ثلاثة فنادق في عمان، تلك الحادثة التي اودت بحياة اردنيين ابرياء، الا انها اكدت الحق المشروع في سن قوانين واتخاذ اجراءات تعزز امن الوطن وتضيّع الفرصة على كل من تسول له نفسه العبث باستقرار وامان الاردنيين.
في العاشر من تشرين الثاني من العام 2005، “اليوم التالي للتفجيرات الاليمة”، وجه جلالة الملك عبدالله الثاني كلمة لشعبه الأردني قال فيها : وهذه ليست المرة الأولى التي يتعرض فيها الأردن إلى مثل هذه الأعمال الارهابية الجبانة، والأردن ليس البلد الوحيد الذي يتعرض لمثلها، والكثير من دول المنطقة وكثير من بلدان العالم، وربما اكثر واكبر منها، ونحن نعرف ان الاردن مستهدف ربما أكثر من غيره لأسباب كثيرة منها دوره ورسالته في الدفاع عن جوهر الاسلام دين الاعتدال والتسامح ومحاربة الارهابيين الذين يقتلون الابرياء باسم الاسلام، والاسلام منهم بريء.
شكل ذلك العمل الجبان منعطفا جديدا في كيفية التعامل مع الارهاب والحد منه وزاد في الوقت ذاته من تعاضد ابناء الوطن جميعا ووعيهم بتفويت الفرصة على اي احداث شبيهة ليبقى نعيم الامن والاستقرار حالة سائدة تؤكد نجاعة وحكمة اسلوب التعامل مع مثل هذه الحوادث الطارئة والمؤلمة.
جهود الاردن (سياسية، امنية وقانونية) لمواجهة تحدي الإرهاب كانت رادعا لتلك الاعمال الجبانة، اذ صدرت الارادة الملكية السامية في تشرين الثاني من العام 2006 بالمصادقة على قانون منع الارهاب الذي جاء فيه ان العمل الارهابي هو : كل عمل مقصود يرتكب بأي وسيلة كانت يؤدي الى قتل أي شخص او التسبب بإيذائه جسدياً او ايقاع اضرار في الممتلكات العامة او الخاصة او في وسائط النقل او البيئة او في البنية التحتية او في مرافق الهيئات الدولية او البعثات الدبلوماسية اذا كانت الغاية منه الاخلال بالنظام العام وتعريض سلامة المجتمع وامنه للخطر او تعطيل تطبيق احكام الدستور او القوانين او التأثير على سياسة الدولة او الحكومة او اجبارها على عمل ما او الامتناع عنه او الاخلال بالامن، وتختص محكمة امن الدولة بالنظر في الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون.
العين الدكتور كمال ناصر قال انه وقبل تاريخ وقوع ذلك العمل الجبان كانت رسالة عمان التي اطلقها جلالة الملك عبدالله الثاني في العام 2004 لبيان طبيعة الاسلام وطبيعة التعاون في مجتمعنا الاردني.
واضاف ان الدين الاسلامي الحنيف ركز على اهمية الامن في حياة الانسان، ويكفي النظر في الاية الكريمة “الذي اطعمهم من جوع وآمنهم من خوف “ لمعرفة قيمة الشعور بالامن عند الانسان.
واشار الى دور المسجد والكنيسة والاعلام والمواطن والجميع في نجاح عملية التوعية للحد من الارهاب وقال ان المواطنين الاردنيين ينحازون الى ثقافة التسامح ونبذ العنف ومقاومة الارهاب مبينا ان الارهاب جريمة دولية غير محددة بمكان.
وقال ان الارهاب ضد طموحات الشعوب في الاصلاح والديمقراطية وتطوير الدول، وبالتالي فان كل التشريعات التي من شأنها تجذير الاصلاح والديمقراطية وتعزيز مشاركة المواطنين في صنع القرار هي تشريعات بالضرورة ضد الارهاب والعنف.
واضاف انه في احد الفنادق التي شهدت التفجير وفي ذات التاريخ كان اصراري انا واسرتي على اتمام حفل زفاف ابننا نبيل، فنحن الاردنيين لم ولن نخضع للارهاب ابدا.
نقيب المحامين الاردنيين السابق مازن ارشيدات قال ان الاردن من الدول المتطورة في مكافحة الارهاب ولديها اجهزة امنية قادرة على مكافحته والتصدي له ومنع ارتكابه علما بان هذه الجهود كانت منذ ستينيات القرن الماضي بانضمام الاردن الى العديد من الاتفاقيات العالمية التي تعنى بمكافحة الارهاب.
واضاف ان تعاون الاردن مع الدول المجاورة وجهاز الانتربول في مجال مكافحة الارهاب مشهود له بالفاعلية والقدرة على تقديم الخبرات والاستشارات.
وقال انه وقبل تفجيرات عمان في العام 2005 لم تكن تسمية الارهاب في القوانين والتشريعات الاردنية واضحة ومعرفة، فجاء قانون منع الارهاب في العام 2006 الذي عرف الارهاب تحديدا والجهة المختصة بالنظر في قضاياه، فكان رادعا لاي عمل ارهابي جبان.
وبين ارشيدات ان احالة قضايا الارهاب على محكمة امن الدولة كجهة مختصة رادع قانوني مهم، فمثل هذه الجرائم الخطرة لا بد من فصلها عن باقي الجرائم التي تحاكم ضمن قوانين اصلية مثل قانون العقوبات.
يشار الى ان هذا القانون ينسجم مع الاتفاقية الدولية لمنع تمويل الإرهاب، التي انضم إليها الأردن، والجهد الدولي في ملاحقة وتتبع الإرهاب والحد من آثاره المدمّرة، إضافةً إلى أن القانون لا يعيق بأي شكل من الأشكال واقع الحريات العامة في الأردن.
وهو قانون بحد ذاته وقائي احترازي، ولا يعاقب الا اذا ثبت دليل قاطع على ارتكاب الشخص للجرم المسند اليه، كما ان قرارات المدعي العام وفق احكام هذا القانون قابلة للطعن.
وقبل اصدار هذا القانون جرت نقاشات موسعة على مختلف المستويات بحيث تم خلالها مراعاة التغيرات التي طرأت على الساحتين المحلية والدولية، بعد تنامي آفة الارهاب، والتأكيد على عدم مساس احكام القانون بالحريات العامة، وبما يحقق التوازن بين معادلة الامن والديمقراطية وحقوق الانسان.
وفي أعقاب صدور قرارات مجلس الأمن الدولي المتعلقة بمكافحة الإرهاب وبشكل خاص القرار رقم (1373) اتخذت الحكومة سلسلة من الإجراءات التنفيذية على ضوء ما جاء في هذه القرارات، وتجري الأجهزة المختصة عمليات لتبادل المعلومات بما يخدم مكافحة الإرهاب مع العديد من الدول الصديقة ومع (الانتربول)، وعلى قاعدة المصالح المشتركة. وكان أول تفجير طال مدخل فندق الراديسون ساس عند الساعة التاسعة والنصف بتوقيب مدينة عمان، تلاه تفجير لفندق حياة عمان وبعده بدقائق تم استهداف فندق دايز إن، ووصل عدد الضحايا الى 60 من الابرياء، واصيب نحو مائتي جريح.