اكبر تحد يواجه الدول والشركات وحتى الاشخاص هي الاستدانة واستعذابها، وان اسوأ انواع الديون تلك التي تخصص لغايات الانفاق الجاري ( من رواتب ونفقات عامة)، واقلها خطرا تلك القروض التي توظف في مشاريع استثمارية تضيف قيمة عالية للاقتصاد والمجتمع، كما ان الاقتراض من دول ومصادر لا تتيح لها قوانينها شطب جزء او كل تلك الديون، ومن هذه الدول اليابان والمانيا، اما القروض المخصصة للاستثمارات فأنها ستكون نعمة على الاقتصاد اذا تجاوزت ارباح المشاريع المنفذة قيمة خدمة الدين ( القسط والفوائد)، اما الدول التي تقترض اموالا تفوق احتياجاتها فأنها ستجد نفسها في وقت ما لا محالة امام بيع ورهن مقدراتها.
هذه العناوين المالية والاقتصادية الاجتماعية لابد منها ونحن نتابع بقلق بالغ تنامي نزعة الاقتراض العام ( المحلي والاجنبي، وبالدينار والعملات الاجنبية)، وهنا يحق لاي مراقب او باحث ان يطرح سؤالا على الجهات المختصة وهو، لماذا كل هذا الاقتراض المحلي والاجنبي؟، وكيف سيتم توظيف كل هذه المليارات التي يتم اقتراضها؟، واذا كان الهدف هو جسر الفجوة التمويلية، ما هي المبالغ المستهدفة اقتراضها خلال العام المالي الحالي 2013؟، وما هي الكلف المقدرة لهذا الاقتراض؟، وماهي خدمة الدين المقدرة للعام المالي الحالي، وللاعوام المقبلة؟، بخاصة حتى نهاية العام 2016، وهي نهاية تنفيذ برنامج الاصلاح الاقتصادي؟.
ومع انتهاء العام المالي الحالي نكون قد اقترضنا عدة مليارات من الدنانير والدولارات، من صندوق النقد الدولي، والبنك الدولي، والصندوق العربي، والاسواق المالية الدولية ( يوروبوندز)، والاقتراض من السوق المحلية بالدولار الامريكي، واصدارات سندات الخزينة ( CD )، يضاف الى ذلك المنحة الخليجية، والمساعدات الامريكية…الخ من المنح والمساعدات المتفرقة.
يقابل هذا الاقتراض عجز موازنة يقدر بـ 1.3 مليار دينار، وخسارة شركة الكهرباء الوطنية يتراوح ما بين 800 الى 1300 مليون دينار، وهذه العجوز والخسائر، تمت معالجة قسم مهم منها على شكل رفع اسعار وازالة الدعم لتقليص العجوز والخسائر، واي حسبة بسيطة تكون نتائجها مؤلمة وترتب على واقع الاردن تبعات كثيرة وتضعه بين فكي كماشة الديون وخدمتها مستقبلا في وقت باعت الدولة معظم مقدراتها في اطار الخصخصة التي نفذت خلال السنوات الماضية، اي ان هذه القروض الكبيرة هي بمثابة اقتراض على حساب مستقبل غير معروف من النواحي الاقتصادية والمالية.
بعض البسطاء يعتقدون ان هذه الديون والقروض لاضفاء نوع من الاستقرار المالي والنقدي للموازنة والاقتصاد وتمتين الاحتياطي الجاهز من العملات الاجنبية، الا ان الجواب يشير الى ان ذلك يعني رؤية احادية الجانب، وتتناسى الكلف المتفاقمة لخدمة هذه الديون التي ترتفع الى ارقام قياسية لاتتناسب مع قدرة الاقتصاد الوطني من صادرات واستقطاب الاستثمارات الاجنبية، وستضع كل اردني واردنية وحتى الاطفال حديثي الولادة سيكونون مطالبين بدفع اربعة الاف دولار امريكي على اقل تقدير …!
خالد الزبيدي/الديون بين الهدر والتوظيف
21