التغاضي الاميركي الأعمى والانحياز الروسي الاحمق هما من اوصلا الازمة السورية الى مربع الحل المستحيل، الذي تحدث عنه الأخضر الابرهيمي منذ اللحظة الاولى لوراثته مهمة كوفي انان الذي خرج فاشلاً.
من العبث الحديث عن مؤتمر”جنيف – 2″ كموعد للتوصل الى حل، لأن الواضح جداً ان هذا المؤتمر لن ينتج اكثر من غودو تسوية سيطول انتظارها كثيراً، لذلك اسارع الى القول ان “جنيف – 2” لن يكون مكاناً لصنع الحلول وتخريج التسويات، فهو مجرد منبر لإعلان الحل ومجرد مناسبة لالتقاط الصورة التاريخية ، بمعنى ان الديبلوماسية السرية، وتحديداً بين اميركا وروسيا، وحدها يمكنها ان تتوصل الى هذا الحل المعقد، الذي تتداخل فيه مصالح دولية اقليمية وتتصل به مشاكل اخرى غير المشكلة السورية.
كيف؟
إن الحل في سوريا سيكون بمثابة مفتاح لحلول اخرى تبدأ بنوويات ايران وبانضباطها الاقليمي، الذي يوقف التدخلات التخريبية في الاقليم وينهي طموحها الى لعب دور محوري في المنطقة . فعندما يعلن محمد جواد ظريف امس من باريس ان طهران مستعدة للعمل على سحب المقاتلين الاجانب من سوريا، عشية جولة المفاوضات اليوم مع مجموعة 5+1 فذلك يمثّل اعلاناً صريحاً لاستغلال ايران الازمة السورية لتأمين مصالحها!
وان الانخراط الروسي والصيني والتركي والخليجي في منعرجات الازمة، بات يفرض إيجاد تسويات ومخارج تلائم مصالح الجميع، ولهذا لا يمكن رسم حل يقتصر على المطالب المتناقضة جذرياً بين النظام السوري والمعارضات، التي باتت تتداخل فيها اياد كثيرة، وهو ما يفرض عملياً ان يكون الاخضر الابرهيمي مجرد مساعي بريد في ديبلوماسية متعددة الوجه توصلاً الى مخرج يرضي الجميع وقد بات كل منهم قادراً على إفشال أي حل لا يلائمه!
ليس سراً ان في سوريا ست حروب، اولاها الحرب بين النظام و”الجيش السوري الحر”، وثانيها الحرب بين “داعش” التي خرجت من دهاليز النظام وبين “الجيش السوري الحر”، وثالثها الحرب بين “داعش” و”النصرة”، ورابعها بين الاكراد والنظام وكذلك “داعش”، وخامسها بين ايران والشعب السوري واستطراداً مع دول الخليج التي تدعم هذا الشعب المذبوح، وسادسها بين اميركا المنكفئة وروسيا المندفعة لتعيد دورها الاستقطابي… وامام هذا التداخل الرهيب في عناصر النزاع لا يمكن الابرهيمي وحده ولا مساعي بان كي – مون ونبيل العربي [من غير شر] ان تحدث فجوة في هذا الجدار الرهيب.
واذا تذكرنا ان “جنيف – 1” اورث “جنيف – 2” عقدتين مستحيلتين هما اولاً كيف يمكن تشكيل الحكومة الانتقالية بالتفاهم [لاحظ التفاهم] بين الجانبين، وثانياً ما هو مصير الرئيس بشار الاسد، يمكن ان نتصور استحالة التوصل الى حل لا يستجيب مصالح الجميع سورياً واقليمياً ودولياً وهنا تكمن المأساة!
راجح الخوري/حل مستحيل لست حروب ؟
17
المقالة السابقة