سلطان الحطاب/الآفاق المستقبلية لإدارة الدولة

هذا عنوان غطته مجموعة من الأوراق الجادة والتي جاءت على شكل محاضرات ومداخلات ومناقشة لها في ثلاث جلسات تداول عليها الدكتور وجيه عويس عن ادارة المعرفة (التعليم والعلم والتكنولوجيا) والدكتور جواد العناني عن الادارة الاقتصادية والدكتور محمد مصالحة عن الادارة السياسية والدكتور عبد القادر عابد عن ادارة الموارد الطبيعية والدكتور موسى شتيوي عن الادارة المجتمعية وقد جرى اخصاب الأوراق والمحاضرات بنقاشات جادة..
هذا المقطع من الأفكار والرؤى والمعلومات والتحليل كنا بحاجة اليه وما زلنا رغم تراكم الأوراق والأفكار والكم الهائل من التشخيص الذي جرى وما زال يجري تقديمه لكثير من قضايانا اليومية والعامة وحتى الاستشرافية والمستقبلية ويظل السؤال الذي حاولت أن أطرحه إلى أي مدى سنظل نقدم «الروشيتة» والوصفة ولا نصرفها وإن صرفت فقد تكون في غير أهدافها ودلالاتها فأين العيب؟ هل هو في المفكر أم التشخيص أم في القرار وادارته وفي تغيير الواقع عبر معالجات جادة قائمة من دراسة ورؤية وعلم..
المفكرون والباحثون واصحاب الرأي والمتخصصون يشكون أنه لا يؤخذ بانتاجهم وصاحب القرار على مختلف مواقعه يعيش أزمات ضاغطة اقتصادية واجتماعية وسياسية وربما يتسائل عن الحل وكأن هناك منطقة عازلة ما بين توليد الأفكار والاقتراحات وبين ضخها في مكونات المجتمع المصابة التي تشكو وتحتاج لعلاج ..أين الخلل اذن؟ هل هو غياب المؤسسية التي تضمن ذلك؟
المعلومات المقدمة في الأوراق لا غبار عليها وهي قائمة من الواقع وقد نختلف في طريقة العرض أو الاستنتاج أو عدم الأخذ بعين الاعتبار لعوامل معطلة أو عازلة فالمفكر قد يكون طوباوي او حالم أو يرى الأمور بحسم ولكن قد لا يراها السياسي أو متخذ القرار ولكن لا بد من اختصار المسافة ولا بد من تقديم الدواء ولا بد من الخروج من حالة المراوحة التي نشهدها في حياتنا العامة خاصة وأن الاصلاح أو التغيير لا يبدأ الا بالموقف أ والنظرة العلمية للأشياء حتى وإن كانت مكلفة وصعبة وغير شعبوية ..
وحتى لا نقول آخر العلاج الكي فإن كثيراً من قضايانا لا بد أن تجد لها حلولاً ولا بد أن نخرج من شراء الوقت والترحيل وادارة الأزمات الى الحلول مهما كانت الكلفة وقبل فوات الأوان ..ليس معقولاً أننا حتى الآن لا نستطيع أن نحل مشاكل كبيرة في التعليم ومستوياته وفي الصحة وفي السير وفي الانتاجية وفي حلول أخرى كعجز الموازنة المستمر وزيادة المستوردات وغيرها ..كثير من متخذي القرار والذين جربوه في مواقع عديدة يعرفون الخلل ويستطيعون أن يقدموا فيه تشخيصاً ممتازاً وعميقاً ولكنهم لا يغيرون حين يكونون في الموقع وحين يخرجون يشيرون الى الخلل بوضوح فأين تكمن المشكلة اذن؟
أعتقد أن مشاكلنا هي في الادارة أولاً وثانياً وثالثاً ابتداء من زراعة البندورة ومرورواً بالسير وانتهاء بالبحث عن حلول للطاقة التي نغرق بسبب عدم وجود حلول لها في المديونية التي يهدد ازديادها على الموازنة بالوصول الى الفشل..
من يوقف التداعي؟ وأين لنا بشخصية مثل «توركت اوزال» على رأي الدكتور جواد العناني وحتى ولو وجدناه هل نجد الروافع والسياقات التي توصله؟ وهل الحل فردياً أو ناتج عن غياب الفكرة أم هو أكبر من ذلك ويستدعي إعادة صياغة مجتمعنا على أسس جديدة يحتاج ادخال بعضها لحياتنا إلى شجاعة وصبر وتصميم ليكون الحل جماعياً
أمس استمتعت بالحوارات الجادة وكنت اتمنى أن تكون منقولة تلفزيونياً للجميع لما في الأوراق من قيمة كبيرة علمية وناقدة واستمتعت بإدارة الجلسات التي قام بها الدكتور ابراهيم بدران وبفضل جامعة فيلادلفيا على انعقاد هذا البرنامج الذي يتواصل من سنوات والذي يجري دعمه ومواصلته في زمن يتراجع البحث العلمي ومنسوبه عندنا كما تتراجع المنابر العلمية والفكرية والمساهمات العامة الجادة على حساب أعراض سلبية عديدة
alhattabsultan@gmail.com

شاهد أيضاً

أميركا والفلسطينيون وأزمة مستعصية (٢– ٢)* د. سنية الحسيني

عروبة الإخباري – رغم أنها تصنف الحليف من خارج حلف الناتو، إلا أن أي من …

اترك تعليقاً