بعد الحربين العالميتين انتفض الالمان واليابانيون على ظلم وإذلال دول الحلفاء لهما وبعد اقل من ثلاثة عقود تحولوا من شعوب مكبلة باتفاقيات تتلقى المنح والمساعدات التنموية الى رأس الهرم المالي واصبحت اليابان والمانيا في المرتبتين الثانية والثالثة اقتصاديا وماليا على التوالي، واصبحت الفوائض المالية تمول الموازنة الامريكية لسنوات قريبة ذلك على شكل شراء السندات الامريكية، حتى اصبحت الولايات المتحدة صاحبة اقوى قوة عسكرية واكبر دولة مدينة في العالم، ويتجاوز الدين العام الناتج الاجمالي الامريكي، والثابت انها تسير من قاع الى آخر دون بوادر حقيقية للافلات مما لابد منه وهو التخلي عن قمة الهرم الاقتصادي العالمي ولو بعد حين.
هذه المقدمة وان كانت تتحدث عن دول عظمى فأن هناك دولا اصغر حجما وتأثيرا تتقدم بسرعة مذهلة في كافة القطاعات منها كوريا الجنوبية والبرازيل والهند، وربما تبرز دول اوروبية صغيرة كانت ضمن منظومة الاتحاد السوفياتي منها سلوفينيا التي تحرز تقدما مهما، وتعتمد على كفاءة الموارد البشرية والتفاني في العمل وتوظيف مرفق العلوم والتكنولوجيا، لذلك تعيش شعوب تلك الدول برخاء ممزوج بعمل واجتهاد موصول، وخلال عقدين مضت انتقلت تلك الدول من نموذج تنموي محدود النمو الى اقتصادات مهمة يشار اليها بالكفاءة باعتبارها من التجارب التي تحتذى.
اما في المنطقة العربية فان الاوضاع المالية والاقتصادية والاجتماعية مؤلمة برغم وفرة الموارد المالية والبشرية وكافة مستلزمات ومتطلبات نهوض حقيقي يعود بثماره على شعوبها، ففي دول الفائض المالي العربي تعاني معظم شعوبها من توفير المسكن، وبعضها الآخر تجد ثلث مواطنيها مقترضين لو تم تطبيق القانون عليهم تجد معظمهم مطلوبين لاصدار شيكات بدون رصيد، وكل مواطن يخدمه اثنان من الوافدين برواتب في كثير من الاحيان لا تصدق جراء انخفاضها، اما الحريات وحقوق الانسان هي امراض مسكون عنها من دول ومنظمات دولية تعتبر نفسها صاحبة ولاية الانسانية وحياة كريمة للانسان.
اما في دول عربية اخرى تعاني من نقص الموارد كما تدعي او تروج لشعوبها ولغيرها نجد الف قصة وقصة نجد فقرا مركبا وتباينا صارخا في الدخول، ويؤكد الباحثون انه كلما زاد عدد الاثرياء بالعشرات نجد ارتفاع الفقراء بعشرات وربما مئات الالاف، وينتج عن ذلك ضعف عدالة التوزيع في المجتمع برغم الصورة الخارجية البراقة من مبان ٍ وسيارات فارهة وفنادق وغير ذلك، ويمكن تطبيق منحى جنى الذي يقيس عدالة توزيع الاقتصاد على مواطني الدولة، وهنا يمكن ان نجد معظم الدول العربية من اسوأ الدول توزيعا للاقتصاد وثمار التنمية.
تجاوز الفشل والانتقال الى النجاح يبدأ ببناء منظومة من التشريعات والنظم تحقق الحد الادنى المقبول من عدالة التوزيع في الاقتصاد…وفي هذا السياق كان الاردن قبل عقود مضت افضل حالا في توزيع الاقتصاد والنمو بين المواطنين.
خالد الزبيدي/النجاح يبدأ بالتوزيع العادل في المجتمع…
17
المقالة السابقة