لم يعد سرا أن خلافا سياسيا مستعرا بين المملكة السعودية والولايات المتحدة الأمريكية في شأن قضايا الشرق الأوسط من العراق إلى سورية إلى مصر إلى فلسطين إلى اليمن إلى البحر الأحمر والخليج العربي.هذه الخلافات ظهرت في معظم الصحافة الغربية الغرديان البريطانية، وكذلك جريدة التايمز، وفي أمريكا على كل الصحف الرئيسية وبعض المجلات المرموقة كمجلة الفورن بولسي، والعديد من الصحف العربية الموثوقة فيما تنشر. تصريحات الأمير بندر المسربة عن زيارته لموسكو مثار دهشة عند الكثير من المتابعين، وتصريحات الأمير بندر أيضاً أمام مجموعة من السفراء الأجانب في حضرة السفير الفرنسي ومؤداها ” أن هناك إمكانية أن تتحول السعودية إلى حلفاء آخرين غير الولايات المتحدة الأمريكية مشيراً إلى تأثر صفقات التسلح والنفط ” يعقبها تصريحات الأمير تركي الفيصل في شأن هذه الخلافات السياسية بين قوتين الأولى عربية إسلامية والأخرى أمريكية أوروبية.
(2)
إذا كانت مجلة “الفورن بولسي” قد طرحت سبعة سيناريوهات كارثية بالنسبة لأمريكا في علاقاتها أو” إغضابها ” للسعودية ” فمن حقنا أصحاب القلم المهتمين بحال أمتنا العربية ومن ضمنها السعودية بصفتها الأكبر عربيا من حيث المكانة الاقتصادية والروحية والمجال الحيوي، أكرر، من حقنا مناقشة سيناريوهات بهدف سد كل الثغرات التي يمكن اللوبي الصهيوني إثارتها على كل الصعد بهدف النيل من المملكة وإخضاعها لإرادة السياسة الأمريكية. من هنا نقول إن على القيادة السعودية أن تبادر إلى سد الذرائع بنهجها سبيلين أحدهما خارجي والآخر داخلي:
1 ـــ على مستوى الخارج: نريد التأكيد على أن بعض التحالفات الجارية على الساحة العربية بين السعودية وبعض الدول العربية في تقديري غير مجدية لأنه سيقابلها تحالفات قد تكون مساوية للتحالفات السابقة من حيث القوة أو أشد قوة، ومن الأفضل لأمتنا العربية ومنطقة الخليج على وجه التحديد الابتعاد عن التحالفات الثنائية أو المتعددة والاتفاق مع جميع الأطراف على العمل لتحقيق أهداف مشتركة غاية في الأهمية. الأمر الثاني تجميد إن لم يكن حل كل الخلافات الثنائية أو المتعددة في أي شأن من شؤون أمتنا. أن الجلوس حول دائرة مستديرة لكل أصحاب الرأي من النخب السياسية الخليجية لدراسة ما يجري في اليمن والسودان ومصر وسورية والعراق ولبنان ضرورة ملحة أمنية وسياسية لكل دول مجلس التعاون. أن الاستقطابات القبلية أو الطائفية التي تمارسها بعض دول مجلس التعاون في اليمن أو سورية أو العراق أو الصومال أو البحرين أو غير ذلك لم يعد عاملا مؤثرا في تحقيق الأهداف السياسية بل ينكأ الجراح لأن مطالب القبيلة أو الطائفة لا تنتهي وليس لها حدود وبالتالي لا جدوى من تلك الاستقطابات. إن الحل الجذري لتلك المطالب هو المطلوب.
إن التلويح بمواجهات سياسية واستبدال حليف بحليف في مراحل التحولات السياسية الداخلية في أي مجتمع أمر غير مستحسن وقد يعود بالضرر أكثر من النفع. لم أخف موقفي في أي يوم من الأيام من أن الاعتماد على الولايات المتحدة الأمريكية كقوة وحيدة في أي شأن من شؤون أمتنا خطأ سياسي كبير، أمريكا التي أعطيناها أكثر مما تطلب منا، اليوم تتجه نحو تحالفات جديدة في المنطقة تشمل إيران والهند وباكستان يساندها الدب الروسي، والصين تترقب دورها القادم من وراء البعد الكثيف ونحن العرب ما برحنا نشكل محاور ضد بعضنا البعض. النفط يجب اعتباره رأسمال تتحكم الدولة المنتجة في كمية إنتاجه وتحديد سعره كما تفعل الدول المستقلة في إنتاج موادها الأولية سواء من القمح أو البن أو غير ذلك من المواد الأولية.
2 ـــ على مستوى الداخل: الدول العربية جميعها لا تخلو من سجناء الرأي إلا ما ندر، والسعودية ليست استثناء من ذلك، ولمواجهة رد فعل تطبيق أي بند من بنود السيناريوهات التي أوردتها الفورن بولسي الأمريكية آنفة الذكر فلابد من تحرير أصحاب الرأي الذين لم يشهروا سلاحا في وجه النظام، وتقديم منهم غير ذلك لمحاكمة عادلة شفافة مشهودة وتنفيذ ما يصدر من أحكام عليهم أو العفو العام.
حق المرأة في قيادة السيارة، إنه حق يتمتع به كل نساء العالم وقد أفتى الكثير من العلماء في السعودية بأن قيادة المرأة للسيارة ليست محرمة دينيا كما صرح بذلك عدد من القيادات السياسية من الأسرة الحاكمة في البلاد، فلماذا لا يغلق هذا الباب مرة وإلى الأبد بمنح المرأة ذلك الحق ولجم كل الأفواه التي تنعق بتلك المسألة.
الفساد إمبراطورية عالمية وليس هناك دولة من دول العالم خالية من الفساد والمفسدين والمملكة ليست استثناء أيضاً وقد توالت التصريحات في هذا الشأن من قبل قيادات صانعة للقرار في البلاد محذرة من مخاطر الفساد. المطلوب في هذه الحالة جلب كبار الفاسدين إلى ساحة القضاء العادل النزيه ليشهد محاكمتهم الخلق ويجازون بما يستحقون إن خيرا أو شرا.
آخر القول: المملكة في حالة تحولات سياسية واجتماعية كبيرة، وتواجه تحديات خارجية خطيرة تحتاج إلى جبهة داخلية متماسكة جذرها الاستجابة للمطالب العادلة وجوار مساند مترابط تسوده المودة والمساواة والاحترام المتبادل.