هل يشكل خطاب العرش الذي القاه الملك في افتتاح الدورة العادية لمجلس الامة فاصلة بين مرحلتين. وهل نضع نقطة لنبدأ سطرا جديدا نذهب بعده لتقييم الحصاد الوطني عن المرحلة الصعبة الماضية ومدى وفرة هذا الحصاد أو قصوره عن الطموح الوطني العام. كيف يمكن أن نستمر في الحديث عن الاصلاح وحجم المترجم منه على واقعنا المعاش وعلى تنظيم حياتنا العامة على صعيد الحقوق والواجبات وتطور الاداء وتحسين مستوى الحياة وانفاذ القوانين وليس مجرد تطبيقها كيفما اتفق.. ونحن على هذا..
«ليس هذا هو الاردن».. ما زالت هذه العبارة التي أطلقها الملك في خطابه الشهير بجامعة مؤتة في الصيف يتردد صداه وما زالت مبررات القول قائمة حين نرى اعراضا سلبية في الاداء العام وفي انفاذ القوانين وفي عدم القدرة على ضبط الايقاع العام بأداء يمكن قياسه والمحاسبة عليه في نواحي عديدة يمكن ضرب أمثلة عديدة عليها.
نحن الان أمام مرحلة جديدة هكذا يجب أن يكون مرحلة تكون فيها الدولة أكبر من الجميع وللجميع، ولا يستطيع أحد أن يتجاوزها أو يتطاول عليها بمعرفة أو بدون معرفة.. ما حصدناه نعيشه والمطلوب تطوير قدراتنا لتتناسب مع طموحاتنا ومع مصالح أجيالنا القادمة التي ستعاني الكثير ان لم تجر الأجوبة على كثير من الأسئلة.. لنخرج من دائرة المراوحة وتضارب الاجتهادات.
لنجسر رؤيتنا وواقعنا وحصيلة ما أدركنا في تصورات وطنية تتوافق عليها الأغلبية حتى لا نظل نعيش حالة ما بين استمرار الجلد الذي يضعف وما بين ادعاء الانجاز الذي قد لا يكون كافيا لجعلنا نسير الى الامام بثقة..
مدعون الان وليس غدا وفورا الى تطوير توافقي عريض في دور الملكية ومسؤولياتها الدستورية وعلى رأسها ضمان التعددية والديموقراطية..لسنا بحاجة الى الجدل في ذلك فقد حسم الملك الأمر بالموافقة على ذلك وهي مسألة كانت تتوقف على موافقته فوجدناه يسبق الجميع وينتزع المبادرة كذلك.
ومطلوب أيضا تعميق فهمنا وممارستنا للعملية الاصلاحية لتعزيز منظومة الحريات وترسيخ الفصل بين السلطات والخروج باجراءات عملية ناظمة ومحققة لذلك.
لقد سمينا أشياء عديدة في الفترة الماضية ووضعنا الكثير من العناوين وتوافقنا على الكثير وجادلنا في القليل وأشرنا بوضوح الى مواقع الخلل ورأينا أن الإصلاح وسيلة لا بديل عنها لادراك الافضل في حياتنا الوطنية. والمطلوب ان تكسى العناوين بالعمل كما يكسى العظم باللحم ليستقيم الجسم الوطني ويقوى.
الخطاب الملكي أعاد التذكير بما أنجز وبما علينا أن ننجزه وقد فتحت الآفاق. وهو لم يقفز عن الواقع ولم يطرح تمنيات يصعب الوصول اليها ولم يبع أشياء لا يمكن التعامل معها ولكنه كان واعدا ومبشرا وباحثا عن قدرات تمكننا من الاسراع وترجمة ما تحقق في الحياة العامة لمزيد من الرضى العام..
ما زال امامنا مشوار طويل لوضع الاردن في مسارات السلامة والاستقرار والتقدم والذين ينكرون ذلك انما يستعجلون قطف ثمار لم تنضج بعد او يستعجلون النزول عن» أُحد» علينا الصبر أكثر والعمل أكثر فقد نجحنا في الخروج من عنق الزجاجة ومما كانت ترجمته حرائق في كثير من عواصمنا العربية وعلينا تقييم التجربة مجددا لأننا ما زلنا نملك رؤية الخلاص والوصول والإنقاذ في وقت غاب ذلك عن الكثيرين..
لم تكن المرحلة الماضية سهلة ولا ميسورة وقد دفع بعضنا ثمنها وما زال وهذا البعض هو الاغلبية في حين كان الصبر منذورا للخلاص في كل ما كان يعيق او يختصر طموحات الاردنيين وحرصهم على مستقبلهم..
ما قرأته في الخطاب الملكي أنه أراد إعادة تصوير الواقع وجرد حساباته والتبصير به والدعوة لاستمرار التراكم عليه فما زال أمامنا عمل كثير والأفضل أن نلتفت الى الوراء أو نعاود الجدل فيما لا نتوافق عليه ويمكننا بما توافقنا عليه وحققناه ان نحافظ عليه ونطوره حتى لا نفقده وسط اجتهادات متضاربة والأصل أن نواجه مواقع الخلل والاضطراب وغياب انفاذ القوانين وتطبيقها لتحقق العدالة وتكافؤ الفرص وذلك خير من كلام كثير قد يكون الواقع تجاوزه بعد ان لم يثبت جدواه.
الخطاب يشكل نقطة سواء في أخر السطر او للدعوة للبدء بسطر جديد.. المهم أن نبدأ ولدينا الشجاعة والارادة على مواصلة تجاوز الأخطاء..
alhattabsultan@gmail.com
سلطان الحطاب/خطاب العرش.. نقطة أول السطر
15
المقالة السابقة