لا يزال صندوق النقد الدولي يبدي تحفظاته على آليات معالجة عجز الموازنة, بالرغم من إفراجه عن الدفعة الثالثة من قرضه للاردن والبالغ 285 مليون دولار .
هل كان أمام الحكومة خيارات تغنيها عن اللجوء الى الاقتراض من الصندوق,الاجابة نعم , فالأسواق مفتوحة أمام المقترضين ومنهم الاردن وربما بشروط أقل شدة , وربما من دون شروط , وبالمناسبة , فإنني أميل الى القول بأن نصائح الصندوق تصبح شروطا خلال مفاوضات يبدي فيها الطرف الأضعف قدرا كبيرا من المرونة غير الضرورية , لرغبته بتطبيق ما لا يستطيع أن يطبقه بنفسه , إذ طالما اختبأت حكومات خلف الصندوق لتمرير إصلاحات صعبة.
هناك من يعتقد أن تطبيق إصلاحات قاسية مسألة قابلة للتأجيل في ظل ظروف عصيبة , ما يقتضي تحمل مزيدا من الأعباء المالية والمخاطرة بالنظام المالي بأكمله , لكن وجهة النظر هذه تدعمها بدائل مثل تحفيز النمو بأدوات متاحة وهو ما يمكن أن يحدث في ظل إدارة إقتصادية , والاشارة هنا الى قوانين مهمة في عملية التحفيز مثل قانون ضريبة الدخل وقانون الاستثمار , وبالتخفيف من عصا الضرائب الغليظة , كي ينعم الاقتصاد بمساحة أكبر للحركة .
صندوق النقد يقترح سلة من الحلول كما يراها كأسهل الحلول لتقليص عجز الموازنة الباعث على القلق وتتمثل الحلول التي يدعو اليها ويكررها باستمرار كوصفة لا يختص بها الأردن وحده في رفع الدعم عن المحروقات والمياه والكهرباء والغاز والأعلاف وأقصى حد الخبز .
ليس صحيا أن مثل هذه النصائح ملزمة للحكومات , لكنها تصبح كذلك إن لجأت هذه الحكومات الى الصندوق كخيار وحيد , وهي غير ملزمة ليس لأنها غير صحيحة إنما لأن الأردن لا يطبق برنامج تصحيح يفرضه الصندوق بطلب من الأردن كما حدث في عام 89 , وطالما أن هناك حلولا أخرى طالما تسنى تجاوز هذه النصائح , التي كان يفترض أن تطبق في سنوات التعافي .
الصندوق كعادته يورد بعض الملاحظات والتي إن جاءت نسخة عن ملاحظات سابقة لكنها مهمة في جوانب عدة منها وفي جوانب أخرى ثبت أنها ليست كذلك وقد لاحظنا كيف عدل الصندوق من توقعاته أكثر من مرة ليس إزاء الاقتصاد الأردني إنما إزاء الاقتصاد العالمي , فبعد الأزمة المالية العالمية لم تعد هناك ثوابت , كما أن نظريات الصندوق نفسه باتت هشة .
ملاحظات الصندوق لن تكون الخيارات الوحيدة المطروحة شريطة أن ينفذ الأردن برنامجه الخاص للإصلاح والذي يتلاءم وخصوصيته وظروفه , برنامج وطني حقيقي وفعال يتلاءم مع الأوضاع الاقتصادية المحلية.
بقي أن تدخل الصندوق في سياسات الدول الإقتصادية يعني فشل الادارات الاقتصادية والمالية في معالجة الإختلالات المالية ما يعني فشلها في الوفاء بالتزاماتها وإعلانها العجز التام .
الصندوق مؤسسة مالية دولية , لا تبحث لأقدامها عن طريق الى عمق الاقتصاديات الا إن وجدت من يمهد لها هذه الطريق بفضل سوء الادارة .
qadmaniisam@yahoo.com
عصام قضماني /الحلول المالية لا تصنع نمواً
16
المقالة السابقة