عروبة الإخباري – بمناسبة الذكرى العاشرة لرحيله، استذكر الناقد فخري صالح ود. فيصل درّاج، أهمية المنجز البحثي والفكري للمفكر الفلسطيني-الأمريكي الراحل ادوارد سعيد، في ندوة أقيمت بدارة الفنون.
واستعرض صالح في كلمته: «لقد شغل السؤال عن نظرية نقدية عربية عدداً من النقاد والباحثين العرب، وتردد الكلام كثيراً على إمكانية وجود نوع من المزاوجة بين الموروث النقدي والتيارات النظرية في النقد المعاصر، الذي يصدر من قلب المركزية الغربية. ولا شك أن انشغال النقاد العرب بسياسات الهويّة واقتصاد المعرفة، ومن ضمن ذلك استيرادُ النقد والنظرية بالطريقة نفسها التي تُستَورد فيها السلع الاستهلاكية، وكذلك باحتدام الصراع بين المركز الغربيّ والعالمين العربي والإسلامي على مدار القرنين الماضيين، هو ما يوجّه الكثير من الأسئلة والمناقشات التي تتباين فيها التوجّهات بين من يرى أن النظرية عالميّة التوجه والمصادر، ومن يرى أن النقد والنظرية مربوطان ربطاً محكماً، لا فكاك منه، بشروطهما التاريخية والثقافية والحضارية التي تسم حقبةً أو عصراً بعينه. وأضاف: «كما يرى طرفٌ ثالث أن من الضروري الاعتراف بقدرة النقد والنظرية على الارتحال من مواطنهما الأصلية ليتغيّرا ويغيّرا، من ثمّ، المناخ والتوجّهات الثقافية التي وفدا إليها».
وقدم الناقد الدكتور فيصل درّاج ورقة حملت عنوان «إدوارد سعيد: نقد الغرب والبحث عن الذات»، ذكر فيها: «في كتاباته الأخيرة، وفي كتابه «صور المثقف» بشكل خاص، أطلق إدوارد سعيد، وكان في مرحلة مرضه، جملاً واضحة وملتبسة معاً، مثل: «على المثقفين أن يرتقوا إلى مصاف الأنبياء، مواجهة السلطة بسلطة الحق، المثقف اللاحترافي، الذي لا ينتظر تعويضاً أو مكافأة…». انطوت هذه الجمل، وما يشبهها، على إيمان عميق بقوة الثقافة وبدور المثقفين، وعلى نزعة تبشيرية ـ أخلاقية واضحة، تتحدث عما يجب أن يكون قبل أن تصرّح بما هو قائم، وتضمنت تساؤلاً قلقاً، يقترب من «شهوة إصلاح العالم»، التي لازمت شعراء رومانسيين كثيرين». وأكد د. درّاج أن عنصرين أساسيين قادا سعيد إلى تصوره الإنساني الرحيب، الكاره لجميع أشكال العنصرية والتعصّب وهما: تجربة فلسطيني عربي في أوساط أكاديمية أمريكية لا ترحب بـ «الغريب النموذجي» كثيراً، وتقوم بـ «اختراعه» كي تلقي عليه الصفات التي تريد.
وتابع د. درّاج: «أما العنصر الثاني، وهو يجسّر المسافة بين التجربة الوجودية والتجربة الأكاديمية، فيتمثل في «أكاديمي غريب» يرفض دوائر أكاديمية ثقافية، تسلّع التزوير وتختزل المعرفة في مهنة تناوئ الأخلاق والحقيقة. اتكأ سعيد على ثورة ذاتية، وتمسّك بذاته الثائرة وهو يقرأ غرامشي، كما لو كان في كتابات الأخير ما يفصح عن هواجس سعيد، أو كأنّ في هواجس الأخير ما يستنطق غرامشي ويضع على لسانه ما يقبل به الفلسطيني المغترب ويرضيه».